إن القرآن الكريم، كتاب هداية وإعجاز، وكل علم يتصل بالقرآن من ناحية قرآنيته، أو يتصل به من ناحية هدايته وإعجازه فكله يندرج تحت مسمى (علوم القرآن)، في ضوء حياة الإنسان في هذا الكون الفسيح الذي يعج بمخلوقات الله تبارك وتعالى، وكل مخلوق له دور في دورة الحياة هذه، إلا أن الله تعالى سخّر الإنسان ومنحه عقلاً ميزه عن سائر المخلوقات خاصة في سبر أغوار القوى الكونية لتكون في خدمة الإنسانية جمعاء.
ومن المعروف أن آيات القرآن اشتملت على كل مناحي الحياة، لكن لا بد للإنسان من أن يتدبر حتى يهتدي للوصول إلى الحقائق التي سطرت في الكتاب العزيز، فمن وجوه إعجاز القرآن تلك الإشارات الدقيقة إلى بعض العلوم الكونية التي ذكرها القرآن الكريم قبل أن يكتشفها العلم الحديث، قال تبارك وتعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبيّن لهم أنه الحق ولم يكفِ بربك أنه على كل شيء شهيد)، هذا الموضوع الواسع والشامل يحتاج منّا التوقف لا للتأمل فقط، بل لدحض كل من يقول إن العلم يعرف ما لا يعرفه القرآن، وهذا محض هراء، لأن هناك الكثير من الحقائق والتي نحتاج إلى مجلدات لكشف الحقائق المعروفة أساساً، لكن اعتماداً على الدليل الذي سنعمل على تقديمه ليس للتوثيق بل لتبيان أهمية وعظمة وجمال القرآن الكريم الذي فعلاً هو هداية ومنارة للبشرية جمعاء.
لقد ذكر القرآن الكريم ظواهر الكون والعديد من العمليات الكونية الأخرى، رغم أنه كتاب هداية وإرشاد وتشريع وإصلاح، لا كتاب هندسة وفيزياء، لكن آياته المفصلة لم تخلو من الإشارات الدقيقة والحقائق الخفية لبعض المسائل الطبيعية، التي تسمّى اليوم (اكتشافات العلم الحديث)، من علوم كونية وطبية وحتى جغرافية، الأمر الذي يدل على إعجاز القرآن وكونه وحياً من عند الله تبارك وتعالى، لكن ودون أدنى شك، إن العلم هو إجماع وصل إليه العلماء كخلاصة للاستدلال العقلاني لنتائج التفكير وتحليل البيانات وغير ذلك، لكن الحقيقة التي نعتمد والمثبتة لدى كل متأمل ومتدبر للقرآن الكريم أنه حضّ على معرفة علوم الكون وحث على الانتفاع بكل ما يقع تحت نظرنا في الوجود، قال تبارك وتعالى: (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض)، بالتالي، إن ما تنطوى عليه الآيات الكونية من معانٍ دقيقة ليدل أنها موجهة إلى أهل البحث والاختصاص بصفة خاصة، وأنهم المعنيين بأمر كشفها ومعرفتها، وتقديمها للبشرية كلها.
وعندما أدرك العلماء هذه الحقيقة، بدأ تفسير القرآن يوضح تفاصيل كثيرة كانت غامضة فيما سبق، وذلك على مقتضى أصول اللغة وغريبها، وعلى قدر ما توفر إليهم من علم، ونتائج بحث طويلة، فكان لهذه الغاية شروط واضحة وهي استخدام الحقائق الدامغة لا الفرضيات والنظريات التي لم تتثبت صحتها، فهناك الكثير من الحقائق العلمية التي قدمها كتاب الله تعالى، ولكن الغرض من تقديم تلك الآيات هو إظهار عظمة الله ووحدانيته، لتكون الآيات الكونية هي الآيات المنسوبة إلى الكون الذي هو الخلق الذي كوّنه الله تعالى فكان، من السماوات إلى الأرض وما فيها وما بينهما من سائر المخلوقات ذواتها وصفاتها وأحوالها من الآيات الكونية، إن الآيات الكونية في القرآن الكريم وبحسب إجماع العديد من العلماء، يتعدى عددها الألف آية، بالإضافة إلى آيات أخرى قريبة في دلالتها من الآيات تلك، وبالطبع لغوياً لا يمكن فهم هذه الآيات دون ربطها بالحقائق العلمية الثابتة، وهو ما نسميه (الإعجاز العلمي في القرآن الكريم).
وكما يعلم الجميع أن علم الفلك هو بحث الإنسان منذ قديم الزمان في السماء للحصول على إجابات تفسر هذه المظلة الكونية التي تقف دون عُمد، وقبل كل أشكال الحداثة بأشواط، روى لنا القدماء الكثير عن من القصص عن الشمس والقمر والنجوم، ولاحظ الفلكيون الأوائل أنماط تجمعات النجوم والسدم، على سبيل المثال، ابتكر الفراعنة أدوات بسيطة للرصد الفلكي وتحديد مواقع الأجرام الفلكية، واهتموا أيضاً بالنظر الى السماء ومراقبة النجوم حيث رصدوا النجوم والمجموعات النجمية كالشعرى اليمانية والنجوم الخالدة، واهتموا أيضاً بالكواكب السيارة الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاج أبداً) وهذا أمر مشهود له فقد اعتمدوا الحساب الشمسي الذي عوَّل عليه من جاء بعدهم من الأمم والشعوب، بالتالي، وكذا لدى البابليين والآشوريين والكنعانيين والكلدانيين والسومريين وأغلب الحضارات القديمة.
أيضاً، لدينا الحضارة الأندلسية العريقة، حيث شهدت الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس حركةً ثقافيّة واسعة، تجلّت فيما تركه عُلماؤها من آثار علمية وأدبية وفلسفية، ومصنفات التراجم والأعلام والسير الأندلسية، وما احتوته هذه المصنفات من فوائد تاريخية وفكرية وأدبية وسياسية واجتماعية، وكان لها أكبر الأثر في التعريف بأشهر علماء الأندلس المسلمين ومفكريها، والذين تركزوا في قرطبة حاضرة الأندلس والخلافة الأموية في الأندلس، فهل هناك عربي من أي بلد كان أو أجنبي، لم يسمع أو يقرأ عن أبو القاسم عباس بن فرناس، أشهر علماء الأندلس المسلمين في مجال الهندسة، والذي كان مهتماً بصورة خاصة في الرياضيات والفلك والفيزياء والكيمياء والفلسفة، وهو الذي اشتهر بمحاولة الطيران، ليكون أول طيار في التاريخ، كما لابن فرناس إنجازات علمية كثيرة تاريخياً، منها صنعة الميقاتة وهي آلة لقياس الوقت، والقبة السماوية. ولأهمية هذا العالم الفذّ التاريخية، أطلق اسم فرناس على إحدى فوهات القمر، فسمّيت بفوهة ابن فرناس.
وإن انتقلنا إلى ابن البيطار، عبد الله بن أحمد المالقي، أبو محمد، ضياء الدِّين، المعروف بابن البيطار، فهو من أشهر علماء الأندلس في الصيدلة، وهو إمام النباتيين وعلماء الأعشاب، وكان قد وضع كتاب (الجامع في الأدوية المفردة) مصنفاً فيه أكثر مِن 1400 عقار بين نباتي وحيواني ومعدني، منها 300 عقار جديد، لم يذكرها أحد قبله، وكذا الفيلسوف الإدريسي مؤسس علم الجغرافيا، والمهندس ابن السمح المتخصص في علم العدد والهندسة، وابن رشد الفلكي والفيلسوف والطبيب، وغيرهم الكثير.
بالتالي، لقد كان للعرب والمسلمين في شتى العصور إسهامات في كثير من مجالات المعرفة والعلوم، فكانوا على قدر كبير من الإبداع والابتكار والإنتاج والزخم العلمي، إن كان في علم الفلك أو غيره من العلوم الأخرى، فقد بنوا المراصد ورسموا الخرائط واخترعوا الدواء وحفظوا التاريخ، فبني مرصد في حي الشماسية بمدينة السلام – بغداد، ومرصد جبل قاسيون في دمشق، وفي جبل المقطم قرب القاهرة، وهذه العواصم الثلاث كانت حاضرة لحضارات كثيرة، وعلى الرغم من أن كثير من كتّاب الغرب يحاولون التقليل من شأن العرب، لكن هناك البعض الآخر يقر ويعترف بفضل العرب ليس على الغرب فقط، بل على العالم أجمع، فمن علم العلماء المسلمين الذين استفاد منهم العرب كثيراً، المقدسي وابن حوقل وياقوت والمسعودي والطبري وابن الأثير والإدريسي وابن خرداذبة والبلاذري واليعقوبي والخوارزمي وابن الفقيه وابن رسته وابن فضلان وقدامة والبلخي والبيروني والبكري وشيخ الربوة وأبي الفداء وابن جبير وابن سعيد وابن سعد وابن فضل الله وابن أبي أصيبعة وابن القفطي وابن خلكان والصفدي وابن الخطيب وابن بسام وابن عساكر وابن طباطبا وابن بشكوالل، وغيرهم الكثير، وكتبهم لا تزال موجودة، واستفاد منها الغربيون فوائد كثيرة ونوَّهوا بها في كل فرصة، ولا أحد يختلف أن أمم أوروبا كلها أخرجت في فن التاريخ حتى اليوم كثيراً من عيار ابن خلدون واضع فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع.
يقول غوتيه: إن الشريف الإدريسي الجغرافي كان أستاذ الجغرافيا الذي علم أوروبا هذا العلم لا بطلميوس، ودام معلماً لها مدة ثلاثة قرون، ولم يكن لأوروبا مصور للعالم إلا ما رسمه الإدريسي، وهو خلاصة علوم العرب في هذا الفن، لم يقع الإدريسي في الأغلاط التي وقع فيها بطلميوس في هذا الباب، قال: من دار حول إفريقيا؟ فاسكودي غاما، ومن كشف أميركا؟ كريستوف كولمبوس، ومن السهل أن يدرك أن هذين الكشفين اللذين فاقا جميع ما تقدمهما قد تما على أيدي بحارة من العرب، وكان تحقيقهما متعذراً بدون ارتقاء علم الجغرافيا عند العرب، وتم هذان الكشفان العظيمان بعقول العرب وموادهم وأشخاصهم.
وقال بيكوردين: نشأت مكانة علم الفلك عند العرب من توسع الرياضيين منهم في الحساب؛ لأنهم اخترعوا أساس حساب المثلثات، وحققوا طول محيط الأرض، بما كان لهم من الأدوات، وأخذوا ارتفاع القطب ودور كرة الأرض المحيطة بالبر والبحر، وحققوا طول البحر المتوسط الذي قدره بطلميوس ﺑ ١٢ درجة، فأرجعوه إلى ٥٤ أولاً ثم إلى ٤٢ أي إلى الصحيح من مقداره تقريباً، وجمع المأمون بعض حكماء عصره على صنعة الصورة التي نُسبت إليه، ودُعيت الصورة المأمونية، صوروا فيها العالم بأفلاكه ونجومه وبره وبحره وعامره وغامره، ومساكن الأمم والمدن إلى غير ذلك، وهي أحسن مما تقدمها من جغرافية بطلميوس وجغرافية مارينوس، وضع له علماء رسم الأرض وكانوا سبعين رجلاً من فلاسفة العراق كتاباً في الجغرافية أعان عمال الدولة على معرفة البلاد والأمم التي أظلتها الراية العباسية، هذا إلى عنايته بالفلك، وفلكيه الفزاري أول من استعمل الأسطرلاب من العرب. وأقاموا المراصد الفلكية في بغداد والرقة ودمشق والقاهرة وسمرقند وقرطبة وفاس، ونظروا في المجسطي لبطلميوس في الفلك وعملوا جداول فلكية مدققة.
إذاً، كل هذه العلوم بتدبر وتأمل ونعمة كبيرة من نعم الله تبارك وتعالى على أمته، عرباً أو غرباً، فكل العلوم التي تذهب لصالح البشرية جمعاء، هي علوم أستطيع وصفها بأنها من خير الله عز وجل، فكل ما سبق وددت توضيح البداية للوصول إلى عصرنا الحالي في وسع هذا الكون ووسع التبحر فيه، فقد بلغت الآيات الكريمة التي تحدّثت عن مظاهر الكون والطبيعة والإنسان والحيوان والنبات ثلث القرآن الكريم، وهذا مبلغ عظيم، وقد ربط كثير من الباحثين في العصر الحديث تلك الآيات ببعض النظريات العلمية والاكتشافات التي ظهرت في العصر الحديث، واعتبروا هذا إعجازاً علميّاً غير الإعجاز البياني الذي جاء به القرآن الكريم، والذي هو الأصل المجمع عليه في الإعجاز، فالقرآن الكريم كتاب عربي مبين، ويتميّز عن الكتب السماوية الأخرى بأنه كتاب علم وعقل، وتوصف معجزة القرآن الكريم الخالدة بأنها معجزة بيانية عقلية، والقرآن يدعونا دائماً إلى الاشتغال بالعلم والمعرفة، كما في قوله تعالى: (قل انظروا ماذا في السموات والأرض).
قال تبارك وتعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق)
وفي قصة خلق الإنسان ومراحل تطوره المختلفة يقدم القرآن الكريم بياناً علمياً رائعاً، ودلائل تنطق بالإعجاز والمعجزات، لنتمعن في خلق الإنسان نفسه، والتطور الجنيني في القرآن الكريم من مرحلة الطين إلى النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى العظام واللحم ونفخ الروح كيف أن الصبغيات (الكروموسومات) تكشف أسرار الإنسان، ثم يتحدث عن أقسام الخلية: الانقسام العادي والاختزالي، قال تعالى: (ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين لعلكم تذكرون)، وإن عرجنا على الأمور الكونية الأخرى مثل النحل، فالنحل إعجاز علمي وجد في القرآن، قال تعالى: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس)، فالعسل يحتوي على الكثير من المعادن والأملاح مثل الموجودة الحديد والنحاس والمنغنيز والسيليكون والكلور والكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم والفوسفور والألمونيوم والماغنسيوم، كذا نجد تكاثر النبات، والتوازن العام الذي يتحكم في عالم النبات وعجاب حياة عالم الحيوان، وكروية الأرض وحركة الجبال أليس ذلك عجيباً وتفرد لا يمكن أن يجمعه كتاب إلا القرآن الكريم وحدة دون غيره.
هذه الإشارات الروحانية العلمية نجدها عبارة عن رسائل جميلة تدخل إلى فؤاد المؤمن لأن يقدّر نعم الله سبحانه وتعالى عليه، ويسبّح البديع على ما أبدع، فكل معرفة هذه الأمور حتى من خارج الاختصاص هي نفجات روحانية تغذي الروح والوجدان، تعطينا مفتاحاً للتأمل والتدبّر لأن نجد درر نفيسة في كتابنا العزيز، من خلال هذه الإشارات التي هي صلتنا المباشرة مع الخالق عز وجل، فهل أجمل من أن نتناول العلم على الأسس الإيمانية من خلال المزج بين عجائب وغرائب هذا الكون وبين الإيمان بوجود الله تعالى، وقدرته على تغيير الأشياء والتأمل في قدرته، فقبل قرن من الزمان، كان الكون يبدو أصغر من الآن بكثير. فالكثير من علماء الفلك كانوا على قناعة بأن الكون يتألف من مجرة “درب التبانة” ليس إلا، وهو تصور تغير في عام 1923، عندما شيد عالم الفلك الأمريكي إدوين هابل مرصداً على قمة جبل ويلسون في ولاية كاليفورنيا، ووجه تلسكوب المرصد صوب دوامة حلزونية غامضة متألقة، تبدو من بعيد في السماء حالكة الظلام، وكان يُطلق عليها – وقتذاك – اسم سديم “المرأة المُسلسلة”، ففي ذلك الوقت، لاحظ هابل أن تلك الدوامة، أبعد من أن تكون جزءاً من “درب التبانة”، وأنها ليست مجرد سديم، بل تتألف من تريليون نجم، وتبعد 2.5 مليون سنة ضوئية عن الأرض، وذلك بجهود بحثية كانت قد قامت بها في السنوات السابقة لذلك، عالمة الفلك الأمريكية هنريتا سوان ليفيت، دون أن تحتاج حتى، ولو لتلسكوب واحد، كانت هذه السيدة جزءاً من مجموعة تتألف كلها من النساء، وتعمل في مرصد كلية هارفارد الأمريكية. وعُرِفَت هؤلاء النسوة بمجموعة “العقول الإلكترونية”، ونجحن في اكتشاف عشرات من الكويكبات والسدم والمستعرات، وكذلك آلافا من “النجوم المتغيرة”.
وتقول ويندي فريدمان عالمة الفلك والفيزياء الفلكية في جامعة شيكاغو: “لقد تغير تصورنا عن الكون بالكامل، نتيجة لما اكتشفته هذه السيدة”، الكون الذي يتمدد.
أذكر في طفولتي برنامج كانت محط اهتمام من بلدي الكويت، وكنت أشاهده يومياً على تلفزيون دولة الكويت، بعنوان (روعة الخلق) فيه من الحكايات العلمية الكثير، وفيه من التأمل في عظمة الخالق الأكثر، نمّى فينا التذوق الفكري والتأمل والانبهار أمام كل إعجاز يطرحه، بنفحات إيمانية وروحانية قريبة من قلب كل من يشاهده، كبيراً كان أم صغيراً، حتى موسيقى البرنامج لم تكن عادية، كانت تتغلغل بعمق في دواخلنا، بنظرة سريعة نجد الكثير محيط بنا من روائع الخالق، هذا ما تربينا عليه، وأتمنى أن يكون لأولادنا ذات الاهتمام برعاية متخصصة من الدولة والمدرسة والأسرة، فكم من العلماء العرب والغرب كما ذكرت آنفاً اهتموا بنشأة الكون وتطوره، فلدينا في عصرنا الحديث العالم الفيزيائي العراقي الكبير محمد باسل الطائي المتخصص في نظرية المجال الكمي ونظرية النسبية العامة وإرثه الكبير الذي هو محط اهتمام كل العالم، الذي ساهم بجهد كبير في تبسيط الفيزياء وبالأخص العلوم الكونية وتقديمها لخدمة ثقافة الناس وتطوير وعيهم وأسلوب تفكيرهم، وهو فخر لكل عربي، وغربي على حدٍّ سواء.
بالتالي، بالعودة إلى أصل الموضوع، إن الإعجاز العلمي هو استجلاء الإشارات النصية العلمية للآيات الكونية التي هي بين أيدينا، فقد انطوى القرآن العظيم على آليات البرهنة والوجدان في توضيح المنهج الإلهي وسننه الحكيمة، ومن تلك الآليات ما زخرت به آياته الكونية وفرائدها العلمية تؤكد حقيقة ما تم توضيحه إذ تتواصل عملية الربط بين علة الإعجاز الخفية ومعلوله وهو استنباط المعنى تفسيراً وتأويلاً، فلو اطلع الملحدون على هذه الكمائن الإعجازية لعرفوا أن آخر اكتشافاتهم العلمية صيح بها قبل ألف وأربعمئة سنة في جنبات صحراء قريش في جزيرة العرب، أما ثوابتها القرآنية فهي مستلّة من مضمونات آي الذكر الحكيم، من ظواهر فلكية كالخسوف والكسوف أو التغيرات الفيزياوية الأرضية كالبراكين والزلازل أو النظام التعاقبي لليل والنهار والشمس والقمر أو الحركة الكونية العامة للأفلاك والكواكب والعدادات الفلكية، والجذب الكوني العام بالترابط المحكم بين النجوم والشموس والمجرات والكواكب، فـ (لا إله إلا هو الحي القيوم).
هذه العلوم على كثرتها، كما أشرت عندما تتأمل وتتدبر ستفهم عظمة الخالق فيما خلق، العلم مهم ورسالة الأنبياء حضت على العلم، فهذه الإشارات الكونية هي رابط متين بين الإنسان وخالقه، ولا يزال العلم يتطور ولا يزال القرآن الكريم يملك من الإعجاز العلمي الكثير، ففي كل آية دلالة، وفي كل عقل، هندسة ربانية سخرته لاكتشاف المزيد.
*د. عبدالعزيز بن بدر القطان – كاتب ومفكر / الكويت.