الأطفال أحباب الله وهم إحدى نعم المولى عزوجل على عباده، ولأن مسؤولية ولي الأمر ليست مقتصرة على توفير المسكن والمأكل والمشرب بل أيضا تمتد إلى توفير سبل الحماية والسلامة لهم.
والمطر في ذات الوقت نعمة فالنفس تبتهج والأرض الجدباء تحيا والشجر يزدان ويزداد إخضرارًا بنزول المطر، وإن تأخر الغيث تضرر العباد والشجر والدواب وتجد الناس تهرع لأداء صلاة الإستسقاء طلبا وتضرعا لله تعالى راجين نزول المطر، ولكن ما يُعكر صفو هذه الأجواء حوادث غرق الأطفال في مجاري الأودية، ومن هو الطفل؟ حتى نكون على دراية، فقد عـرّفه قانـون الطـفـل الصـادر بالمرسـوم السلطانـي رقـم (22/2014) في مادته الأولى فقرة (د) بأنه كل إنسان لم يكمل الثامنة عشر من العمر بالتقويم الميلادي، وكذلك إتفاقية الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة حملت نفس التعريف، كما أن ذات القانون قد عـرّف ولي الأمر في الفقرة (هـ) بأنه الشخص المسؤول عن رعايته وتربيته ونمو الطفل كالوكيل والوصي والجهات المنوط بها تقديم الرعاية البديلة، فلربما خرج الأطفال بصحبة الأسرة للتنزه بعد نزول المطر أو ربما خرجوا لوحدهم لمشاهدة الوادي وللعب بالقرب منه وخلال الأيام الماضية كان قد أنقذ البطل علي الوردي طفلان كانت قد حاصرتهما مياه أحد أودية ولاية بهلاء، وبعدها سمعنا عن مأساة غرق طفلين بوادي السحتن وآخر بوادي بني عوف بولاية الرستاق، وما كادت الأيام أن تمر ونتجاوز هذه الفواجع إلا بخبر عاجل يأتي من ولاية إبراء مساء يوم العيد يخبرنا بغرق ثلاثة أطفال بوادي قفيفة حيث تمكن السكان من إنقاذ إثنان وهما بصحة جيدة ووفاة الثالث غرقا في مياه الوادي، وما لبثت أيام العيد السعيد الثلاث أن تغمرنا فرحًا وسرورًا حتى تأتي الأخبار العاجلة جدًا تحمل أنباء حادث غرق عدد 6 أطفال دفعة واحدة في بركة مائية بمجرى وادي عندام بولاية المضيبي، وهنا نقول لذوي الأطفال وأقربائهم، عظم الله أجركم وأخلفكم الله عليكم وألهمكم ربي الصبر والسلوان ولا تحزنوا ولا تجزعوا فإن الغريق شهيد فكيف وهم أطفال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ : المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ في سَبِيلِ اللهِ) متفق عليه.
في الحقيقة جميعنا بلا إستثناء لديه العلم المسبق بالتحذيرات والتنبيهات التي تصدرها وتبثها جهات الإختصاص في شأن تنبؤات هطول الأمطار والكميات المتوقعة، وكذلك الحال في شأن مطالبة البحارة والصيادين بعدم إرتياد البحر وإبتعاد السكان القاطنين بالقرب من الأودية وضرورة توخي الحيطة والحذر والإبتعاد عن مجاري الأودية، إلا أننا بالرغم من كل تلك التحذيرات نجد بأن حوادث غرق الأطفال تتكرر وفي محافظات مختلفة وهذا الأمر مؤسف للغاية، فالأطفال أحباب الله وهم فلذات أكبادنا وتقع على عاتق ولي الأمر مسؤولية الإنتباه للأطفال والحفاظ على سلامتهم لأنه مكلف شرعا وقانونا بهذه المهمة.
وهناك عددًا من الحالات التي تقع فيها حوادث غرق الأطفال نتيجة عدم وجود رقابة مباشرة وتتمثل في خروج الأطفال من المنزل عند هطول الأمطار أوالذهاب بمفردهم لمشاهدة جريان الوادي حيث لا يحبذ ذلك إلا بعد توقف الأمطار ويكون بمرافقة البالغين مع الحفاظ على مسافة كافية بعيدًا عن مجاري الاودية، وحالة أخرى عند خروج بعض العوائل لمشاهدة الأودية والإستمتـاع بالأجـواء بعد توقـف المطـر فـلابـد لهـم من الإنتبـاه لأطفالهـم جـيـدًا كمـا لا يـُحـبـذ السمـاح لهم بالإسـتحـمام في داخل الـبـرك المائية المتكونة نتيجة هـطـول الأمـطـار وذلك لأن الأرض تكون متشبعة بالمياه مع إمكانية عـودة الـوادي سريعًا للجريان حـال هـطـلـت الأمـطـار على أرض المنبع، وهـنـاك حـالات الـغـرق التـي تـحـدث خــارج
أوقات هطول الامطار وأثناء خروج العوائل للتنزه والإستجـمام في الأماكن السياحية ومنها بعض الأودية المشهورة أو السدود فقد يستحم الأطفال دون وجود رقابة مباشرة في البرك المائية أو في الغيل وكم من حوادث غرق حدثت في مواقف مشابهة ، فلا بد من ولي الامر من تحمل مسؤولياته والقيام بواجباته تجاه حماية أطفاله وأفراد عائلته من المخاطر الغير محسوبة والتي وإن أهملنا أدوارنا قد ينتج عنها خسائر تكلفنا فقدان أرواح من نحب، هذا خلاف المسؤولية القانونية نتيجة لما حدث.
وأخيرا فإن المطر نعمة أنعمها الله علينا لتكون أحد مصادر سعادتنا فلا بد لنا من الاستمتاع بهذه النعمة وشكر المولى عز وجل، كما لا بد لنا من الأخذ بأسباب السلامة حتى لا نفقد عزيز علينا ونتجرع الحسرة والندم بعد فوات الأوان.
كتبه أحمد بن خلفان الزعابي