الشارقة، في 23 نوفمبر/ العمانية/ تضمن العدد الـ 15 من مجلة “القوافي” الشهرية؛ موضوعًا للشاعرة الجزائرية د. حنين عمر عن شاعرات الجاهلية بوصفهن “حارسات الفصاحة”.
وقالت د. حنين في مقالها إن الــشــاعــرات الجاهليات لم يكنّ مجرد شاعرات عابرات في تاريخ الأدب العربي، أو مجرد نساء موهوبات تتردد قـصـائـدهـن في أرجاء الصحراء، بل كنّ علامات فارقة في مسيرة الشعر العربي.
وأضافت أن نصوص هؤلاء الشاعرات كان لها عميق الأثر في بناء صور متكاملة عن زمن لا نعرف عنه الكثير، وفي تشكيل فسيفساء الاكتشافات التي “ما زال الباحثون والدارسون يجمعونها قطعةً قطعة من غياهب النسيان، بحثًا عن خريطة تقودهم في عوالم كنوز التاريخ وأسرار ماضي المنطقة العربية”.
وتوقفت عمر عند البيئة التي نشأت فيها الشاعرة العربية في العصر الجاهلي، وهي “بيئة قبلية صحراوية قاسية، وغير مستقرة سياسيًّا بسبب الحروب والغارات التي كانت شائعة بين القبائل”، ولكن هذه البيئة كانت في الوقت نفسه مرعى خصبًا للشعر، مما أدى إلى ظهور عدد كبير من الشاعرات اللواتي حفظ التاريخ أسماءهن، رغم ضياع كثير من نصوصهن من المدونة الشعرية.
وأكدت عمر أن الفكرة الشائعة عن وضع النساء في المجتمع العربي القديم ليست صحيحة تمامًا، فالدارس المتعمق لتاريخ الشعر العربي، سيلاحظ عند الشاعرات الكثير من الاعتداد بالذات. وهناك أدلّة وشواهد على وجود نساء قويات اجتماعيًّا وقادرات على خوض سجالات ونقاشات ندّية مع الرجال، مثلما كانت الخنساء، بل وقادرات على إشعال حروب كاملة بين القبائل بأبيات قليلة، مثل البسوس وصفية بنت ثعلبة وهند بنت النعمان.
وحول غلبة الرثاء على نصوص الشاعرات الجاهليات، وعدم وجود الكثير من النصوص الغزلية التي تتغنى فيها المرأة بمشاعرها، ردّت د. حنين ذلك إلى أن المرأة العربية كانت تعيش الفقد باستمرار وأنه لم يكن لديها الوقت للحب، فكانت تفجع في الزوج والأخ والابن والأب، وكان لهذا الفقد تأثير كبير على نفسيتها، فكان من الطبيعي أن يحتل الرثاء القسم الأكبر من نصوصها.
ولفتت عمر إلى أن شعر الغزل عادةً ما يسيطر على البدايات الشعرية، في حين أن الوصول إلى مرحلة النضج الشعري كان كثيرًا ما يرتبط عند الشاعرة في العصر الجاهلي بفقدانها أفرادًا من عائلتها. واستعرضت الشاعرة في هذا السياق تجارب الخنساء، وهند بنت النعمان، وصفية الشيبانية، والجليلة بنت مرة.
وتضمنت المجلة التي تصدر عن دائرة الثقافة بالشارقة، لقاء أجرته الشاعرة إباء الخطيب مع الشاعر السعودي حسن الزهراني الذي أكد أن المرأة هي الحياة وليست نصفها. كما حاور أحمد الشناوي الشاعرَ الإماراتي حسن النجار الذي تمنى ظهور نقد يواكب تطوّر القصيدة.
واستطلع حمدي الهادي آراء عدد من الشعراء والنقاد حول معارض الكتب بوصفها “حاضنة الشعر ومجدّدة هُويّته”.
وفي باب “مدن القصيدة” كتبت الشاعرة سمية دويفي عن دمشق التي تَظهر “قصيدةً لم تنته”.
وتضمن العدد مقالًا للدكتور محمد زيدان عن بلاغة الموقف في الشعر العربي، وآخر للشاعر محمد طه العثمان عن الشاعر السوري محمد سليمان الأحمد الملقب بـ “بدوي الجبل”، وثالثًا للشاعر رابح فلاح عن الماء بوصفه رمز الحياة والأمل في القصيدة العربية.
وفي باب “استراحة الكتب” تناول الشاعر العراقي د. عارف الساعدي ديوان “مقام نسيان” للشاعر السعودي محمد إبراهيم يعقوب. وفي باب “الجانب الآخر” تطرق د. إبراهيم الشبلي إلى القصيدة المغَنّاة”
واختُتم العدد الذي ضم قصائد لشعراء من أجيال مختلفة، بمقالة لمدير التحرير الشاعر محمد البريكي حملت عنوان: “رفوف بأجنحة الشعر” وجاء فيها: “رفوف بأجنحة تحكي عن الشعر.. رفوف من اللغة الأخرى التي يعزفها الشعراء في حفل الكلمة وكأنها أصوات تغنّي، تتحرك في معطف الصمت، تتحدث بتلقائية عن الجسر الذي يربط بين الإنسان والكلام، فالكلام الذي يكتبه الشعراء لا يذهب مع الريح، ولا يستدعيه الموت، فهو خفيف على الروح وبكل الألوان التي تحبها النفوس لأنه غير مكرور، فهو ضيف مرئي ولا مرئي، خيط من النور يجعل الثغور تبتسم، والقلوب تهنأ، فترتاح الأرواح مع ترانيمه التي تغنّي للحياة”.
/العمانية / 174