الى امرأة من خيال العمر مرّت عبر مسامات اللحظات وتركت سكين أنفاسها تطبع بصماتها على اوجاعي.
كضبابٍ يَحتضِنُ المساحاتِ تَجوبينَ أوردتـي، مُعرشِةٌ في أقبيةِ الروحِ تَتسلّقينَ عُروشَها، لا يقظةَ تزحزحُكِ… لا غياهبَ منامٍ تَنتزعُكِ؛ تَتكاثرينَ في دمـي، تَنتزعينَ الأمكنة، تَتوالدينَ في أشيائي، تنضجينَ بلا أوانٍ، تَتسعينَ كخيالِ حلمٍ يُحاولُ الخروجَ من قمقمهِ وتَعبثينَ كرغبةٍ مَكبوتةٍ في جنونِ ليلٍ.
أعترفُ بأنَّ خصلاتك السوداء عَزَفتْ ألحانَ صبحٍ في مساماتـي … وضيعتُها.
اعترفُ بأنّ عينيكِ أيقظتْ أزمنةَ التمردِ في حروفي وفجّرت كبرياء الكلمات على الأسطر… وضيعتها
أعترفُ بأنَّ شفتيكِ غَزَلتْ امطارَ اللذةِ في يبابِ صحرائـي فاخضوضرت … وضيعتُها.
اعترفُ بأنَّ ما بين سحرِكِ ونحرِك خرائطي ارتَسَمتْ، ومساحاتٌ متوحشةٌ التهمتنـي… وضيعتُها.
اعترفُ بأنَّ ما تمنحيني مساءً من بساتين ضوءٍ، وقرابينِ عشبٍ اسكرتنـي … وضيعتها.
اعترفُ بأنَّ غيمَ موائدِك ينفثُ انفاساً حرّى أمطرتنـي … وضيعتها.
اعترف بأن مفاتيحَ ابوابِكِ بألفِ لغةٍ سحَرَتني … وما فتحتُها، وضيعتها.
اعترفُ بأنَّـي وجدتُ فيكِ مرايا حكاياتٍ، طقوسَ تعاويذٍ، اسرابَ ازمنة تشبهني … وضيعتها
اعترفُ بأنَّـي أول الغزاة الذين فكّوا شفرات اسرارك وفشلتُ في انهائها.
مهلاً …
دعينا لا نفتحْ ذاكرةَ الجرحِ، لا نَتَوغّلُ بتفاصيلِ البوحِ، لا نظلمُ انفاس الصبح، لِما اقترفنا…
دعينا لا نتعّرى.
دعينا، نُطعِمِ المساءاتِ لحنَ شمعٍ وقرابينَ طفولةٍ لم تغادرْ فناراتها منذ خمسين عاماً.
دعينا، نشربْ ما بقـيَ من نبيذٍ عتيقٍ على طاولةِ الأمسِ؛ لنُطلقَ أسرابَ النورسِ لجزيرةِ العشبِ.
دعينا، نرقصْ بين السطور حكايةً، لا تتسعَ لها صفحاتُ الازمنةِ، لتَسكر خطواتنا بخمر اللحظة، ونترك مواسم جلد الذات.
دعينا، نتجرّدْ من اطنانٍ من المواريثِ الفارغةِ، ونرقصُ..
نرقصُ حتى تُنبتَ اجسادُنا سنابلَ قمحٍ وحتى نحلّقَ بدون ظلٍ فوقَ صحارى عقولٍ من رمالِ العرفِ المتهرئ.
دعينا … نغزلِ الاحلامَ بعد ضياعها فوق جماجم الأمنياتِ؛ لتُولَدَ قصائد لم نلمس حروفها من قبل.
دعينا نسرحْ، نمرحْ؛
لنُعيدَ للأشياء بكارتها، ويكون حضورك بطعم مساءٍ ندي وأكون يقظة حروف تطهرت بمياه فكرة.
بعد فوات الأوان سيدتي، وبعد ما اسدلتْ الفصول ستائرها لا أجد عزاءا في خريف العمر سوى الكلمات التي تحرك ذاكرة الأشياء، وتفجّر براكينا نائمة، توقظ احاسيسها لتتدفّق في نبض أتعبه الصمت والحنين، ولأكتبَ اعترافاتي للامس البعيد، الذي يلازمني كظلي.
لسنوات اتعقبُ ظلكِ دونما تشعرين، أقرأك من بعيد بكل حالاتك وكل يوم اعود حزينا تارة، ومبتسما تارة أخرى اردد بداخلي كم احببتك، بل كم لازلت احبك ومتى ستغادرين محطاتي، هل سأبحث عن طريق اخر سواك وانتِ التي لازلت تتمددين في مساحات روحي.
لسنوات وانا أُبحر في عالم خصصته لك، انا لا أقول هنا إني لم اعرف سواك من النساء ولكنك الوحيدة التي لم أستطع ان اجعلك تغادر عوالمي فأبقيتك اعاصيرا أتحطم عليها حينا بعد حين بجنون مطلق، وإصرار قلما يتواجد مثله في طيات سنيني الماضية… والاتية أيضا!
كالمجنون أكلم نفسي، بل أكلمك فانت حاضرة في جميع اشيائي، ولازلتُ استرجع كل تفاصيلك بذاكرة حذفت كل شيء سواكِ، أتعرفين لازالت اثار لمساتك على جسدي ولازلتُ أستنشقك في كل زاوية ومكان وكأنها قبل لحظات، لازال قلبي يشعر بتلك الاحاسيس للأيام الخوالي وكأنني في سن العشرين، هههههه والستين عاما على بعد خطوتين او ثلاث ورغم ذلك يلازمني شعور العشرين، ألا تعتقدين بأني مجنون حقا او بدأ العزف لسمفونية الخرف لرحلتي.
رحلة رافقني فيها الندم مُرْغَماً حيثما ذهبتُ، كم أكره رفقته فهو كشخص نمّام، كما انه لا يشعرني بزهو تضحياتي الغبية التي قدمتها للأخرين ولم تحفظ، رحلة اكتشفت بنهايتها كم كنت غبياً وانا اكابر وفي اخر المشوار اجدني اقلّب سنينا من وجع الذكريات واقف عند عتبة السراب أحاول ان امسك بعضا من خيالاتك فتنزف خطواتي دون الوصول اليك.
هل تعلمين إنني اتحدث اليك كالممسوس، اراك تجالسيني حينا ومن بعيد اراني اطل على عالمك حينا اخر، وكلما اشتقت ان اجلس وحيدا معك او استنشق عبيرك اجلس آخر الليل على مسطبة قديمة عند شط العرب واتحدث عما يختلجني، كنت كما انا دائما أُحدّث الشط عنك فهو مثلك يسير باتجاه اللاعودة وانا اعود دائما اليك.
الليلة اتسلل الى الغرفة الأخرى لأكتب ما لم اكتبه عنك لا لأتحدث الى الشط عمّا اختنق فيه منك، وانا اخطو عبر الممر الى الغرفة الأخرى اتعثر بآلاف الاحداث والكلمات والمشاعر استطرق كيف سأجمعها على الاسطر، كيف سأفرز هذا الكم الهائل من الاحداث؟ كيف سأغزل منها سمفونية هواك وانا ممزق بكل حرف وحدث.
الليلة أحاول ان اتجرد مني وانغمس عميقا عميقا فيك واعلم ليس هناك معنى لتجردي فلم يبقى من مني شيئا فكلي انتِ ….
ولأني تلاشيت على الصفحات والاسطر بلا ذاكرة لأكتب حروفي الأخيرة واعترف بخطيئتي لعلني أكفّر عما اقترفته في ازمنة الوهم وازمنة الحلم
فأنا يا سيدتي سعيدا جدا بك، وبكل ما جرى
ولازلت احلم ببراري عشبك تطوي جسدي واستنشقك حد الموت وسعيدا اغادر وانا بأحضانك
أ. وفي العامري