مسقط في ١٧ نوفمبر /العمانية/ اختتمت سلطنة عُمان مُمثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية اليوم احتفالها باليوم العالمي للتسامح تحت عنوان “فرّقتْنا الجائحة.. فليجمعُنا التسامح” ونظّمته بالتعاون مع شبكة صُنّاع السلام الدينيين والتقليديين واستمرت فعالياته يومين بمشاركة واسعة من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
وسلّط الاحتفال في يوم الثاني والختامي على محورٍ رئيس تحت عنوان “أهمية ودور المجتمعات والمؤسسات في التخفيف من آثار جائحة كوفيد ١٩” ركّز على الجهود المحلية والعالمية للأفراد والمؤسسات في مختلف المجتمعات وشهد مشاركة واسعة من مُمثلين محليين وعالميين من جهات فاعلة مختلفة.
وقال سعادة الشيخ راشد بن أحمد الشامسي وكيل وزارة التنمية الاجتماعية في كلمة له: “يُقال في وقت الأزمات تظهر معادن الشعوب وهذا ما لمسناه خلال أزمة كوفيد ١٩ التي ألمّت بالعالم أجمع، فخلال هذه الجائحة مثّلت شعوب العالم المعنى الأصيل للتكاتف والتعاضد والعطاء، لمسناه فعلاً على أرض الواقع ومن الجميع مؤسسات وحكومات وأفراد مجتمع، فقد كان لهم الدور الأساس والمهم في التخفيف من الآثار المترتبة على الجائحة، سواء كانت آثار اجتماعية أو نفسية أو صحية أو اقتصادية”.
وأضاف سعادته أنّ تكاتف الجميع بين متطوع نزل الميدان وتطوع لخدمة المصابين بالفيروس وتسهيل إجراءاتهم، ومؤسسات تبرّعت لاستضافة المصابين والمسافرين القادمين إلى السلطنة لتكون مقرًا للعزل المؤسسي.
وأشار سعادته إلى أنّ هذه الإجراءات ساهمت في تقديم خدمة الإرشاد والدعم النفسي والاجتماعي للأفراد بمراكز العزل المؤسسي والمنزلي عن طريق خطوط الدعم النفسي باللغتين العربية والإنجليزية، كما ساهمت مؤسسات القطاع الخاص في تعزيز الاستقرار الأسري والنفسي للمجتمع من خلال ما قدّمته من تسهيلات وإعفاءات لمَن تأثر اقتصاديًا بالجائحة نتيجة الإجراءات الاحترازية التي تم اتخاذها للتخفيف من آثار جائحة كوفيد ١٩.
وبيّن سعادته أنّه تم تفعيل قطاع الإغاثة والإيواء خلال جائحة كوفيد ١٩ ليكون مسؤولا عن العزل المؤسسي للأفراد القادمين إلى سلطنة عُمان، وتقديم المساعدة والدعم لهم، وقد قام القطاع بجهود بارزة لخدمة من تمت استضافتهم بالعزل المؤسسي.
وأشار سعادة وكيل وزارة التنمية الاجتماعية إلى أنّ إجمالي مراكز العزل المؤسسي (٦١٤) مركزًا، وبلغ إجمالي الأفراد الذين تمت استضافتهم بالمراكز (٥٩٣٠٣) أفراد بين مصابين ومشتبه بإصابتهم وغير مصابين كذلك، كما بلغ عدد المراكز الاحتياطية في مختلف محافظات السلطنة (٢٩) مركزًا احتياطيًا اشتملت على (٥٣٤٦) سريرًا وغرفة، لافتًا إلى أنّ العديد ممن ساهم في خدمة الأفراد بهذه المراكز هم من المتطوعين ومؤسسات المجتمع المدني.
وأكّد سعادته على الدور البارز والمهم الذي تقوم مؤسسات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مساندة الحكومات والمجتمعات لتخطي كل أزمة قد تلم بالمجتمع، ولنا في كوفيد ١٩ وفي الأنواء المناخية الأخيرة المتمثلة في إعصار شاهين خير دليل وشاهد على تكاتف المجتمعات والمؤسسات المختلفة لدعم وحماية المجتمع بكل ما فيه ومن فيه، ونشر مبادئ السلام والمواساة والتسامح بين الجميع.
من جانبها قالت سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية وكيلة وزارة الصحة للشؤون الإدارية والمالية والتخطيط في كلمة لها: “لقد سعت سلطنة عُمان عبر تاريخها الحافل إلى تبنّي قيم التآلف الإنساني، وعملت بمؤسساتها المختلفة، ومن ضمنها وزارة الصحة على ترسيخ منظومة وطنية تجعل من قيم التسامح والتعايش هوية عُمانية أساسها احترام حرية الفرد وتمتعه بحقوقه والتزامه بواجباته”.
وأضافت سعادتها: عكفت وزارة الصحة منذ إنشائها على العمل وفق أهم المبادئ الإنسانية وهما العدل والمساواة، فكانت الوزارة خصوصًا خلال جائحة فيروس كورونا (كوفيد -۱۹) انعكاسًا لقيم التسامح والتعايش وقيم التعاون والتضامن والتكافل بين أبناء هذا الوطن العزيز ومقيميه، بمبادراتها وبرامجها بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، والجمعيات والقطاع الخاص؛ من أجل تهيئة أفضل ظروف تقديم الرعاية الصحية اللائقة.
وأكّدت أنّ الجائحة فرّقتنا جسديًا، تنفيذًا للإجراءات الاحترازية واجتمعنا وتضامنا من أجل التصدي لهذا الوباء والتخفيف من آثاره؛ لذلك انصب جل الاهتمام بالإنسان، فطوعت القوانين ووحّدت القرارات واستُحدثت الأنظمة والآليات لتعزيز مفهوم السلام وأمن وصحة أبناء الوطن والمقيمين.
وبيّنت سعادتها أنّه إلى جانب توفير العلاج بجميع مؤسسات القطاع الصحي تم توفير اللقاحات للجميع دون تمييز، وعلى ضوء الخطة الموضوعة، حيث بلغت نسبة التغطية بجرعة واحدة (٩٢ بالمائة) وبجرعتين (۸۳ بالمائة) حتى هذا التاريخ، فالمبدأ هو صحة الإنسان ونبذ التمايز.
وأفادت بأن المواقف والنماذج المضيئة في التعاون للتخفيف من آثار جائحة كوفيد ١٩ وجميع المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني أظهرت تعاونًا مشرّفًا؛ مُعمقة في ذلك مبدأ التسامح الإنساني.
ووضّحت سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية وكيلة وزارة الصحة للشؤون الإدارية والمالية والتخطيط أنّ القطاع الصحي يضم أطقمًا طبية وطبية مساعدة من مختلف الجنسيات، هدفها الأسمى هو صحة الإنسان أين ما كان وما زال؛ لذا كرّست هذه الأطقم وقتها وجهدها وطاقتها، بل صحتها من أجل صحة أبناء الوطن والمقيمين، فواصلت العمل الليل بالنهار وفي أشد الظروف قساوة من أجل إنقاذ حياة إنسان، فماذا يمكن أن يُشار إلى أفضل من هكذا نماذج مُضيئة مُشرّفة لعكس مفهوم السلام والتسامح.
وألقى سعادة الدكتور محمد بن سعيد المعمري وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية كلمة في ختام الاحتفال قال فيها: “نسدل اليوم الستار على احتفائيتنا لهذا العام بـ (اليوم العالمي للتسامح)، مؤكّدين على أنّ حواراتنا ومساعينا نحو تعزيز القيم الإنسانية المشتركة والتآلف الإنساني في العالم لن تتوقف، وستظل جهودنا مُستمرة بإذن الله”.
وأضاف سعادته: لقد أثْرَت خبراتكم وحواراتكم ونقاشاتكم ومساهماتكم العلمية جلسات هذا المؤتمر، وإنني أدعوكم جميعًا إلى أن تنقلوا ثمرات هذا المؤتمر، من أفكار ورؤى وتجارب، ورسالته التي تدعو إلى التعاون والتضامن وتعزيز قيم التسامح في الأزمات، إلى مجتمعاتكم من حول العالم.
واختتم سعادة وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية كلمته بالقول: “دعونا نضع جميعًا نصب أعيننا السلام، كهدف سامٍ ووجهة لرحلتنا في الحياة، ولنساهم جميعًا، كل منا في مجاله وتخصُّصه، من أجل نماء الإنسان ورخاء العالم”.
تضمّن الاحتفال إقامة جلسة حوارية تحت عنوان “دور المجتمعات والمؤسسات: نماذجٌ مُضيئةٌ في التعاون للتخفيف من آثار جائحة كوفيد ١٩، وركّزت الجلسة على نماذج تعكس جهود تعزيز المساواة في توزيع اللقاحات، والتصدي للمعلومات المُضللة والشائعات وخطاب الكراهية.
وشهدت الجلسة مشاركة مجموعة من الجهات الفاعلة من الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، والمجتمع المدني، والمؤسسات متعددة الأديان من أجل مشاركة أفضل الممارسات والآليات التي اعتمدوها في سياقهم المحلي لتعزيز السلام والشمول خلال الجائحة.
شارك في الجلسة كل من: آنا جيمنيز مستشارة سياسية في تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، وسيان هاتشيينسون مسؤول الشؤون السياسية في مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وسامية حق من مشروع العمل الإنساني في جنوب شرق آسيا، ومشاركة ميخائيل مارتينز أديان من أجل التطعيم، وديسو كامور الرئيس التنفيذي لمركز الشؤون الإسلامية العامة بنيجيريا.
وشهد الاحتفال فعاليات مُصاحبة تضمنت إقامة معرض “رسالة الإسلام من سلطنة عُمان” وهو المعرض الدولي الذي جاب العالم في ١٣٣ محطة، وهو مشروع وطني يسعى إلى بناء وإيصال الصورة الحقيقية عن سلطنة عُمان من خلال تقديم أنموذج حضاري في التنوع وبناء السلالم العالمي.
كما تضمن إقامة معرض “صوت الصورة – فوتو فويز” وهو معرض للصور المُعبّرة عن واقع التجربة العُمانية، كما صاحبت المؤتمر لوحة “رسالة السلام من سلطنة عُمان للعالم” وهي لوحة عمل إبداعها وتنفيذها مجموعة من الفنانين العُمانيين والمُقيمين من جنسيات متعددة، ومعرض آخر بعنوان “حملة اعمل شيئًا لأجل التسامح” وهي حملة إعلامية تستهدفُ منصات التواصل الاجتماعي لتعزيز القيم الإنسانية المشتركة.
/العُمانية/
ي ا س ر