رام الله، في 26 أبريل/ العمانية/ يتضمن كتاب “وعي الهزيمة.. إعادة
اختراع المعنى” للكاتب الفلسطيني أحمد زكارنة، جملة من المقاربات القائمة
على النقد الثقافي تتوزع على أربعة فصول هي: “الذاكرة وتجلياتها”،
و”خطاب الهوية وتحولاته”، و”المكان ما بين التاريخ والجغرافيا”،
و”المحمول الثقافي ما بين الفردي والجمعي في السرد الفلسطيني”.
ويُخضع الكتاب عشرين نصًا للدراسة والتحليل بأدوات تفكيكية وتركيبية
في حقول معرفية عدة تسلّط الضوء على محمول الرسائل المضمرة
ودلالاتها الفكرية واللغوية في سياق إعادة صياغة سؤال: هل يمكننا أن
نتحدث عن وعيٍ بالهزيمة أم عن هزيمةٍ للوعي؟
ويحاول زكارنة معالجة هذا السؤال في مقدمته بقوله: “يُعدُّ الوعيُ بالهزيمة
عبر دورة السؤال والجواب، أحد أهم مفردات الخلاص من تعبيراتِها
الظاهرة والمستترة؛ أولًا في المنتج الأدبي والمعرفي وانعكاساته على الواقعِ
اليومي للأفرادِ والشعوب؛ وتاليًا في عملية الاستهلاك التي حولتْه من وعيٍ
بالهزيمة إلى هزيمةٍ للوعي. ما أفرز عديدَ الأزمات كنتاجٍ طبيعي لما عُرفَ
لاحقًا بثقافةِ الهزيمة”.
ويقرأ زكارنة مشهد السرد الفلسطينيّ بعد ربع قرن من “أوسلو”،
مخضعًا ما عُرِف بوعي الهزيمة للمراجعة والتحليل، لفهم ما حدث تحديدًا
على جبهة السرد، الذي شهدَ تحولات عميقةَ لصالح “هزيمة الهزيمة”؛ على
الرغم من كونها تحوّلاتٍ “لم تفرزْ سياساتٍ رسميةً أو شعبيةً يُمكن أن تُحولَ
الهزيمةَ إلى انتصارٍ”.
وقدم للكتاب الناقد د. محمد عبيدالله، قائلًا إن العلاقة بين السرد والواقع
ضبابية وغير مقننة، لأنها تقوم في جوهرها على رؤية مبدع أو كاتب فرد
للواقع ذي الطبيعة الجماعية، إلا أن التدقيق والتمحيص في مجموع الكتابات
التي صدرت بعد “أوسلو” يمكن أن “يعطينا بعض ظلال الواقع، وربما
يؤشر على المستقبل في الكتابة وفي الواقع معًا”.
وأضاف عبيدالله بأن أكثر ما شغل المؤلّف هو التدقيق في المعاني المضمرة
للنصوص المدروسة، للوصول إلى صِلاتٍ صريحة وضمنيّة بالسياسة
وببعض الثوابت والمسلمات والعناوين الكبرى المرتبطة بالمرحلة.
وختم عبيدالله مقدمته بالقول: إن هذا الكتاب “لا يقدّم نصائح أو أحكامًا جاهزة
قدرَ ما يقدم من تساؤلات، فهو ينتمي إلى ضرب من الجدل والحِجاج النقدي
الذي افتقدناه في ظل الكتابات الصحفية وفي ظل ثقافة المجاملة ووسائل
التواصل التي شاعت هذه الأيام”.
وجاء في كلمة الروائي محمود شقير على الغلاف الأخير للكتاب الصادر
عن مكتبة كل شيء ناشرون بحيفا: “يحاور أحمد زكارنة عشرين نصًّا
فلسطينيًّا توزّعت على غير جنس أدبي، وإنْ كان للرواية الحظّ الأوفر في
هذا الحوار الثقافي المعرفي، ليخرجَ باستنتاجات عميقة مفادها أنّ المثقف
الفلسطيني سواء أكان روائيًّا أم كاتبا سيرة أم دارسًا أم شاعرًا استطاع أن
يدرك أبعاد الهزيمة، وأن يتصدّى لتداعياتها الخطرة، وأن يؤسّس للردّ
عليها لما يُعزّز حضور الهويّة الوطنيّة، ولما يعطّل مفاعيل الهزيمة
ويتجاوزها إلى بديل حضاري إنساني قادر على تعرية الهزيمة وصانعيها”.
/العمانية /