الجزائر في 9 يوليو / العمانية / تشكّل تجربة الفنان التشكيلي الجزائري
إبراهيم مردوخ علامة واضحة على عمق العلاقات العربية التي ظلّت دائمًا
قائمة في مجالات متنوّعة، وخاصة مجال التكوين العلمي والأكاديمي، الذي
يُعدُّ مردوخ ثمرة من ثماره اليانعة.
وتعتبر تجربة هذا التشكيلي الجزائريّ الثمانيني، (مواليد 1938 بالقرارة
ولاية غرداية، جنوب الجزائر)، ثرية بالقدر الذي يجعل منها نبراسًا لكلّ
الأجيال العربية التي تطمح إلى رؤية أمة عربية قوامُها التنمية والرقي
والازدهار.
ويؤكد مردوخ، لوكالة الأنباء العمانية، أنّ تلك الفترة التي قضاها طالبًا في
الفنون الجميلة في مصر، ما بين 1962 و1967، كانت ثرية، وقد توّجها
بالحصول على بكالوريوس فنون جميلة من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة سنة
1967، ودبلوم التصوير الإشهاري من معهد ليوناردو دافنشي، خلال العام
نفسه.
ومن الأمور التي ظلّت عالقة بذهنه، من فترة إقامته بأرض الكنانة، ذلك
العدوان الذي شنّته إسرائيل على مصر في 5 يونيو 1967، وعرف
مشاركة وحدات من بعض الجيوش العربية، ومنها الجزائر، وكذا صور
الجنود الجزائريين الذين كان يلتقي بهم، رفقة زملائه من الطلبة المُبْتَعَثين،
وهم بالزي العسكري، والحفاوة التي كانوا يُسْتقبَلون بها من طرف الأشقّاء
المصريين.
كما يتذكّر مردوخ، بكثير من المرارة، تلك الجراح الغائرة التي خلّفتها
الحرب الإسرائيلية، لدى الشعوب العربية، التي كان الكثير منها قد خرج
للتوّ من حروب مدمرة، ومنها الجزائر التي استقلّت سنة 1962، بعدما
دفعت مليونًا ونصف المليون من الشهداء في سبيل التحرُّر من الاستعمار
الفرنسي.
وبعيدًا عن تلك الهزّات التي تعرّض لها الشباب العربي، في تلك الفترة من
التاريخ، يُؤكد إبراهيم مردوخ، أنّ عزيمة بناء الأوطان كانت هاجسًا لدى
الشباب، وهو ما جعل هذا التشكيليّ المتخرّج لتوّه من الفنون الجميلة، يُنظّم
العديد من المعارض الفنيّة بمجرد عودته إلى بلاده سنة 1967.
كما شارك في تظاهرات فنيّة متنوّعة أُقيمت بعدد من الدول العربية، مثل
المعرض العربي بدمشق 1971، بنيالي بغداد سنة 1973، وبينالي الكويت،
سنة 1975، والمعرض العربي بطرابلس، سنة 1979، وغيرها.
وقد بقي إبراهيم مردوخ عضوًا فاعلا في الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية
بالجزائر، كما أنّ الكثير من أعماله الفنيّة توجد حاليًّا كمقتنيات في العديد من
السفارات الجزائرية بالخارج، وكذا بالمتحف الوطني للفنون الجميلة، ولدى
عدد من جامعي الأعمال الفنيّة.
ويضيف مردوخ بأنّ سبعينات القرن الماضي، عرفت ازدهارًا في مجالات
الفنون التشكيلية المختلفة، على المستويين المحلي والعربي، وهذا ما جعله
ينخرط بكلّ قوة في مختلف التنظيمات المهنية التي شكّلت إطارًا للمشتغلين
في هذا المجال؛ فكان عضوًا تنفيذيًّا بالاتحاد الوطني للفنون التشكيلية منذ
1971، ثم التحق باتحاد الفنون الثقافية سنة 1984، فضلا عن عضويته في
الأمانة العامة للاتحاد العام للفنانين التشكيليين العرب، في الفترة ما بين
1971 و1979.
وخلال مسيرته الحافلة بالإنجازات، واصل الفنان مردوخ عطاءه، فشكّل نبعًا
نهل منه طلبتُه طوال مسيرة تدريس التربية الفنية التي بدأها سنة 1967 إلى
غاية 1982، عبر مختلف ثانويات العاصمة، قبل أن يتمّ تعيينه مفتّشًا عامًّا
للتربية الفنيّة، ثم مديرًا للثقافة بولاية ورقلة (جنوب شرق الجزائر) في
الفترة ما بين 1995 و1998.
ولم ينقطع مردوخ عن الكتابة، إذ عمل مراسلًا فنيًّا (1968 و1975)، لعدد
من الجرائد والمجلات الجزائرية، أهمُّها الشعب، والمجاهد الأسبوعي،
والثقافة. وقد صدر له، أيضا، كتابٌ بعنوان “تاريخ الفن الجزائري”، يُعتبرُ
مرجعًا لكلّ الباحثين في موضوع الفن التشكيلي الجزائري، وآخر حول
التربية الفنيّة.
/العمانية /
س ع