يسكن رجل عجوز في قرية جميلة أهلها متكاتفون متعاونون وله زوجة وأبن وحيد ، الرجل العجوز معلم للقران الكريم ، فهو يقوم بتعليم كل أبناء وبنات القرية ، لكن أبنه الوحيد يواجه صعوبة في حفظ القرآن ، كما أنه مشاغب جدا وكثير ما يختلق مشاكل في القرية ، وعندما بلغ ابن العجوز سن الرشد لم يستطع الرجل العجوز التحكم في تصرفات ابنه فقد كثرت مشاكله مع أهل القرية ، تضايق الرجل العجوز كثيرا من تصرفات أبنه وكثرة مخالفاته المستمرة بالقرية فقام بنفيه من القرية .
خرج الأبن الضال من القرية وجلس وحيدا يفكر في ما آلت إليه نفسه ، كيف يستطيع أن يأكل ويشرب دون أن يعمل ، فهو لا يمتلك مهنة معينة ولم يكن ليتعلم في يوم من الأيام التي قضاها في قريته أن يشتغل بمهنة ما ، وهو جالس بأحدى الطرقات مر عليه رجل يقود حمار وعلى الحمار أوقار من الحطب ، هنا دبت في رأسه فكرة الاحتطاب ، بدأ يجمع الحطب من الأشجار اليابسة ويحاول أن يكسرها بقوة فهو لا يمتلك فأس وليس لديه قيمته ، وما إن جمع حطب كثير حتى حملة على ظهره ونزل به إلى القرى يبيعه في الأسواق ، لقد جنى بعض المال في أخر اليوم ، فذهب إلى الحداد وأشترى فأس ، وذهب إلى النساج وأشترى حبال ، ثم ذهب إلى الحَماَر فأشترى حماراً ، وبعض من الخبز اليابس حسب ما تبقى له من المال .
بدأ يعمل بكد وتعب شديد ، وبدأت الناس تعرفه وتطلب منه الحطب ، حتى صادف في يوم من الأيام تاجر جاء إلى أحدى القرى فعرض على هذا الأبن الحطاب أن يسوق له الحطب ، فرح فرحاً شديداً وبدأ ينزل كل يومين إلى المدينة يسلم الحطب إلى التاجر ويعطيه مالاً كثيرا مقابل حمولة واحدة فقط ، أحس الأبن الحطاب بقيمة المال وكان دائما يفكر في أن يكون رجل غني ويذهب إلى قريته ليتباها بين أهله ، وفي يوم من الأيام عرض عليه التاجر الذي يجلب له الحطب مشروع أخر يدر عليه المال وبكثرة لا يمكن أن يستوعبها عقل الأبن الحطاب ، أن ينقل له بضاعة بين القرى والمدن المجاورة على أن يشتري له سيارة ويصبح عاملا معه ، وافق الأبن الحطاب على العرض ، لكن التاجر قال له ، سوف تبيع لي البضاعة وتوزعها على من أطلب منك إيصالها لهم ، كما قال له بأن هذه البضاعة هي مخدرات وممنوعة من التداول وعليه إن لا يخبر بها أحد وإلا سوف تقبض الشرطة عليه ويسجنوه ، وافق الأبن الحطاب دون أن يعي ماذا تعني المخدرات ولم يسأل التاجر أسئلة كثيرة عنها ، رؤية المال أعمى عينيه .
وتمر الأيام والأبن الحطاب يحصد المال كما تحصد النار الليف ، فكثر ماله وبدأ يودعه في البنك ، فكان يدخل البنك كل يومين مبلغ ألفين إلى ثلاثة الاف ريال ، أبلغ البنك الذي يودع فيه الأبن الحطاب حسابه البنك المركزي ، لما تم التقصي عن الأبن الحطاب أتضح أنه يعمل لدى التاجر وقد كان التاجر مراقبا لما كانت تحوم حولة من الشبهات ، وتم بعد أيام ألقاء القبض على التاجر والأبن الحطاب أثناء تسليم وإستلام البضاعة ، دخل الأبن الحطاب السجن وحكم عليه بعشرين سنة ، خسر كل شيء ، خسر ماله وحياته وأهله .
إبراهيم بن ثاني المعشري