الحياة مليئة بالشد والجذب والأخذ والعطاء والسلب والنهب والحلو والمر والراحة والتعب ولولا هذه الأحوال لما كان لهذه الدنيا كل هذا الجمال المملوء بصخب السعادة والتعاسة وبصخب العناء والدعة! فسنة الله هي التي اقتضت ان تكون الحياة الدنيا هكذا حتى يتكيف الإنسان بنفسه مع حركة الأيام والليالي فيها ولكي تختار سريرته مايناسبها من الأخذ والعطاء من هذه الدنيا وحتى يستطيع الإنسان أيضا أن يوازن بعقله وفكره بين روحانيته فيها من جهة وتعاطيه مع متغيرات الحركة الحياتية وتعايشه فيها ومع أنه هل بإستطاعته التكيف مع كل مستجدٍ فيها أم لا؟! من جهة أخرى ولذلك فإن الإستمساك بتفويض الأمر إلى الله مطلب مهم بالنسبة لنا إن كنا نريد التوفيق والرعاية الإلهية لنا في كل شيئ نريده ، وفي كل أمرٍ نسعى ونتوق إليه ، وفي كل حال نبغيه لنا كحاجة ملحة ضرورية لانستطيع الإستغناء عنها بأي حال من الأحوال أذ يقول الله سبحانه وتعالى على لسان مؤمن آل فرعون :- ((وَأُفَوِّضُ أَمْرِيِ إِلىَ اْللهِِ إِنَّ اْللهَ بَصِيِرٌ بِالعِبَادِ…)) وتفويض الأمر الى الله عزوجل معنا : أن يعتقد الإنسان المسلم المؤمن..أن الأمور بكليتها آتية من الله وراجعة إليه سبحانه وتعالى ليس لأحد دخل فيها فأن فعل ذلك العبد المؤمن أو اعتقد ذلك أتاه فرج الله عاجلاً غير آجل وبالتالي حينما فوض سيدنا يعقوب عليه السلام أمره الى الله أنا أمر الله اي فرجه وهو أنه شم ريح إبنه يوسف من مسافة بعيد بين مصر والشام عند بعث بقميصه إليه ثم بعد ذلك رآه بأم عينه! بعد غياب دام سنين طوال وبالتالي فإن تفويض الأمر الى الله امر في غاية الأهمية كونه يحل إشكالية الشكوى والتذمر من معضلات الحياة وأحداثها الصعبة! والشكوى لغير الله مذلة!! ومن فوض امره الى الله ماذل أبدًا وانما سيجد الملاذ الآمن والهانئ والمعتمد فياأخي القارئ الكريم :-إن وقعت في مصيبة من مصائب الدنيا أيًا كان نوعها فلاتكل أمرك إلا إلى الله وأستعن به في كل حوائجك فهو القاضي الأول والآخر لها ويكفيك الحديث الشهير الذي يرويه إبن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال له :-
“يا غلام إني أعلمك كلمات..إحفظ الله يحفظك إحفظ الله تجده تجاهك ، اذا سألت فإسأل الله ، وإذا استعنت فإستعن بالله ، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيئٍ لن ينفعوك بشيئٍ قد كتبه الله لك .. وإن اجتمعوا على أن يضرّوك بشيئٍ لن يضرّوك إلا بشيئٍ قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف” ولهذا فإن تفويض الأمر إلى الله تعالى يجعل الإنسان تحت حفظ العناية الإلهية له – نعم .. إن تفويض امرك الى الله هو سعادتك في هذه الحياة لماذا؟!
لانه هو الحافظ لك واينما كنت وفي أي ارض تكون! وفي حلك وترحالك! ألم تقرأ قول الله تعالى :- ((إِنَّهُ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ…))؟! وفي موضع آخر :- ((فأَيْنَمَا تُوَلّوُا فَثَّمَّ وَجْهُ اْللهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم…)) فالحياة كل الحياة بقضها وقضيضها ليس لها من يسيرها إلا الله! فهو خالقها وبالتالي هو المدبر لأمورها كيفما كانت! فلا إستعانه إلا به ولاتفويض للأمور إلا إليه! فهو مدبر الأمر كله! سبحانه الواحد القهار وإذا أخذنا بهذالحال سنسعد في دنيانا سعادة مابعدها سعادة – فعش أخي القاريئ العزيز على هذا الحال مستمسكا بالله في كل شيئ وستحس بالسعادة الدائمة لأنك لن تأخذ من الدنيا إلا ماكتبه الله لك دون زيادة أونقصان! – اللهم احفظنا في هذه الحياة وجنبنا مكائد الشيطان ومحنه يارب العالمين
للكاتب أ. فاضل بن سالمين الهدابي