طهران في 26 نوفمبر /العمانية/ مع بدء العد التنازلي لاستئناف المفاوضات بين إيران والقوى العالمية بالعاصمة النمساوية فيينا في الـ 29 من نوفمبر الجاري بعد توقف دام لخمسة أشهر، تتلاحق التطوُّرات والمواقف حول ملف إيران النووي.
وشكّلت زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى العاصمة الإيرانية طهران يوم الثلاثاء الماضي، نقطة انعطاف ركّزت عليها القوى الدولية في مواقفها تجاه المفاوضات المستقبلية بين طهران ومجموعة 4+1.
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي وبعد عودته من العاصمة الإيرانية وصف المحادثات مع المسؤولين الإيرانيين بأنها كانت بنَّاءة وفي المسار الصحيح، مؤكدًا في الوقت نفسه على عدم التوصل لاتفاق حول القضايا العالقة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في الأثناء، أعربت واشنطن في بيان صادر من الخارجية الأمريكية، عن أسفها لغياب التقدُّم بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، مُعتبرةً أنّ موقف طهران يشكّل “مؤشرًا سلبيًا” قبل معاودة المباحثات حول الملف النووي الإيراني في فيينا الإثنين المقبل.
بدورها أصدرت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة (الدول الأوروبية الثلاث المنضوية في الاتفاق النووي مع إيران) بيانًا مشتركًا في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعربت فيه عن قلقها إزاء تقليص تعاون إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مؤكدة أن تصرفات طهران قلّلت من قيمة الاتفاق النووي في مجال حظر الانتشار.
كما أعلنت /الترويكا/ الأوروبية استعدادها للعودة للمفاوضات النووية والوصول لتفاهم يؤدي لامتثال إيران بالاتفاق النووي وعودة الولايات المتحدة إليه.
بالمقابل ترى طهران أنّ زيارة غروسي والملفات العالقة بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوف لا تؤثر على مسار المفاوضات المرتقبة في فيينا؛ لأن عنوان هذه الجولة من المفاوضات هو عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران ولا تتضمّن المفاوضات المقبلة أي بحث فني حول برنامج إيران النووي كما يؤكد المسؤولون الإيرانيون.
وتؤكد طهران على أنّ الأولوية بالنسبة إليها هي رفع العقوبات الاقتصادية التي فُرِضت عليها بعد الانسحاب الأمريكي، وضمان ألا تنسحب واشنطن مجددًا من الاتفاق.
بكّين وصفت مواقف طهران بخصوص الاتفاق النووي بـ”المنصفة” حيث قال وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” إنّ استئناف المفاوضات النووية في فيينا وزيارة مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران “تطوُّرات إيجابية” ونحن نعارض أي خطوة “متطرِّفة” حيال الاتفاق النووي.
من جهتها أكّدت الخارجية الروسية على “ضرورة التصحيح العاجل للوضع ودراسة مقومات الموقف الإيراني تجاه الاتفاق النووي”، داعيةً إلى “القضاء على الأسباب الجذرية التي دفعت إيران للخروج على شروط الاتفاق النووي”.
قراءة المواقف الدولية من استئناف المفاوضات بين إيران ومجموعة 4+1 تُظهر تباينًا واضحًا حول الأجندة التي ستُناقشها هذه الجولة من المفاوضات، ففي الوقت الذي تلوِّح الولايات المتحدة الأمريكية باللجوء إلى بدائل عن الاتفاق، تُطالب طهران بترجمة التعهدات الغربية بالاتفاق النووي على أرض الواقع، حتى يُمكن التقدُّم بالمفاوضات خطوة إلى الأمام.
في هذا السياق يستبعد الدكتور “عماد آبشناس” الكاتب والمحلل السياسي الإيراني والخبير في الشؤون الدولية “أنْ تكون هناك أي أجندات جديدة على طاولة المفاوضات في فيينا”، مؤكدًا أنّ “إدخال أي موضوع جديد في هذه المفاوضات سوف يعقّدها ويعرقل مسيرتها”.
وفي حوار مع وكالة الأنباء العُمانية قال آبشناس إنّ “المفاوضات بين إيران ومجموعة 4+1 في الجولة السابعة سوف تبدأ من نقطة كيف سيتم رفع العقوبات عن إيران وبالمقابل كيف ستعود إيران إلى تنفيذ تعهداتها في الاتفاق النووي”.
وأعرب آبشناس عن اعتقاده بأنّ “مجموعة 4+1 تحاول عمليًا في هذه المفاوضات تقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة للوصول إلى صيغة تفاهم للعودة إلى الاتفاق النووي وتنفيذ بنوده”.
وتحدّث آبشناس عن إمكانية توقيع اتفاق مؤقت بين إيران ومجموعة 4+1 في الجولة السابعة من المفاوضات لتعزيز الثقة بين الجانبين وتنفيذ التعهدات تدريجيًا، الأمر الذي من شأنه أن يمهّد الطريق لعودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات بشكل مباشر.
وتتّجه الأنظار نحو فيينا حيث أفادت مصادر إيرانية مطّلعة لوكالة الأنباء العُمانية أنه من المقرّر أن تنعقد الجولة السابعة من المحادثات بين إيران ومجموعة 4+1 في فندق “كوبورغ” بالعاصمة النمساوية يوم الإثنين المقبل.
وأبرمت إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين، وألمانيا) في 2015، اتفاقًا بشأن برنامجها النووي أتاح رفع الكثير من العقوبات التي كانت مفروضة عليها، في مقابل الحد من أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
لكن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق عام 2018م في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب الذي أعاد فرض عقوبات اقتصادية على طهران، وبعد عام، بدأت إيران بالتراجع تدريجيًا عن التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق.
يُشار إلى أنّ الجهات المعنية بالاتفاق أجرت 6 جولات من مباحثات فيينا بين أبريل ويونيو الماضيين بمشاركة أمريكية غير مباشِرة، بعد إبداء الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن استعداده لإعادة بلاده إلى الاتفاق النووي.
وتوقفت المفاوضات يوم 20 يونيو الماضي بطلب من طهران على خلفية انتقال السلطة التنفيذية في إيران من الرئيس السابق حسن روحاني إلى الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي.
/العمانية/