ألقى سعادة بدر الجابري بيانًا عاجلا حول أداء وزارة الصحة في التصدي لـ جائحة كورونا ( كوفيد 19 ) ، فيما يلي نصه :
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعينسعادة رئيس مجلس الشورى المحترم الأخوة أصحاب السعادة المحترمون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ،،،
استناداً إلى النظام الأساسي للدولة والمبادئ الموجهة لسياستها والى المبادئ الاجتماعية التي تتمثل في المادة 15: تكفل الدولة الرعاية الصحية للمواطنين، وتعمل على توفير وسائل الوقاية والعلاج من الأمراض والأوبئة، وتشجع على إنشاء المستشفيات ودور العلاج الخاصة، بإشراف منها، ومن منطلق الأولويات الوطنية الأساسية التي أقرتها رؤية عمان 2040 لتحقيق مجتمع يتمتع بصحة مستدامة، وخدمات طبية وتقنية ورعاية صحية وقائية وعلاجية ذات جودة عالية بجميع مستوياتها، ومصانة من الأخطار، ومهددات الصحة، لتحقيق نظام صحي يتسم باللامركزية والجودة والشفافية والعدالة، مع وجود كوادر وقدرات وطنية مؤهلة ورائدة في هذا المجال.
أخواني أصحاب السعادة :
كما تعلمون، لقد عصفت جائحة كورونا بالعالم أجمع ولا توجد دولة استطاعت التغلب على فايروس كورونا 100%، وتابعنا تعاطي مختلف الدول مع هذه الجائحة التي أصبحت أزمة حقيقية، حيث تباين التعاطي معها على حسب الإمكانيات والقدرات التي تمتلكها المنظومات الصحية في مختلف الدول، والسلطنة ليست بمنأى عن هذا العالم وأصابها ما أصابه، واستطاعت منظومتنا الصحية بحسب القدرات الصمود الى حد كبير أمام هذه الجائحة بفضل الله والعاملين في القطاع الصحي من أبناءنا وبناتنا في خط الدفاع الأول وعلى رأسهم المسؤولين عن هذا القطاع.
ومما سبق، فان القرارات التي تتخذها اللجنة العليا لا تأتي الا بناء على التقرير الفني من اللجنة الفنية المشكلة بوزارة الصحة، ومن خلال ما طالعتنا به الوزارة من أرقام وإحصائيات حول هذه الجائحة، ومن خلال تقييمنا المتواضع حول الجهود المبذولة والتي شابها بعض الغموض في عدد من الجوانب، والتي لا نسعى من خلال هذا البيان سوى المساهمة في توجيه الدفة نحو بر الأمان، خصوصا بعد الأرقام الأخيرة التي أثبتت بعض القصور في التعامل مع هذه الجائحة والتي لم تخفى على أي أحد من أبناء هذا الوطن.
وعلى ضوء ما تقدم نسرد في هذا البيان العاجل بعضاً من التساؤلات المشروعة، التي نأمل أن تجد التجاوب المنشود من قبل وزارة الصحة
أولاً: موضوع التأخير في توفير اللقاحات وآلية توزيعها
تابعنا تصريحات معالي الدكتور وزير الصحة وحديثه المتكرر عن تسييس توزيع اللقاحات على المستوى الدولي، مما أدى إلى عدم تمكن السلطنة حتى الآن من توفير الجرعات الكافية، فأصبحنا في آخر الدول الخليجية في تلقي سكانها للقاح بفارق كبير عن أقرب دولة خليجية، وارتفعت نسبة الوفيات بالنسبة لعدد السكان.
والسؤال لماذا لم ننجح حتى اليوم في توفير هذه اللقاحات؟ ولماذا لم تنجح وزارة الصحة واللجنة الفنية المعنية في استثمار علاقات السلطنة المميزة على المستوى الدولي والإقليمي؟
لماذا لم ننجح نحن إن لم تكن المشكلة متعلقة بالجانب المادي بينما نجح الآخرين؟ أم أن السبب يعود الى تأخرنا في حجز اللقاحات ودفع قيمتها للشركات المنتجة؟.
فبعد البحث والتقصي فان ابرام العقد بحسب الشرط الصريح لا يتفعل الا بدفع المقدم من المبلغ حتى يكون هناك التزام من الشركة، فما مدى التزام الوزارة بتحويل ما يثبت ذلك للشركات المصنعة للقاح حتى لا نقع ضحايا بسبب تأخرنا ويتأجل الحصول على كميات كافية للقاح؟
ثانياً: أسعار الفحوصات وإلغاءها في المراكز الصحية الحكومية
من الجيد أن أسعار الفحوصات على المستوى الخليجي تأتي في المرتبة الثانية من حيث أقل الأسعار، لكن وفي ظل عدم توفر اللقاحات والإزدياد المضطرد في عدد الحالات والوفيات لماذا لا يتم تخفيض سعر الفحوصات في المؤسسات الصحية الخاصة إلى ما دون الأسعار الحالية بنحو 40 – 50% ؟ ولماذا توقفت فحوصات كورونا في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية؟ وانحصر تقديمها في هذه المؤسسات لمن ساءت حالته أو تجاوز الفترة الإعتيادية للحجر الصحي لمن هو مصاب. وماذا عن حالات أصحاب الدخل المحدود وأسر الضمان الإجتماعي وفئة المسرحين عن أعمالهم والباحثين عن عمل هل هم قادرين على تحمل عمل الفحوصات كل مرة؟
ثالثاً: تأخر إنشاء المختبر المركزي وعدم استيعاب وحدات العناية المركزة وإمكانيات المستشفى الميداني في شهر يونيو من العام الماضي تفضل صاحب الجلالة السلطان هيثم – حفظه الله – فأسدى أوامره السامية بإنشاء مختبر مركزي جديد للصحة العامة يواكب التطور التقني والأنظمة الفنية الحديثة، ويغطي الإحتياجات المطلوبة في أي ظرف من الظروف، أين وصلت جهود وزارة الصحة لإنشاء هذا المختبر؟ وكم عدد أسرة العناية المركزة التي تمت إضافتها في مستشفياتنا منذ بدء الجائحة؟ لماذا لم يتم الإستفادة من تبرعات صندوق كورونا لتأهيل وحدات عناية مركزة إضافية أو إضافة أسرة جديدة؟.
لقد كان المستشفى الميداني الذي تبرعت به شركة تنمية نفط عمان أحد الحلول التي تخفف الضغط على المستشفيات المرجعية ويمكن استقبال الحالات المتوسطة للتنويم اضافة على عدم اختلاط الحالات المشتبه بها بالاخرين، وحسب المعلومات فان طاقته الاستيعابية تصل ل 300 سرير يمكن اضافة عدد أكبر، في حين ان المرحلة الاولى تم تشغيل 100 سرير فقط الغريب في الامر مع هذه الازمة تم السماح لكثير من الاطباء والكوادر الطبية بتقديم استقالاتهم والان يطلب منهم العودة ( أين أضع هنا تقدير الامور والتخطيط الجيد في الازمات ؟ ). رابعاً: الاستفسار حول ما يُشاع عن مناقصة فحص المطار.
من يملك هذا المشروع؟ وكيف تم إسناده؟ وهل هي شركة متخصصة في هذا المجال ؟ وما هي المقاييس لمنح الشركة من حيث السعر، الجودة، الخبرة وغيرها؟ هل هي ذات الشركة المكلفة أيضاً بإستيراد معدات الفحص إلى وزارة الصحة؟
خامساً: موضوع تنقل المصابين أو من لديهم أعراض بدون لبس السوار حيث أن المصابين بأعراض فيروس كورونا أو من لديهم أعراض يُطلَب منهم الجلوس في المنازل، مع العلم بأن الأغلبية لا يُجرى لهم فحص كما أنه في المقابل لا يوجد ضمان على تقيدهم بإجراءات الحجر والعزل، بخلاف القادمين من الخارج حيث يتم إلزامهم بلبس الإسورة مع تطبيق ترصد لمدة 14 يوم حتى مع عدم ثبوت إصابتهم بفيروس كورونا. ما هو مبرر التساهل مع الحالات الثابت إصابتها من عدم لبس الإسورة؟ وهل الأرقام المُعلَن عنها تمثل الواقع فعلاً؟ جميعنا يعلم بأن الكثير من المصابين لم يقوموا بإجراء الفحص ومنهم من يمارس حياته بشكل طبيعي ويتنقل في الأسواق وبالتالي بلا شك يُسهِم في نقل العدوى إلى الآخرين!
سادسا: ارتفاع عدد الوفيات مقارنة بدول الخليج :
من الملاحظ عن عدد الوفيات في السلطنة مقارنة بدول الخليج هي الاعلى رغم أن بعض الدول أكثر في عدد الاصابات بينما الوفيات بمعدل أقل ، هنا نتسائل عن البروتكول المعتمد والواضح والموحد في جميع المستشفيات ، واطالب بعمل دراسة مستقلة للبحث في هذا الموضوع المهم للتأكد من تناسق البيانات ومن أن البروتكول موحد وواضح سواء للفحوصات للمرضى في العناية المركزة أو بروتكول موحد للعلاج وليس مجرد اجتهادات ، الا يثير ذلك علامات استفهام في التعاطي مع هذه الحالات..!
سابعا: دخول طائرات للسلطنة من جمهورية الهند بعد الساعة السادسة من قرار اللجنة العليا كان الجميع في حالة صدمة وذهول ليلة أمس من دخول 13 طائرة من جمهورية الهند اضافة الى تمديد الوقت من السادسة مساء الى الساعة 12 بعد منصف الليل، في حين كان ينبغي من اللجنة الفنية أن توصي للجنة العليا بالاغلاق التام وتعليق كل الرحلات كما فعلت بعض دول الخليج وعدم استقبال اي طائرة منذ أيام بسبب تفاقم الوضع في الهند وأصبحت بؤرة خطيرة بستجيل أعلى مستوى اصابات ووفيات عالميا اضافة الى اكتشاف أن السلالة الجديدة في جمهورية الهند الصديقة هي الاخطر في العالم الى الآن بحسب بعض التصريحات.
هذا التساهل يقودنا يقودنا الى أول حالتين تم تسجيلها في السلطنة بتاريخ 24 فبراير من جمهورية ايران ، ثم تسجيل 4 حالات جديدة بتاريخ 27 فبراير ايضا من ايران فكان التصرف المتوقع كاجراءات احترازية سريعة وقف الرحلات من الجمهورية الايرانية كما هو الواجب الان كاجراء وقائي وقف الرحلات من جمهورية الهند قبل ايام من تفشي المرض وتحور الفايروس.
وفي الختام ومما سبق فان هذا البيان جاء ليؤكد على مبدأ الشراكة الوطنية ودور مجلس الشورى كأحد العناصر المهمة لأركان الدولة في نقل صورة أخرى وزاوية ربما غير منظورة من تساؤلات المواطنين وحقهم في توصيل صوتهم ورسالتهم، والى الشد بيد المسؤوليين بوزارة الصحة والدور الكبير والمسؤولية الملقاة على عاتقهم مع التأكيد بأن الجهود التي يبذلونها محل تقدير من الجميع ونعول عليها في تصحيح المسار فكلنا في سفينة واحدة وهدفنا جميعا أن تصل الى بر الأمان.
ولذلك فان مواجهة فايروس كورونا هو مسؤولية جماعية وكل فرد في هذا البلد مطالب بأن يمارس أعلى درجات المسؤولية الوطنية والاخلاقية التي تتمثل في الالتزام أولا ومن ثم توعية اسرته واقاربه وأصدقائه ، وقد لمسنا طوال الأشهر الماضية أن المجتمع في غالبيته متقيد ومتفهم بكل ما يصدر من قرارات اللجنة العليا ويقدر حجم الجهود المبذولة والاجتماعات الدورية التي تعقد من أجل حماية المجتمع وتجاوز المرحلة الصعبة بأقل الخسائر، ولا شك ان حدثت تجاوزات فهي فردية لا تصل بأن تكون ظاهرة كبيرة تعمم على المجتمع الذي أثبت الكثيرون منهم على تحليه بالصبر رغم ظروفهم الحياتية الصعبة لكنهم حملوا دور المسؤولية في أعناقهم بكل صورها ومعانيها.
إن تحميل المجتمع جل المسؤولية في كل لقاء صحفي مؤذيا في نفوس الجميع ويولد حالة من الاحباط لأن الأثار الناجمة من هذه الجائحة أتت على الجميع ولا أحد لم يتضرر منها من فقد أعزاء الى التسريح من العمل واغلاق الانشطة التجارية وافلاس البعض وبالتالي انعكاساتها على صاحب العمل ومن فقدوا وظائفهم وتراكم الديون وما يتبعه من ملاحقات قضائية تدفع بهم الى السجون ليس بالامر الهين، ناهيكم عن الصحة النفسية على الافراد نتيجة الاغلاق وموت الاقارب وزيادة الوفيات ، فالمسؤولية مشتركة وكل منا يتحمل جزء منها، واذا كانت منظومة الصحة لا تستوعب حاليا لوجود نقص شديد في كوادرها من الاطباء والممرضين وفي اجهزتها ومعداتها فهي اللحظة التي ينبغي أن نراجع فيها أولوياتنا ونقيم الوضع العام والاستفادة من هذه الأزمة لتعزيز منظومتنا الصحية وتحديد الاحتياجات المستقبلية التي تجعلنا صامدين في وجه المتغيرات وما هو قادم.
وآخر ما أختم به أن هناك دروس مستفادة أناشد فيها صاحب الجلالة حفظه الله ورعاهأولا: الحاجة الماسة الى التخطيط المبني على المخاطر، الصحة بمفهومها الشامل والتي تغطي جوانب الحياة المختلفة وليس بالضرورة اختفاء المرض بل تدخل كعنصر أساسي في التخطيط العمراني والاقتصادي وقطاع الأعمال، فقد أفرزت هذه الجاحة ضرورة اشراك الصحة في هذه المجالات، ولذا من الضرورة النظر الى احتياجات الوزارة من التخصصات الصحية كتخصص الوبائيات.
ثانيا: التحول الرقمي السريع في الصحة: أبرزت هذه الجائحة دور التقنية في الاحتواء والتشخيص والعلاج عن طريق استخدام تقنيات الجيل الخامس في كثير من الدول استطاعت التحكم في الانتشار في وقت قياسي.
ثالثا: إدارة الموارد الصحية على المستوى الوطني (القطاع العام – الاكادمي- العسكري- الخاص) وتشمل المؤسسات والافراد والمواد الطبية وتوحيد الجهود في جميع الظروف والأحوال.
رابعا: دور القطاع الصحي الخاص في تقديم خدمات ذات جودة تساند الخدمات الصحية وتؤسس لاستثمارات عابرة للحدود تجعل من السلطنة وجهة للعلاج المتخصص والتأهيل.
اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء وانزل رحمتك ولطفك علينا يارب العالمين اللهم احفظ عمان وأهلها وسلطانها وجنبنا كل شر ومكروه والحمدالله رب العالمين
بدر بن ناصر الجابري – عضو مجلس الشورى ممثل ولاية نخل