عاش المواطن العماني متيم بحب وطنه والولاء التام لقيادته طوال هذه العقود وشعاره الصبر الجميل حتى من القرارات القاسية في تسعينيات القرن المنصرم، والتي بدورها زلزلت كيانه وكان منها توقف الترقيات المستحقة والتقاعد الاجباري وعلى الحد الأدنى للأجور بمقدار 120 ريال عماني.
كل هذا والمواطن لا يسأل فهو يتقبل القرارات مهما كانت، وذلك نابع من ثقته بقيادته؛ ولكسر الجمود في تلك الفترة تم ولادة رؤية 2020 وغرست الأمل فيهم لغداً أفضل وكل القرارات الحكومية كانت تتخذ بحجة تحقيق هذه الرؤية.
تتغير الفصول والاحوال والناس الا سياسة الاحتكار ظلت على حالها على الرغم من القوانين والمطالبات المتكررة الا انه لا مجيب لها، ويعمل الناس والحكومة ليل نهار لتسمين هؤلاء المحتكرين سواء احتكار منتج خدمي او منتج صحي او الغذاء أو ما شابهها من المنتوجات الاخرى.
تمر قوافل الاجيال؛ جيل بعد جيل واليوم انتقلنا الى رؤية 2040 ومع وجود أزمة مالية وبطالة وترهل حكومي وضعف عام في القطاع الخاص؛ ولمعالجة كل هذا تم اقرار خطة التوازن المالي وتم اصدار العديد من القرارات الضريبية وتقليص رواتب الوظائف الجديدة وتوحيد الحد الأدنى للأجور لجميع المؤهلات العلمية والفنية الى 325 ريال عماني.
حيث كان وقع هذه القرارات كالصواعق على قلوب وعقول الاسر العمانية؛ وتم انتهاج سياسة تتالي الضربات الموجعة من جميع الاطراف الفاعلة لكيلا يفيق المواطن الا وسلسلة الضريبة والتسريح والتقاعد الاجباري مكتملة وما عليه الا أن يتقبل كل هذا بصمت.
وفي المقابل التقف أصحاب الشركات الكبرى هذه القرارات كهدية من السماء؛ ومنها الحد الأدنى للأجور حيث سارعت هذه المؤسسات في تغيير جدول الرواتب ومن لم يرض يسرح من وظيفته بحجة الازمة المالية وكوفيد19 ؛ وحتى لو كانت الشركة متربحه أصلا من الأزمة الصحية، ولكن غياب الرقابة هو الذي جعلها تستفيد من هذه القرارات.
نتيجة هذا كله نرى اليوم الكثير من العمانيين وما يعادل أكثر من 150 ألف مواطن دخله تحت خط 400 ريال عماني وأصبحنا نسمع أنين المواطنين بين زوايا المؤسسات الخيرية والمناشدات الاذاعية وبعضهم انتهج العفة وأصبح يربط الوجع بحبل الكرامة.
بعد هذه التضحيات من الطبقة المتوسطة والطبقة الكادحة نرى الحكومة تغض الطرف عن اصحاب الملايين والتعامل بكل سلاسة مع المحتكرين للسوق ودعمهم بالقانون على الطبقات المسحوقة، ولم تتدخل حتى في فرض الاسعار العادلة (كما هو الحال مع الصيدلية التي تورد للمستشفيات الحكومية الدواء والتجهيزات الطبية)؛ بل تستمر في توقيع العقود معها ومع غيرها من الشركات المحتكرة للسوق، ومواصلة استنزاف جيب المواطن وخزائن الحكومة معاً؛ والجميع يعرف بأن الاسعار تصل لنفس المنتج خمسة اضاعف سعره الحقيقي خارج الحدود.
ماذا يعنى هذا للمواطن؟؟
ولسان حاله يقول: انتهجت الحكومة في الآونة الأخيرة سياسة التوازن المالي لمعالجة الازمة المالية؛ وتم سحقي بلا رحمة وفي المقابل تدعم المحتكرين وكذلك الحكومة لم تطبق ضريبة الدخل؟؟ فلما كل هذه المراعاة للطبقة المخملية؟؟!!
المواطن يرى ويعي ما يجري حوله بحيث اصبحت المعلومة متاحه، فهو يخزن كل ما يراه وكل ما يسمعه وهذا بدوره يضعف الولاء للوطن والقيادة وهذه غاية كل عدو ومتربص بالوطن.
سلطان الحسني