من المعروف أن قانون الأحوال الشخصية مستمد من الشريعة الإسلامية التي ما أغفلت لا صغيرة ولا كبيرة إلا وتمت ضياغتها بشكل محكم، لكن مع تطور المجتمعات وبالنظر لاحتلاف الظروف، كان لا بد للمشرعين والقانونيين إجراء تعديلات تراعي هذا التطور، رغم خروج أصوات نشاز كثيرة تطالب بسن قواعد مخالفة للشريعة لكن من وجهة نظرهم أنها عادلة، وهذا لا يمكن تطبيقه خاصة في الدول الإسلامية حتى وإن كانت ذات تعددية وألوان أخرى من الطوائف تعيش على أرضها من غير المسلمين.
لكن التعديلات هنا مهمة لجهة إضفاء طابع حضاري على المجتمعات فضلاً عن منح المرأة حقوقاً إنسانية أوسع مما كانت عليه، وهذا فيه رحمة من الخالق عز وجل، أن يُنظر إليها كإنسان يجب رعايته وصونه، من خلال إقامة بعض التوازن بين الرجل والمرأة خاصة في مجال الحياة الأسرية.
اليوم سنبحث مسألة حق رؤية الطفل بين الأم والأب الذي وقع بينهما انفصال، وما هي الثغرات القانونية في هذه المسألة، وما هي العقوبات المترتبة في حال منع أحد الطرفين تنفيذ هذا الحق، فإذا حدث الطلاق بين الزوجين يجب مراعاة جانب التربية المشتركة بينهما، والرؤية هي ما يربط الأب بأولاده في حالة الانفصال فكلما شعر الأبناء بترابط الأب والأم بعد الطلاق كلما كانوا أقوى في مواجهة الصعاب التي سيمرون بها، فقانون الرؤية لا يتماشى مع الوضع الحالي ويجب أن يتم استبدال هذا القانون بنظام الرعاية المشتركة لضمان مستقبل الأولاد لأنهم الأولوية في هذه الحالة.
فمن المعروف بعد وقوع الطلاق إن كان هناك أطفال صغار، تختص الأم بحق الحضانة وكنا قد تطرقنا إلى هذه المسألة بشيء من التفصيل في موضوعات سابقة.
في حالة رفض الأم أن تنفذ هذا الحكم، يقوم القانون بسحب الحضانة منها، كما أنه في حالة امتناع الأم تنفيذ الرؤية لأكثر من مرة، يمكن للأب أن يطلب تعويض من الأم عن الضرر المادي والأدبي الذي تعرض له الأب والطفل في حرمانه من رؤية أبيه، حيث يقوم الأب بإثبات حالة أن الأم قد امتنعت عن إحضار الطفل، وبناء على ذلك يتم سحب الحضانة عن الأم ووضع غرامة على الأم.
بالمصحلة، إن أبغض الحلال عند الله الطلاق، لكن الأطفال دائماً ما يدفعون ثمناً باهظاً من مسائل لا ذنب لهم فيها، لذلك دور القانوني اليوم بصرف النظر عن الاهتمام بموكله أن يحثه على مراعاة الطفل لأن هكذا دعاوى دائماً ما تكون مشحونة بغضب الطريفين لكسب معارك مادية رغم أن الخسائر المعنوية أشد إيلاماً وضرراً.
عبدالعزيز بن بدر القطان