اليوم ، وبعد حوالي 11 عامًا من عام 2004 ، برج الناتو من حلف الناتو ليبيا وإسقاط نظام العقيد ، يبدو واضحًا حجم الكارثة التي تم الحصول عليها بالبلاد بالموارد النفطية ، وأن ما قوض عقودًا من حكم العقيد. في حين أن نهايته تتعلق بالمساواة في العلاقات الدولية والجرائم المتعلقة بها.
والثابت بشأن الصراع في ليبيا، بأنّ الأمر للأسف احتاج لوقت طويل، ودماء غزيرة كي يفهم كثيرون أن ما يجري فيها منذ عام 2011 هي حرب، أو بالأصح عدوان لكن بأدوات غير تقليدية، من الإرهاب المتعدد الجنسيات، والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، والحرب الدبلوماسية الى الحرب الاستخبارية، بهدف الوصول إلى أهداف جيوسياسية ترتبط بمنظومة الهيمنة الغربية.
هذه المنظومة الغربية تترأسها الولايات المتحدة الأمريكية، التي أسقطت نظام الحكم في العراق بحجج وهمية بعدما أفقرت شعبه لأكثر من عشرة أعوام. وإحتلت أفغانستان لأكثر من عشرين عاماً، أيضاً بحجج وهمية. وقبلها أزهقت أرواح الآلاف في فييتنام وغيرها من مناطق الإعتداءات الأمريكية. وساهمت بشكل كبير في شروق شمس الربيع العربي، الذي خرب أوطان ودمر أحلام الشباب، وحول بلاداً بأكملها الى ساحات حرب بين أبنائها كما في سوريا.
كل هذا وغيره حدث تحت غطاء وبمشاركة فعالة من حلف الناتو، الذي يخرج علينا متشدّقوه من بين الأوروبيين الذين أصبحوا أداة بيد واشنطن بين الفينة والأخرى للتحدث عن منجزاته وعمله الحثيث في القضاء على الإرهاب وبؤره ونشر الديموقراطية في شعوب العالم الثالث المتخلفة.
وفي هذا السياق، أعاد تقرير إخباري للواجهة مرة أخرى اليوم، قضية الضربة الجوية الأميركية الدقيقة المنفذة في ليبيا في الـ29 من نوفمبر من العام 2018 التي أدت لمقتل 11 إرهابيًا. التقرير أكد أن هذه الضربة تمت بتنسيق مع رئاسي حكومة الوفاق السابقة في طرابلس، قرب بلدة العوينات، مشيرًا إلى رفع دعوى جنائية في الأول من أبريل الجاري تتهم قائدًا سابقًا بقاعدة جوية أميركية في جزيرة صقلية الإيطالية بجريمة القتل.
ونقل التقرير عن شقيق أحد الضحايا ممن قام برفع الدعوى بالاشتراك مع رجل من المجتمع الطوارقي وممثلين عن 3 منظمات غير حكومية تأكيده أن الضربة قتلت شبابًا مناهضين للإرهاب من دون أي دليل لدى أفريكوم “القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا”، على أنهم إرهابيين، متحديًا الأخيرة للتصريح بشأن كون أي منهم على قائمة الأهداف الأميركية.
التقرير نقل مختلف وجهات النظر إبتداءً بالمتحدثة باسم أفريكوم كيلي كاهالان التي أفادت بأن الإتهامات هذه ليس لها أساس من الصحة، إنتهاءاً بتعليق العسكري الأميركي السابق “مارك غارلاسكو” الذي قال: “من خلال الاعتماد على المعلومات الاستخبارية الخاصة بها (أفريكوم) وبدلًا من تضمين وجهات النظر المدنية تعزز الولايات المتحدة النتائج التي أدت إلى الاشتباك مع الهدف في المقام الأول (أي تعتمد على معلومات إستخبارية غير موثقة لإصدار الأمر بالتصفية)”.
يؤكد المراقبون بأن هذا التقرير واحد من آلاف التقارير التي تتحدث عن تجاوزات الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين خلال العقود الماضية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية التي وضعتها المنظمات المعنية بحماية المدنيين. ومن خلال الآلة الإعلامية الهائلة التي يملكها الغرب التي تدحض الحقائق وتُزيفها، والهيمنة الغربية على مختلف المنظمات الحقوقية والإنسانية في العالم، تبقى ليبيا وغيرها من البلدان التي ذاقت طعم الديموقراطية الأمريكية مجرد ضحية من ضحايا التوسع الإقتصادي للغرب، الذي يعيش أبناؤه الرفاهية على حساب شعوب العالم التي تمتلك الثروات ولا يحق لها الاستفادة منها.
من جهة أخرى، يخرج البعض المصدق لزيفهم ليؤيد ممارساتهم الخادعة، ويعمل على تنفيذ مقترحاتهم البناءة في الظاهر والهدامة في باطنها. وما محاولات الليبيين في الآونة الأخيرة لوأد الخلاف وتوحيد الصفوف لتحقيق الإستقرار التي إصطدمت بأجندات الغرب العاملة عليها ستيفاني ويليامز وغيرها من الذين يصرحون بأنهم يريدون الإستقرار لليبيا، إلا دليل آخر على شيطنتهم المطلقة في هذا العالم. وقد قال عضو مجلس النواب علي الصول، في هذا السياق: “إن أمريكا بإعلانها الاستراتيجية العشرية تسعى للسيطرة على المشهد، وهدفها التحكم في اتخاذ القرار والسيطرة على الثروات وبقاء نفوذها في ليبيا”.
نداء حرب