يُعتبر “مؤخر الصداق، في الفقه الإسلامي، ما يتم دفعه من قبل الزوج للزوجة، معجلاً أو مؤجلاً”، كما أنه شرعاً حق مفروض على الزوج ملزم بدفعه بالمعروف.
كنت استمع إلى حلقة قانونية قبل بعض الوقت، لا تتمحور حول موضوع الصداق، إنما النفقة، وأردت أن أذكرها، لتبيان بعض طرق التحايل المتبعة في عالمنا العربي والإسلامي، تتعلق بزوج طلّق زوجته، لكن المحكمة أجبرته بدفع النفقة لها ولأربعة أطفال، وهذا الواقع لم يعجب الزوج، ووبالمقابل لا يريد أن يُسدن لعدم الدفع، فقد رد زوجته إلى عصمته، وبدأ باتباع طرق التعذيب النفسي لدفعها هي لطلب الطلاق والتنازل عن حقوقها مقابل إنهاء هذا الزواج، وهذا يعني أن ثمة حالات أكثر من أن نحصيها يتم التلاعب بها وفق أدوات تخالف الدين والشرع والقانون وبالطبع الأخلاق.
بالعودة إلى موضوع الصداق، بشكله العام، وبحسب المتعارف عليه، في العرف وعادات وثقافة المجتمعات بأن “الصداق” أو ما يعرف فى الإسلام بـ”المهر” هو ما يدفعه الرجل للمرأة عند الزواج، ومفهوم الصداق يعني أن يلتزم الزوج بدفع المهر للمرأة، وهي حق لها من الزوج، والصداق هو وجه من أوجه تكريم الله تبارك تعالى للمرأة، ومقدار المهر لَم يحدد مِن قبل الإسلام نهائياَ لأنه مبنى على اتفاق أهل الزوج والزوجة على قيمة محددة، وعلى قدر استطاعة الزوج دون تكليف، اليوم نجد أن قيمة الزواج ليست الأخلاق ولا النسب الشريف وما شابه ذلك، بل الموضوع مرتبط بحساب القيمة المادية للمشروع كله، متغافلين عمداً عن أن المشروع ليس صفقة ولا تجارة بل البدء في إنشاء مؤسسة تربوية وأخلاقية مجتمعية بمشاركة شخصين بمحض إرادتهما، وهذا الأمر باعتقادي أنه سبب مباشر لكل حالات الطلاق التي نشهدها في كل البلاد العربية.
إشكاليات، مقدم ومؤخر الصداق؟
تناول الكثير موضوع المغالاة في المقدم و أثره على المجتمع، فالمغالاة في المؤخر حيث يعتبر الكثير من الآباء أنه عندما يكتب لابنته مؤخر كبير فهو تأمين لمستقبلها متناسياً أن الزوج إن أراد تطليق زوجته لا يمنعه شيء حتى المؤخر الكبير، وكما أشرت في المثال السابق هناك الكثير من الطرق التي يتملص بها الزوج من السداد وهي حالات شائعة جداً.
وكون مؤخر الصداق أحد أهم الحقوق المادية للزوجة، فقد فرضه الله تعالى تكريما لها وتأكيداً لصدق رغبة الزوج فيها، قال تبارك وتعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا)، وقال الشيخ الشعراوي رحمه الله إن مؤخر الصداق هو دين يتم تأجيله ويتم دفعه في حالة الموت أو الطلاق أيهما أقرب الرجل.
لكن هناك حالات يسقط فيها مؤخر الصداق عن الزوج:
إذا قامت الزوجة بإبراء ذمة الزوج عن كافة الحقوق المالية الخاصة بها.
يسقط مؤخر الصداق عن الزوج في حالة الخلع، وذلك لأن الزوجة تتنازل عن كافة حقوقها المالية والشرعية للحصول على الخلع.
يسقط المؤخر عن الرجل في حالة التنازل بموافقة الزوجة عنه دون إجبارها على ذلك.
أما في حالة وفاة الزوج، لا يسقط المؤخر عنه، وذلك لأنه دين عليه، ويحق للزوجة الحصول على المؤخر من التركة التي يتركها الزوج.
كما يحق للزوجة أن تقوم بالتنازل عن المؤخر برغبتها ودون إجبارها على ذلك.
أما في حالة رفض الزوجة لتقسيط مؤخر الصداق، فيحق للرجل التوجه للقاضي ليتم السماح إليه بتقسيط المؤخر من 3 أشهر حتى 5 أشهر، وبهذا يتمكن الرجل من سداد قيمة مؤخر الصداق على دفعات خلال المدة التي يحددها القاضي.
شروط رفع دعوى مؤخر الصداق
أن يكون الطلاق قد وقع بالفعل فلا يوجد دعوى مؤخر أثناء الزواج.
أن يمر فترة العدة على المطلقة رجعيا كشرط آخر من شروط رفع دعوى مؤخر الصداق.
كما أنه يشترط أن يكون ثابت المؤخر فى قسيمة الزواج.
بالتالي، يعالج القانوني الجيد هذه المسائل بدايةً بالتراضي دون خوض معارك المحاكم، وإن كان لا بد سيخضع لتأمين حقوق موكله سواء كان رجل أو امرأة، لكن دائماً ما تكون تلك القضايا مرتبطة بالمرأة أكثر من الرجل، لأن عدم سداد الرجل يعتقد أنه بذلك يعاقب الزوجة، متناسياً شرع الله تبارك وتعالى وهذا من جهة قانونياً غير صحيح، وشرعاً هو من درجات الإثم، لذا على الجميع عدم المغالاة لأن مؤسسة الزواج من أرثى المؤسسات لا يحب تشويهها بالماديات وصغائر الحياة.
عبدالعزيز بن بدر القطان / مستشار إعلامي – الكويت.