كان حدث عودة طلاب المدارس بشكل كامل أمس في جميع الفصول الدراسية بمدارس سلطنة عمان خبرا غاية في الأهمية عند الكثير من الأسر، حتى عند الذين لم يخفوا قلقهم مما يمكن أن يسببه الزحام في الفصول الدراسية من احتمالية نقل العدوى داخل الفصل الدراسي الواحد ومن الفصل الدراسي إلى الأسر. وفكرة الخطر تبقى قائمة ما دام الفيروس باقيا. ولكنْ خطر الفاقد التعليمي أكبر بكثير من خطر الفيروس في الوقت الحالي.
لكنّ الخبر أعلاه كان مهما في وسط اللجنة العليا ووسط المؤسسات الصحية العاملة.. إنهم جميعا بكل بساطة قد استطاعوا أن يتجاوزوا بنا مرحلة الخطر الأكبر، وبدأنا تدريجيا الدخول إلى الحالة الطبيعية أو ما يمكن أن نسميها «شبه الطبيعية». هذا إنجاز يحسب لجميع هؤلاء، كما يحسب أيضا للوعي الصحي الذي تشكل خلال السنتين الماضيتين.
أما الذين يعتقدون أن الخطر على الطلاب ما زال قائما فيمكن أن يقفوا متأملين المؤشرات الوبائية المحلية والعالمية بشكل دقيق.. كل دول العالم بدأت تسجل تراجعا كبيرا في مستويات الوباء، لا توجد دولة اليوم تسجل ارتفاعا يوميا في المؤشرات الوبائية، ما يحدث هو العكس.. وهذه المرة الأولى منذ بدء الجائحة تسجل جميع دول العالم تراجعا جماعيا في عدد الإصابات أو حتى عدد الوفيات. يعود الأمر بكل تأكيد إلى المناعة التي اكتسبها الناس من اللقاح ولكن أيضا إلى المناعة الطبيعية نتيجة إصابة نسبة كبيرة جدا من سكان العالم بالمتحور الأخير «أوميكرون» وهو ما جعل الكثير من علماء الأوبئة يتحدثون عن «تحقق» المناعة المجتمعية خلال الشهرين الماضيين من عمر الجائحة.
وفي سلطنة عمان تسجل المؤشرات الوبائية تراجعا كبيرا بشكل يومي ومن المنتظر أن نصل مع نهاية هذا الشهر إلى الحد الأدنى من الحالات المسجلة كما كان الأمر نهاية العام الماضي وبداية شهر يناير من العام الجاري، ما يعني انتهاء الموجة الرابعة من موجات الوباء، وبالتالي تحول الوباء إلى مرض موسمي ما لم يظهر متحور جديد، لا قدر الله. وبالعودة إلى الموجات السابقة من الوباء كان الوباء يشتد في منطقة ما من مناطق العالم في الوقت الذي يتراجع في منطقة أخرى، وبعد فترة تبدأ الموجة الجديدة في العالم أجمع كما حدث في الصيف الماضي وكما حدث نهاية العام الماضي. ولكن هذه المرة يبدو أن العالم يخرج بشكل جماعي من الموجة الأخيرة وإلى الأبد. وهذا يتوقف على قدرة الجميع على إدارة الأزمة في هذه المرحلة الصعبة من الوباء.. هل نستطيع الصمود والتقيد بالإجراءات إلى أن يعلن العالم تجاوز حالة الطوارئ الوبائية والرجوع إلى الوضع السابق، حتى لو بقينا نتعايش مع بعض الإجراءات لفترات قد تطول؟ الوعي الذي اكتسبه الناس يؤيد هذا المذهب ولذلك لا بأس أن نساند عودة الطلاب إلى مدارسهم بشكل كامل ويومي حتى يقللوا الفاقد التعليمي الذي سيبقى له أثر لا يسد.