— هل أقترب موعد تنظيم طاولات السفارتين في بغداد؟
— لماذا تصر الدول الخليجية على الأشتراك فيها ؟ وما علاقة التفجيرات الأخيرة ؟
مفتاح التقارب الأميركي هو العراق !.
١-الرئيس الأميركي جو بايدن ليس طارئاً على الملف العراقي. فهو يعرف أدق تفاصيله. وكذلك وزير الخارجية الاميركي الجديد “بلينكن” هو الآخر خبير بالشأن العراقي من خلال ملاصقته العملية للرئيس بايدن. بحيث عندما تقرر نقل الملف العراقي من وزارة الخارجية نحو البيت الابيض قبل سنوات طويلة و بدعم من المحافظين الجدد و اللوبي الاسرائيلي والإنجيلي أوكلت مهمة ادارة الملف ل جو بايدن ولسنوات طويلة. فكان بايدن بمثابة المايسترو الحقيقي في الملف العراقي وفي تشكيل الحكومات العراقية، والمشرف على تجديد العقود للسياسيين من الصف الاول ولفترة اخرى.فالرجل خبير في الملف وفي الشخصيات الحاكمة في العراق . وعلينا أن لا ننسى ان (جو بايدن هو صاحب مشروع تقسيم العراق) .وخلال سنوات طويلة كان وزير الخارجية الجديد بلينكن مديرا لمكتبه والمنفذ لتوجيهاته في الملف العراقي .وبالتالي هو الآخر خبير في تفاصيل وتضاريس الملف العراقي على مستوى خارطة الاحزاب والشخصيات الحاكمة، والعارف بتضاريس الفساد في العراق.ويعتبر الفساد ورقة رابحة وخطيرة بيد بايدن وبلينكن عند المساومة والضغط على القادة العراقيين في المرحلة المقبلة ،وليس العكس !.ولا يتوقع القادة العراقيين ان هناك دلالا قادما اليهم بل بالعكس هناك ” نبش” لملفات خطيرة يعرفها بايدن وبلينكن جيدا !.
وقفة مهمة :
وبالمناسبة.. أن الملف العراقي هو الملف العربي الوحيد الذي تم نقله من وزارة الخارجية نحو البيت الابيض وبقي هناك حتى الآن .وان عدم تفاعل الرئيس الاميركي الأسبق أوباما مع الملف العراقي، واكتفى بزيارة واحدة فقط للعراق لغرض القاء التحية على الجنود والضباط الاميركان المنتشرين في العراق.وذلك لأن الملف كان بعهدة نائبة بايدن ومن الالف للياء ! .تعمدنا تذكير الجميع بهذه الحقيقة لكي يعرف الجميع أهمية العراق عند الولايات المتحدة وعند الدولة العميقة في أميركا !.
٢- لهذا فأن نقطة إلتقاء الأميركيين مع الايرانيين في عهد الرئيس بايدن ستكون حيث انتهت آخر جلسة سرية في مفاوضات الملف النووي والتي كانت في العراق بعهد الرئيس أوباما وبعلم بايدن .فالعراق هو نقطة الالتقاء والتواصل المفضلة لدى الرئيس بايدن ولايمكن للشروع بالحوار بين ايران والولايات المتحدة لِما للعراق أهمية أستراتيجية قصوى حسب قناعات الولايات المتحدة والتي تعرف جيدا ان اللاعب الايراني خطير ومؤثر في العراق.
لذا…فالعواطف شيء والحقائق شيء آخر . والحقائق تقول إن الايرانيين أقوياء في العراق. لأنهم يمتلكون أوراقاً مهمة ومؤثرة في العراق .مما يستوجب عدم إهمال هذه الحقائق. وهي سر تجنب الولايات المتحدة الحرب ضد ايران. وفي نفس الوقت سجلت ايران انتصارها على الولايات المتحدة في حرب الحصار والعقوبات وباتت بعنفوانها حاليا والرئيس بايدن يعرف ذلك ويعرف ان هذا العنفوان الذي تشعر به القيادة الايرانية والشعب الايراني يحتاج تنازلات اميركية ملموسة حتى يقبل الايرانيون الشروع في التفاهمات الجديدة !.
ماذا وراء إلحاح دول الخليج بالاشتراك في المفاوضات الجديدة مع طهران !
فالمنطق التحليلي يقول ليس أمام بايدن إلا اللقاء والحوار والانطلاق بمفاوضات جديدة مع الايرانيين لتثبت خطوط الاشتباك من جديد في العراق . ولكن هذه المرة يريدها بايدن تشمل حدود الاشتباك في دول الخليج والمنطقة ايضا، وليس في العراق فقط خصوصا عندما تشابك الأمن الاسرائيلي مع الأمن الخليجي بعد التطبيع الاخير . وهذه ليست حيلة من بايدن وأيضا ليست أمراً من دول الخليج بل هناك اسرائيل التي تدفع بالخليجيين ليكونوا طرفا في المفاوضات الجديدة بين طهران وواشنطن .فاسرائيل خائفة جدا على سلامتها وسلامة أنفتاحها التجاري والاقتصادي في دول الخليج لهذا تدفع بدول الخليج التوسل لدى ادارة بايدن قبولها بحضور المفاوضات ولكن في الحقيقة ان طهران بيضة القبان في هذا الموضوع .وكل هذا هو بمثابة اعتراف اميركي وحتى إسرائيلي بأن إيران قوة أقليمية عظمى ولا يمكن تجاوزها .وان دول الخليج اعترفت في داخلها بهذه الحقيقة وعرفت أن إسرائيل لا توفر لها الأمن ولكنها تكابر من الاعتراف بهذه الحقيقة. فتحاول تأمين مستقبلها من خلال اقناع بايدن بإشراكها في المفاوضات مع الايرانيين ” وطبعا مقابل اموال ضخمة تدفع لأدارة بايدن لأن هذه الدول لا تجيد غير شراء الولاءات والمواقف. فالثروات فيها ليست من حصة شعوبها بل لحماية أنظمتها ) !.
ونتوقع في حالة قبول جلوس الخليجيين في المفاوضات الجديدة سوف تفرض ايران شروطاً مهمة ومنها :
١-سوف تطلب ايران رفع الحصار والعقوبات !
٢- سوف تطلب ايران تعويضات ضخمة عن الحصار والعقوبات التي تعرضت لها منشآتها المهمة في العراق وتعويض تعطيل بيع النفط وتعويض الخسائر الجسيمة في البورصة المالية والاقتصادية …وطبعا سوف يحولها الاميركيون على الخليجيين ليقوموا بالتعويض مقابل الاشتراك في المفاوضات!
٣- سوف تفرض ايران سوريا والعراق وحتى لبنان وربما اليمن في تلك المحادثات مقابل قبولها حضور الدول الخليجية لتثبيت خطوط الاشتباك في تلك الدول بين ايران والولايات المتحدة.
٤- وسوف تطلب إيران تنازلا أميركيا من خلال موافقة واشنطن على مرور خط الطاقة والحرير الايراني عبر العراق ثم سوريا وصولا لشواطىء المتوسط !.
فالايرانيون مفاوضون من الطراز الأول وان الأميركيين يعرفون ذلك تماما لانهم جربوا ذكاء ومكر الدبلوماسيين الايرانيين من خلال ماراثون مفاوضات الملف النووي !
هل أقترب موعد تنظيم الطاولات ثانية في بغداد؟
والحاقاً بما تقدم ….
نتوقع عودة ترتيب الطاولات ثانية في بغداد.وهنا نقصد الطاولات التي أعدتها حكومة نوري المالكي قبل سنوات وبالتنسيق مع الأميركيين والايرانيين للشروع في مفاوضات تثبيت خطوط الاشتباك والتحرك والمصالح بين واشنطن وطهران داخل العراق . والتي شرعت بها في ذلك الوقت السفارتين الاميركية والايرانية في بغداد. حيث مثل السفارة الاميركية حينها السفير الاميركي المخضرم ” رايان كروكر ” .ومن الجانب الآخر مثل السفارة الايرانية السفير الايراني في بغداد والمخضرم في الحرس الثوري ” حسن قمي” .والتي أسفرت عّن تقاسم النفوذ بين ايران والولايات المتحدة في العراق . وكانت تلك المفاوضات مدخلا لتأسيس الثقة المفقودة بين البلدين. والتي مهدت للشروع بالمفاوضات السرية بين طهران وواشنطن حول الملف النووي.
ولقد تنازلت حينها الولايات المتحدة كثيرا للايرانيين في العراق بهدف زرع الثقة للشروع في مفاوضات الملف النووي. واستغلها الإيرانيون لأقصى حدود الاستغلال داخل العراق !.وبالتالي وحسب توقعاتنا سوف تُرتب الطاولات في بغداد من جديد ،وهذه المرة سيجلس السفير الاميركي ماثيو تولر أمام السفير الايراني مسجدي وبالعكس للشروع في ترتيب قاعدة انطلاق المفاوضات الجديدة لأصلاح ما حربه الرئيس ترامب أو لتوسيع الاتفاق وجعله يشمل الصواريخ البالستية وملفات اخرى ! .نتوقع تتويج التواصل السري والجاري منذ اسابيع بين طهران ومفاوضين اميركيين تابعين لأدارة بايدن بلقاءات علنية ومن ثم الشروع في مفاوضات جديدة !
كيف جاءت مفاوضات “كروكر -قمي” نعمة لنوري المالكي ؟
بحيث ومن اجل عدم تخريب تلك المفاوضات السرية التي بدأت في بغداد قبل سنوات بين واشنطن وطهران والتي كانت عبر حوار السفارتين الايرانبة والاميركية وبالعكس تم تجديد الولاية الثانية للسيد نوري المالكي لكي لا تتاثر المفاوضات التي كانت جارية بين الطرفين في بغداد ، وكان التجديد للمالكي بمثابة مجاملة للايرانيين لكي تترسخ الثقة أكثر وأكثر بين واشنطن وطهران. لا بل غضت واشنطن الطرف عن جميع ملفات الفساد التي انتشرت وتوسعت في العراق بفترة نوري المالكي ، والتي كان للايرانيين نصيبا كبيرا فيها ومن مغانمها .وسكتت واشنطن ايضا عن الانتهاكات في مجال حقوق الانسان وتخريب الديموقراطية في العراق وقلبها الى الثيوقراطية والكهنوتية ، وتعطيل بل ايقاف بناءً العراق. كلها سكتت عنها الولايات المتحدة في سبيل أنجاح مفاوضات الملف النووي الايراني . وبالفعل استمرت المفاوضات السرية حتى أنضاجها ( وهذا ما فسره كثير من العراقيين والمراقبين بأن واشنطن تنازلت لطهران في العراق. واعطت ايران الحرية في التحرك والنفوذ والهيمنة في العراق )
والحقيقة ليست كذلك ،ولكن الايرانيين ورطوا امريكا بالمفاوضات .ولكنهم تلاعبوا بالوقت والزمن وجعلوه طويلا لكي يهيمنوا على اهم المفاصل في العراق . ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا . وهذا سر بقاء الرئيس ترامب وطيلة ولايته وهو يشتم ويذم بالرئيس اوباما وينادي بايدن بالرجل الغبي . والسبب لأنهم غضوا الطرف عن هيمنة ايران على العراق والتي كانت بعلم الرئيس اوباما وأمام عيون بايدن و الاميركيين في عهد أوباما. وبسبب سكوتهم عن الفساد الخرافي الذي قام به الساسة العراقيين والحكومات العراقية والذي ليس له مثيل في العالم أجمع !
الخلاصة :
١-هل التفجيرات الاجرامية الاخيرة في بغداد واتهام السعودية مباشرة” أي بعد دقائق” بانها وراء تلك التفجيرات هدفها أبعاد السعودية والخليجيين عن العراق وحرمان حضورهم المفاوضات المقبلة بين طهران وواشنطن ؟
٢- هل التفجيرات الإجرامية الاخيرة بداية مسلسل دموي هدفه اسقاط حكومة السيد الكاظمي وحرمانها من أن تكون لولب الإتصالات ومراحل المفاوضات التي أشرنا لها في سياق هذا التحليل والمرجح ان تكون في بغداد ..وتمهيد الطريق لمجموعات جديدة تقود حكومة عراقية جديدة للقيام بهذه المهمة وتواكب ترتيبات المرحلة الجديدة في العراق والمنطقة ؟
٣- أم أن هذه التفجيرات الإجرامية وراءها أطراف داخلية وخارجية لا تريد ان تكون بغداد مكانا للتواصل بين الايرانيين والاميركيين والشروع بعدها بمفاوضات بين الطرفين في بغداد قبل نقلها لمكان آخر ؟
إلى اللقاء إن شاء الله في الجزء الثاني..
د. سمير بن عبيد
٢٢ يناير ٢٠٢١