على نسمات العصرية وبين ظلال (الشريشة) تبادلنا العبارات حول الحال والأحوال فيظهر الشاب مثقلا بهموم أحواله الخاصة وسوداوية البيئة المحيطة به – كما يراها هو وغيره من الشباب – ويطلق عبارته الحزينة الممزوجة بحر آهاته ليقول : ماشي فايدة!
الكثير منا تسيطر عليه سحابة قاتمة من اليأس التي تبدو كحنظلة تؤتي ثمارها المرة وفي النهاية لا تؤكل ولا تشبع بل تجعل منه كائنا لا يحرك ساكنا في إنتظار نهايته الأليمة التي يتخيلها ويتجرع مرارة الوصول إليها سخطا وتبرما وزيادة في التألم.
شعور اليأس يقضي على إتجاهات الإصلاح والتغيير الذاتي والسبب في ذلك أن اليآئس لا يرى حلولا له إلا في طريق واحد وذلك خطأ كبير. إنظر إلى جماعة النمل التي لا تتوقف عند إعتراض جسم ما لطريقها فهي تتخذ قرارها السهل في تغيير مسارها – ولو كلف ذلك جهدا ووقتا إضافي – وذلك بهدف الإستمرار في مسيرة الوصول للهدف المراد دون التفكير حتى في النقد لمن وضع ذلك الجسم في طريقهم. إن النقد مباح ومجاز لكن التطرف فيه سلوك غير محمود والأمر ينطبق أيضا على الإعجاب الذي يصبح كريها إذا غدا مطلقا ومبالغا فيه.
إن اليآئس يفهم المشكلات وحلولها بما يتفق مع نفسيته المنحدرة أصلا فيتولد بذلك سلوك إنفعالي غير متزن وتراه يشكك في أي حلول قد تطرح وبذلك لا يصل إلى شيء وتصبح تلك الحالة ذات طابع معدي مع غيره لحتمية التواصل البشري الواقعي والإلكتروني الذي نعيشة حاليا.
الإستمرار في تقويم أخطاء الآخرين وتضخيم السلبيات بدل التركيز على المتاح والمتوفر لن يكون بذات الأثر – كما يراد له في النية – مالم يغلف ذلك بممارسات صحية سليمة لا تضر بالفرد ومجتمعه فتصليح (بيب الماي) في المطبخ لا يستدعي هدم البيت كله.
وعلينا في ذات الوقت ألا نهمل مسببات الوصول لمثل ذلك اليأس فهناك فساد البر والبحر بما كسبت أيدي الناس والمتغيرات المستحدثة التي لن ولم يتنبأ بها أحد وقوى التغيير التي تحارب في معسكر العودة للأصالة والشرعية ومعسكر ركوب الموجة التي لا تعلم بأي (سيفة) ستصل.
إن اليأس مذموم شرعا وعقلا ولا ييأس من روح الله إلا من ظلم نفسه والأمر بسيط للغاية للحد منه وهو بأن يخرج اليائس من دائرة اليأس التي يعيشها وبأن ينظر للدروب المتاحة لينطلق بها في حياة متوازنة لا يهيم فيها بأحلامه ولا يصطدم فيها بواقعه الذي لا يحب أن يراه.
ولنتأمل أصدقائي في الأحداث التاريخية منذ خلق الله البشر على هذه البسيطة فلن تجد شدة وضيقا إلا تبعه فرحة وسرور وأعوام فيها يغاث الناس وفيها يعصرون حينها ستدركون فعلا أن الحياة جميلة بما نمر فيها من تجارب حياتية مؤلمة تصقل شخصياتنا لنصبح أفضل بعيدا عن قتامة سحابة اليأس والمقولة اليائسة (ماشي فايدة).
محمد بن سيفان الشحي
٢٨ مايو ٢٠٢١ م