الى جار الروح الدكتور عبد العزيز القطان
ما الذي جرى؟! أسأل نفسي منذ عشرون يوما او أكثر تتقافز في ذهني الكلمات، والأفكار ترتدي ثوب القلق، أحقاً لا يكلمني بل يرى رسائل وبتثاقل يرد بلا فعل، ولم يكن كذلك سابقاً ولا يشبهه هذا الفعل فهو كنسمة تلطّف الاجواء، لعلني اسمعته سهواً ما لا يحب، او اثقلت عليه بروحي الثقيلة وتصرفاتي المزعجة ولكنه فضاءات رحبة تتسع لعشراتٍ بل أكثر عشرات المرات من امثالي المزعجين فهو قد استلذ بالتجارب العميقة وهو ينتقل كنحلة من كتاب لكتاب ومن مدينة لأخرى ومن لقاء بمعرفة للقاء.
هكذا انا فبعدما أشعل عبد العزيز القطان في روحي من جديد السفر بين غياهب الاسطر وفجّر بين اضلاعي جذوة البوح بالكلمات يتركني تائهاً لا اعرف ما الخطيئة التي اقترفتها ولماذا لا اسمع صوته (بصمات وات ساب فنحن في بلدين متجاورين) واسأل نفسي تكراراً (ليش أبو عبد الله داير وجهه عني) فكلانا صادقان في كل ما يربطنا ببعض منذ ان التقينا اول مرة، تجمعنا الكثير من المشتركات ورغم البعد المكاني بيننا إلا اننا نشعر بدفء انفاسنا وتقارب افكارنا فلا عوائق او حدود فنحن قريبان جدا رغم اختلاف بعض الافكار او طرق التعامل مع الاحداث او وجهات النظر وهذا طبيعي جدا.
كنت خاملاً احمل في قلبي حروفاً لحلم اوجعه العابرون فتاه على حدود الأفكار الموحشة، وعلى كتفيَّ اطناناً من القصائد المعتّقة واتعثر بأفكار لقصائد قادمة، كنت اشرب قهوتي ويجادلني صمتي، فاشرب صمتي على ضجيج قهوتي، أضيء مساءاتي بجمر توقدي واعطر ازمنتي بدخان سجائري، فمنذ سنين اترقب امرأة ضاعت على الاسطر وبين الحروف وضيّعتها، فلِمَ يا عبد العزيز القطان لملمت ضياعي وفتحت نوافذ الصبح على مدني اذ كنت قد قررت ان يعود اليها الظلام.
يا أيها الذي قد دخل مدن اوجاعي متسللاً كغيوم أنبتت في الخراب اشجارا من المسك، وابعدت اشباحاً من خرافة الأزمنة، وطهرت معابد روحي من الخطايا، وقرات تعويذتك في مدني فتوالد الربيع وتفجرت انهار من العسل وانهار من تسنيم وشلالات زنجبيل وكؤوس وكافورا، فلِمَ يا عبد العزيز تريد ان تجعلها سقر لا تبقي ولا تذر، ولِمَ يا عبد العزيز تريد ان تشوه نسيج يقظة صنعته يداك، فهل يا عبد العزيز اقسمت ان تَغدوا مصبحا لتخرج من بساتينك المساكين، فمهلاً لا تعجل عليَّ يا أبا عبد الله.
يا أيها الذي أطلق العصافير في سماواتي واوقد الشمع في طرقاتي وحدثني في وحشة مساءاتي، يا أيها الذي توقد مع كلماتي وافترش الاسطر مواسياً عباراتي لِمَ تغرس الوحشة في أروقة الحلم من جديد، وتشعل مواقد الخذلان في رحم الجنان لتولد اشواك قصائد في حنجرة المعاني، لِمَ يا عبد العزيز ويا أيها العزيز قد مسني الضر وقد خرجنا لنرتع ونلعب وإني رأيتُ الشمس والقمر ورأيتَ انتَ أحد عشر كوكبا فما الذي جرى وقد ابيضت عيناي وبيدك قميص الرؤى.
أ. وفي العامري