لم يعد الأمر خافيًا على أحد بأن ملفي التوظيف و التسريح من العمل أصبحا من الملفات الشائكة و التي تستوجب تحركاً فعلياً جاداً نتيجةً لما ألقاهُ هذانِ الملفانِ من آثارٍ سلبيةٍ على كثيرٍ من الأسر و العوائل لفقدانها المعيل لها.
فمظاهرُ البؤسِ و الاحباطِ التي تراها على وجه أحدهم و هو يتحدثُ عن معاناتة بكلِ حرقةٍ و حسرة، و كيف تحولت حياتُهُ إلى جحيمٍ لا يطاق بفقدانه لهذه الوظيفة و كيف له أن يوفر أبسط حاجيات أسرته فضلا عن سداد ديونه و ما عليه من التزامات أخرى في ظل ارتفاع الأسعار و فرض الضرائب و الرسوم على أغلب السلع و الخدمات، وأما إن كان باحثا عن عمل فكيف غدىٰ عالةً لأهله و ليس سنداً و عوناً لهم مثلما يفترضُ به أن يكون.
ليتبادر إلى أذهاننا سؤال واحد من هو المسؤول عما وصلنا إليه من تردي الأوضاع و غلاء المعيشة؟ و أنت تشاهد إمرأةً عجوزاً قد ألجتها الحاجةُ في هذا السن الكبير أن تخرج و تفترشَ الأرضَ كي تبيع ما تجيده يداها من طبخ لبعض المأكولات الشعبية أو صنع لبعض المشغولات اليدوية البسيطة علها أن تؤمن قوت أبناءها أو أحفادها بعد أن فقدوا مصدر عيشهم الوحيد بخسارة رب الأسرة لوظيفته.
أو تلمح شابا في مقتبل العمر قد انفرد ببسطته أو عربته الصغيرة بجانب إحدى الطرقات حتى يتمكن من خلال هذه البسطة أو العربة أن يساعد والده و يحمل عنه جزءاً من المسؤولية و هو يرى أحلامه تتلاشى أمام ناظريه كسرابٍ تلاشى في وضح النهار دون أن يملك القدرة على تغيير واقعه البائس هذا.
كل هذه المشاهد المؤلمة و غيرها التي سمعنا عنها أو رأينا بعضها بأعيننا بلا شك تبعث في النفس الخوف و الريبة من القادم مع استمرار مسلسل تسريح العمانيين من وظائفهم و عدم الجدية في توظيف الباحثين عن عمل، رغم المناشدات و المطالبات المتكررة و التي تصل إلى أحيان كثيرة إلى حد التوسل و الرجاء بحل اشكالية هذين الملفين في أسرع وقت ممكن لتفادي أضرارهما الوخيمة مستقبلا إلا أن الأمور و للأسف الشديد ما زالت تراوح مكانها دون إيجاد حلول مناسبة لإنهاءها.
و أخيراً.. الباحثون عن عمل و المسرحون من وظائفهم و المطالبون بترقياتهم و المتقاعدون و أصحاب الضمان الاجتماعي وغيرهم ممن يسعون لحياة أفضل في بلادهم ما هم إلا جزء أصيل من أبناء عمان الأوفياء و تمتعهم بحياة كريمة ليست منّةً أو فضلاً من أحد عليهم و إنما هو حق مشروع قد كفله لهم القانون جملة و تفصيلا.
رحمة بنت صالح الهدابية