أكد معالي الدكتور نايف فلاح مبارك الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بأن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يشكل عامل الاستقرار والتوازن الرئيسي في المنطقة ، مؤكداً بأننا اليوم نشهد الكثير من المتغيرات و الكثير من المستجدات على الساحة الإقليمية وأيضاً الساحة الدولية ولكن هناك ركيزة ثابتة ورئيسية هو مجلس التعاون الذي استطاع وعبر أربعة عقود من عمره أن يحافظ على الاستقرار في المنطقة، وأن يقوم بدور ايجابي جداً مع المجتمع الدولي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وأن يكون عاملاً ايجابياً بناءً في دعم جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب وفي تجفيف منابعه وأيضاً يمد يد العون والمساندة لجميع شعوب العالم أينما وجدت ومتى احتاجت.
جاء ذلك خلال مشاركته اليوم الأربعاء الموافق 23 ديسمبر 2020م، كمتحدث في الجلسة الرئيسية في الدورة التاسعة عشرة لمنتدى الإعلام العربي، التي يُنظمها “نادي دبي للصحافة” عن بعد، تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ، وبمشاركة أكثر من 3000 شخصية من نخبة القيادات والمؤسسات الإعلامية العربية والعالمية وكبار الكُتَّاب والمفكرين، والمثقفين والأكاديميين والمهتمين بصناعة الإعلام في المنطقة العربية.
و حول اهمية دول الخليج كأرضية صلبة للمنطقة العربية، أكد الدكتور الحجرف أن الخليج وما يشكله من أهمية استراتيجية متمثلة في كونه شريان مهم لإمدادات الطاقة ، حيث قامت دول مجلس التعاون بدور مسؤول في الحفاظ على امدادات الطاقة رغم كل الظروف خلال الأربعين سنة الماضية وعليه فلا غرابة أن أكدنا بأن هذا الاستقرار وهذا التناغم والانسجام تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية يشكل عامل وركيزة أساسية في تعزيز الأمن والاستقرار ليس في منطقة الخليج و الشرق الأوسط فقط ولكن في العالم اجمع .”
وأكد الدكتور الحجرف على موقف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الثابت والشامل والعادل والداعم للحق الفلسطيني هذا الموقف الذي عبر عنه في جميع القمم التي عقدت عبر مسيرة مجلس التعاون وبالتالي ننطلق في هذا الموقف الثابت والمبدئي من قناعة راسخة بدعم حق الشعب الفلسطيني وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن والمرجعيات المتفق عليها , هذا من جانب ، اما من الجانب الآخر, و عندما يتم الحديث عن السلام, فبالتأكيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هي من تنادي دائماً للسلام ليعم العالم أجمع وليس منطقتنا فقط، فنحن مؤمنون بأن السلام يتيح الفرصة للتنمية, ويتيح الفرصة للتركيز على بناء مجتمعاتنا, والتركيز على دعم الشباب، والتركيز على جميع الخطط التنموية التي تنعكس إيجاباً على معيشة الشعوب وهذه بالتأكيد تتطلب توفر الأمن والسلام. وبالتالي دول مجلس التعاون دائماً مؤمنة بالسلام، مؤمنة بحق جميع الشعوب في العيش بسلام، وتؤمن بأن علاقاتها تبنى من منطلق الدعوة الى السلام ليعم العالم اجمع.”
وفي هذا السياق اكد الدكتور الحجرف على الاحترام والتقدير للخطوات التي اتُخذت من منطلق القرارات السيادية لكل دولة أن تبرم ما تراه مناسباً ويخدم حقوقها أو رؤيتها الاستراتيجية وهذا حق مشروع غير قابل للنقاش وغير قابل للمسائلة . وفي نفس الوقت ذكّر الدكتور الحجرف بمبادرة السلام العربية التي قدمها الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد في القمة العربية في بيروت عام 2002 والتي اصبحت مبادرة السلام العربية فيما بعد و لازالت موجودة عند الجانب الاسرائيلي والذي للأسف تعاقبت حكومات كثيرة في اسرائيل ولكن لم تحظى هذه المبادرة بما تستحقه من اهتمام خصوصاً وأنها تعكس موقف الدول العربية مؤكدا بأن مبادرة السلام العربية خطوة استراتيجية لازالت مطروحة ترتكز على حل الدولتين وحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم المستقلة في حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، ايضا حق اللاجئين في العودة ، وكل ما تضمنتها بنود المبادرة العربية للسلام.
وعن موقف دول المجلس في وجه الاطماع والعمليات الارهابية ذكر الدكتور الحجرف بأنه ومن خلال نظرة سريعة الى مسيرة مجلس التعاون خلال اربعين عام الذي انطلق عام 1981 كانت الثورة الايرانية في بداياتها وكانت الحرب العراقية الايرانية ايضا في بداياتها، واستطاع مجلس التعاون في العقد الاول من عمره ان يتعايش ويتغلب ويتجاوز هذه التحديات الامنية المباشرة التي هددت الكيان الوليد .
وفي العقد الثاني في عام 90 تفاجئ مجلس التعاون بالغزو العراقي للكويت ودولة الكويت عضو مؤسس في مجلس التعاون وكان هذا ايضاً أول اختبار حقيقي لمنظومة مجلس التعاون ومدى قدرته على تجاوز هذا التحدي وايضا تمكن مجلس التعاون بفضل رب العالمين بداية ثم بحكمة أصحاب الجلالة والسمو من تجاوز هذه التجربة الصعبة جدا على المنظومة, وطبعا ما تلى غزو الكويت من تداعيات كبيرة استغرق وقت الى ان تم تجاوزها.
في بداية العقد الثالث من عمر المجلس افاق العالم على احداث الحادي عشر من سبتمبر وبالتالي وجد مجلس التعاون أن العالم يحمل لواء مكافحة الارهاب ووقف مجلس التعاون مع المجتمع الدولي بكل مسؤولية لمكافحة الارهاب وتجفيف منابعه واثبت بان الارهاب ليس له دين وليس له حدود وليس له هوية بل ان بعض دول المجلس تضررت من الارهاب في بعض الحوادث المتفرقة.
وبدأنا العقد الرابع من عمر المجلس على احداث ما سمي الربيع العربي, والذي لاتزال تداعياته مستمرة في بعض الدول العربية.
وعبر كل هذه المحطات خلال الأربعة عقود التي مرت على مجلس التعاون استطاع فيها دائما ان يحافظ على تماسكه واستطاع دائما ان يتجاوز هذه التحديات وهو اشد منعة واقوى عزيمة لان نظرتنا المستقبلية تتطلب الصبر والثبات وتتطلب ايضا التكاتف والتنسيق والتعاون لكي نستطيع ان نحقق ما نحن مقبلين عليه من تنمية.
فمجلس التعاون مقبل على احداث مهمة جدا، بالأمس القريب في شهر نوفمبر 2020 اختتمت رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين ورغم الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا لكن اثبتت قيادة المملكة العربية السعودية لأعمال مجموعة العشرين، الريادة ومكانة مستحقة للمملكة العربية السعودية بما تمثله من بعد وثقل اقتصادي وسياسي اقليمي ودولي.
كما ان دولة الامارات العربية المتحدة ايضا تستضيف اكسبو 2020 في اكتوبر 2021 هذه الفعالية الرائدة والكبيرة التي لها ابعادها الكثيرة ولكن نحن مؤمنون بأن دبي ستبهر العالم بهذه الاستضافة. وكذلك دولة قطر تستضيف كأس العالم 2022. هذه كلها احداث عالمية تحدث بدول مجلس التعاون في الوقت الذي تستمر الجهود لتحقيق التنمية وتسعى الى تحقيق الريادة في مجالات عدة هذه تعطي مثال لان دول مجلس التعاون تتجاوز التحديات وايضا تبني للمستقبل في نفس الوقت.
وحول دور الإعلام العربي في المرحلة المقبلة أكد الدكتور الحجرف على اهمية وسائل الاعلام بمختلف مشاربها ومختلف محاورها وروافدها معبرا عن الاحترام والتقدير والاجلال للوسيلة الاعلامية التي تحافظ على مصداقيتها وتحافظ على مهنيتها وتحافظ ايضا على رسالتها الايجابية وهي كثيرة ولله الحمد في عالمنا العربي.
وأكد على ان الإعلام الجديد بوسائله الحديثة يبتعد عن الهيكلة المؤسسية التي تتميز فيها كثير من المؤسسات الاعلامية وبالتالي هو فضاء مفتوح ولعل منتدى الاعلام العربي اليوم في دورته التاسعة عشر يسلط الضوء على المخاوف والتحديات التي تواجه الاعلام العربي بشقيه التقليدي وايضا الاعلام الجديد.
فالإعلام التقليدي بحاجة الى أن يواكب المستجدات لكي يحافظ على ريادته ومكانته, والإعلام الجديد بحاجة الى ان يحافظ على المصداقية ويحافظ على الثوابت ويحافظ على المهنية، مؤكداً بأن منتدى الإعلام العربي يسلط الضوء على مثل هذه المستجدات والمتغيرات والتي تمثل تحدي حقيقي للإعلام العربي في المرحلة المستقبلية ، فيجب ان يتنادى المهتمين في الإعلام في جميع مشاربه الى وضع الاطار الذي يحكم فاعلية الإعلام العربي في المرحلة المستقبلية خصوصاً وأننا نشهد تغيرات ديموغرافية كبيرة في المجتمعات العربية حيث تسيطر فئة الشباب على المشهد وبالتالي حتى نوعية الخبر ومدة الخبر واخراج الخبر كلها متغيرات بحاجة الى ان تسلط عليها الضوء من خلال مدارس كثيرة تهدف لدعم كل وسيلة اعلام لتحافظ على مهنيتها ومصداقيتها و في نفس الوقت تعزيز دورها الايجابي لمرحلة الإعلام الجديد.
وحول الدروس المستفادة من جائحة كورونا و عام 2020 ، أشار الدكتور الحجرف الى أن عام 2020 سيترك ذكرى وذكريات لكل شخص وإن كان هناك درس يستفاد منه فهو أننا لا نستطيع أن نواجه التحديات فرادى بل أن العالم اثبت في ظل جائحة كورونا أن العمل الجماعي بإمكانه أن يضعنا في موقع نستطيع من خلاله أن نتغلب على كل هذه التحديات. جائحة كورونا لن تكون الأخيرة و كانت درساً قاسياً غير نمط حياة الكثير وبالتالي العمل الجماعي والاستعداد لما سيتكشف من تداعيات اقتصادية كبيرة قد تتطلب اليوم اكثر من أي وقت مضى التعاون والعمل الجماعي لخدمة الإنسانية والبشرية جمعاء.”