خبر أليم نزل علينا كالصاعقة لم نكن لنقوى على تحمله لولا مشيئة الله التي هيئتنا لتحمل هذه الخطوب الجللة، والأخبار المفجعة فهو القائل في محكم كتابه العزيز:
(كُلُّ نَفْسٍۢ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۖ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ۗ وَمَا ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلْغُرُورِ)
هكذا تلقينا خبر وفاة فقيدنا الغالي خلف بن خلفان بن حمود المسروري المَنَحَي الصُّحَاري صاحب الابتسامة الدائمة والأخلاق الفاضلة والمروءة الحسنة والمواقف النبيلة، الممزوجة بالكرم والشهامة ..
لقد عرفته ليس من زمن بعيد، وعمر صداقتنا لا تزيد عن عقد من الزمان، لكنه عقداً من الجواهر الثمينة التي رصعت علاقتنا في الله لما حفلت به من مواقف ولقاءات وزيارات ومشاركات ورحلات داخلية وخارجية، ولا أنسى رفقته الرائعة في رحلتي أذربيجان والجمهورية الإيرانية، التي ضرب فيهما أروع المعاني الإنسانية، فكان يجود بأفضل تمور مزرعته الزبادية التي عشقها ووهبها من وقته وماله وجهده الشيئ الكثير، وقد اعتاد أن يوزع كمية من التمور على جميع ركاب الطائرة وطاقمها ، كما كان حريصاً على عدم التنازل عن الزي العماني في جميع رحلاته الدولية، فهو بحق وحقيقة خير سفير للقيم والمبادئ العمانية..
لقد كان رحمه الله عصامياً منذ صغره، وقد أجبره الفقر أن يعمل حارساً بالليل لإحدى الشركات، وطالب علم في المعهد الإسلامي بالنهار إلى أن تخرج وتوظف في بلدية صحار، بتلك الولاية التي اقتسم حبها مناصفة مع ولاية منح التي شهدت مولده ونشأته وسط أسرة فقيرة، فتعلم من شظف العيش الصبر والجد والاجتهاد والمثابرة والكفاح حتى بلغ النجاح..
وشاءت إرادة الله أن تكون خاتمته التي نحسبها حسنة بإذن الله في معشوقته الثانية صحار التي أحبها فأحبته وأحبه أهلها ،وكانت نهايته من الدنيا أثر نوبة قلبية التي زادت في هذه الآونة، فوافاه الأجل المحتوم مع رفقاء العمل ببلدية صحار، حيث ذهب للسلام عليهم بعد فترة من إحالته إلى التقاعد فكان الوداع الأخير هناك في المكان الذي أشبعه عطاءً وإخلاصاً ووفاءً دام طويلاً في أداء الواجب الوطني المقدس ..
فألف ألف سلام لتلك الروح الزكية الباسمة المستبشرة التي ستترك ثلمة كبيرة في محيط المجتمع العماني بمآثرها وعطاءها ووقفاتها الإنسانية الرائعة، وستحن إليه نخيل الزبادية ويتساقط رطبها قبل أوانه حزناً على صاحبها الذي سقاها من فيض جهده وعطاءه،وسيفقد السكر الأحمر العماني مذاقه الفريد لفقده راعيه الأول، وسنفقد نحن وسائر محبيه ابتسامته الصافية وتوجيهاته ورسائله الإيجابية التي كان يتحفنا بها كل يوم..
فيا رب ارحم وألطف بتلك الروح الطيبة النبيلة، واجعلها في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا..
اللهم آمين والصلاة والسلام على رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مسهريات حزينة
كتبها بألم/ناصر بن مسهر العلوي
الأحد ١٢ ذي القعدة ١٤٤٣
الموافق ١٢ يونيو ٢٠٢٢م