يصادف اليوم التاسع من فبراير، يوم الصناعة العمانية، تلك المناسبة التي يعني التوقف عندها العديد من الدلالات فيما يتعلق بهذا القطاع الحيوي الذي يشكل أحد أعمدة النهضة الاقتصادية في البلاد، ويعمل كرافد حيوي ضمن روافد بناء المستقبل في مجال الرؤية المستقبلية لصناعة الحياة الأفضل وفي إطار رؤية «عُمان 2040».
الحديث عن الدلالات يقود إلى سياقات عديدة منها ما يتعلق بالمسائل المباشرة في تعزيز الناتج المحلي ورسم الأهداف البعيدة لديمومة الاقتصاد الوطني، فيما سوف تصب باقي المسائل غير المباشرة في مجمل التحريك الذي تحدثه عملية الصناعة والتصنيع في خلق التثوير الفكري والمعرفي في المجتمعات، لاسيما أننا نعيش في عصر من أبرز سماته هذا الربط الواضح بين قيم الصناعة والتحديث عامة والمضامين المعرفية والثقافية لبناء الإنسان في الحضارة الحديثة.
ماذا يعني الاحتفال بيوم الصناعة العمانية؟
إنه يعيد الذاكرة إلى بدايات النهضة الصناعية الحديثة في سلطنة عمان وكيف تطور هذا القطاع خلال عدة عقود ليصبح مفصلا مركزيا في البنية الاقتصادية للدولة، كما أنه يشير إلى المراجعات التي من شأنها أن تلفت الانتباه إلى الإمكانيات والمتحققات، وما يمكن أن ينتج على صعيد المستقبل من حيث التطوير المنشود، وهذا هو شأن مثل هذه المناسبات والاحتفالات.
إن مفهوم الصناعة في التجليات الأكثر حداثة يشير إلى جملة من المعاني في ظل عملية التنويع الاقتصادي المطلوبة والتحرر من المصدر الأحادي للدخل الوطني متمثلا في عائدات النفط، كما يشير المفهوم إلى قضايا أكثر تعقيدا تُعنى بأولويات واجبة التحقيق من عملية إحداث دور حقيقي للقطاع الخاص الصناعي في عمليات التنمية المستدامة والمشاركة الفاعلة في توفير فرص العمل ودعم المسار المستقبلي الكلي والتشاركي للنهضة المتجددة في كل أوجه الحياة الإنسانية في سلطنة عمان.
قضايا الصناعة من جانب آخر لا يمكن أن تُقرأ بمعزل عن تطوير البنية التشريعية والقانونية وتهيئة السبل الأمثل لإيجاد محفزات جلية في تطوير قطاع الاستثمار وتحفيز النمو بشكل عام في القطاعات الأخرى الصانعة للإنتاج والقائمة على تعزيز بنى الاقتصاد المتنوع المنشود.
كما لابد من الإشارة إلى قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي يُشكّل القاطرة المبدئية لقيام صناعات ذات ديمومة ومحركة بالفعل للاقتصاد الوطني، وهو النهج الحديث في عالم اليوم، بحيث أن هذا القطاع الحيوي الذي يقوده رواد الأعمال هو الذي يمكن أن يحدث التحول المطلوب بالفعل، باعتباره يعمل على تغيير أنماط الرؤى والأفكار ومفاهيم الابتكار والتجديد في الفكر بشكل عام، فالقضية كما سبقت الإشارة صارت أكثر التصاقا بالمعرفة والتدريب والثقافة المتجددة أكثر من أي معانٍ أخرى ثابتة.
يبقى تشجيع الصناعات المحلية وإحياء كل ما يتعلق بتعزيز المحتوى المحلي للمحافظات في سلطنة عمان، من المهام التي لا تنفصل عن مجمل الرؤية الكلية لفكر الصناعة العمانية في هذه المرحلة، وحيث يعني المحتوى المحلي، كل ما يتعلق بالتراث وقيم الإنتاج والعمل في بيئة معينة، وهنا لا شك أن لكل محافظة معينة ما ترفد به المجموع في تشكيل اللوحة الكبيرة لقطاع حيوي ومستقبلي، في ظل الالتزام والتمسك بتطبيق قيم العصر وبرامج الحوكمة والإدارة الصناعية الحديثة، وكل ما من شأنه أن يوجد الفرق المطلوب في أسرع مدى زمني ممكن وبكفاءة عالية وتصورات أفضل.