الجزائر، في 5 أبريل/ العمانية / تمتزجُ في كتاب “من المقاومة المسلّحة إلى جبال الولاية
الأولى”، الصادر عن دار الشهاب بالجزائر، الواقعةُ التاريخيّة بالسرد الأدبيّ، إذ عمد
مؤلف هذا الكتاب، الناشر والكاتب عمّار ڤرفي، في سرد مغامراته، خلال تلك السّنوات
التي عايش فيها الثورة التحريرية الجزائرية، إلى نسج فصول قصّة ملحميّة، عبر أحداث
يُعيد روايتها من زوايا متعدّدة.
وحاول الكاتب تدعيم روايته بشهادات رفيقيه في الكفاح: محمّد الفدائي ومحجوب المكّي؛
فقد كان الثّلاثة ينتمون إلى قائمة طويلة من الشّخصيات الوازنة خلال مرحلة ثوريّة
مفصليّة، كانوا يشكّلون فيها مشاعل في الطّريق نحو الحريّة والاستقلال، لبلد تعرّض
لاستعمار وحشيّ طوال قرن ونيف.
ولا يتحدث هؤلاء الأبطال الثلاثة عن السّياسة إلا نادرا، إذ ينصبُّ جلّ كلامهم على الفعل
والحركة والعمليّات الفدائيّة المسلّحة، رغم أن أشياء كثيرة قد حدثت في المسار الذي
يريدون أن يتقاسموا بعض بطولاته مع القارئ، ومنها أنّ المؤلف كان سكرتيرا لقائدٍ من
أهمّ قادة المنطقة، وهو الحاج لخضر، كما استقبل في معاقل المجاهدين الشّاب ليامين
زروال. وقد رافق وعايش محمّد الفدائيّ أكبرَ شخصيّات الثّورة، كالرائد عليّ انْمَر،
وصالح نزار، كما عرف محجوب المكي شخصيّات أخرى لا تقلّ أهميّة مثل الشّاذلي بن
جديد، وبوڤلاز، وعلّاهم، والعقيد شابو، وغيرهم. وإلى اليوم، ما يزال الثّلاثة يذكرون
هذه الفترة من حياتهم، ككتاب وجيز للتّاريخ، لا يتضمّن إلّا الأحداث كما عايشوها،
وأحسّوا بها كواجب يؤدُّونه في سبيل الوطن.
وحتّى تلك الخلافات الشّخصيّة، والصّراعات الدّاخليّة، والتّصفيات الكبرى، والخيانات
الأكثر مُقتا، تُروى برصانة، دون تزوير، بلا هدف سوى إظهار الحقيقة، مُسَجَّلَةً، بين
طيّات هذا الكتاب، كضرورة حتميّة في قصّة الثّورة الوطنيّة من أجل الاستقلال.
/العمانية/178