أكرمني الأستاذ الفاضل سعيد بن خلفان النعماني منسق لقاء مجموعة رحلة زنجبار لعام ٢٠١٣ م بلفتة خاصة للمشاركة في تجمع الوفاء لزيارة أهل الكرم والوفاء في ولاية منح رغم أنني لم أكن مشاركاً في تلكم الرحلة الزنجبارية التي وصفت بأنها كانت رائعة ..
وكان الهدف الأسمى لهذا التجمع تلبية الدعوة الكريمة التي وجهها الأخ الفاضل/ علي بن سالم السليماني لأعضاء المجموعة المشار إليها لزيارته..
بالإضافة إلى زيارة أبناء فقيدنا الغالي المرحوم بإذن الله تعالى خلف بن خلفان المسروري الذي رحل عن هذه الفانية مخلفاً إرثاً من القيم والمعاني الأصيلة، وذرية صالحة حملت أمانته بكفاءة عالية..
وعلى هامش التجمع أيضاً زيارة حارة البلاد التاريخية العريقة بولاية منح ..
بدأ المشاركون في هذا التجمع يتوافدون من مختلف ولايات السلطنة منذ التاسعة من صباح يوم السبت ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٤ للهجرة الموافق ٢٢ أكتوبر ٢٠٢٢م ، وكانت نقطة التجمع مزرعة الزبادية لعصر وتصنيع السكر العماني، حيث أمضى الفقيد طيب الله ثراه زهرات شبابه وسنى عمره يكتب رحلة عشقه وكفاحه مع حرفة الزراعة التي سقاها من جهده وماله الشيء الكثير، وعندما قام ابنه اليقظان يشرح لنا مراحل انتاج صناعة السكر الأحمر، مروراً بالآلات والأواني القديمة.. تراءت لنا شخصية الفقيد حاضرة في وجداننا، وتخيلناه بيننا بقامته المعتدلة ولحيته الوقورة، وابتسامته العريضة، ودشداشته العمانية التقليدية ذات الأردان القصيرة، يوزع علينا من ثمار النخيل تارة ويسقينا تارة أخرى من شراب عصير السكر البارد الممزوج بالليمون، مصحوباً بشيء من الشعر والفكاهة والدعابة التي كانت سمات لا تفارقه رحمه الله رحمة واسعة..
بعد تناول واجب الضيافة التي أعدها بكرم فياض أبناء الراحل العزيز قمنا بجولة استطلاعية لحارة البلاد الأثرية التي تجسد صورة نمطية للحارة العمانية القديمة ومقوماتها الدينية والاجتماعية من مساجد ومجلس عام وبيوتات متراصة وتنور جماعي لانضاج اللحم وبيت تاريخي يتوارثه مشايخ الحارة، وتلك سمات أصيلة ترمز إلى اللحمة العمانية المتماسكة ..
أثناء زيارتنا للحارة لفت انتباهنا ضعف مستوى الترميم الذي تنفذه عمالة وافدة وغير ماهرة ، مع غياب الاستراتيجية الشاملة للاستفادة من هذه الحارة الرائعة، وجعلها رافداً للسياحة بما تتطلبه من جودة في الترميم، وإخفاء المشوهات، وتهيئة المرافق التي يحتاجها الزائر لهذا المكان الرائع، وهذا ما تعانيه معظم الأماكن السياحية في السلطنة، حتى تلك التي صرف في سبيل ترميمها ملايين الريالات تجدها بدون مرافق تسهم في الاستفادة من هذه الكنوز التاريخية، وتوظيفها في خدمة القطاعات السياحية والعلمية ..
بعد زيارة حارة البلاد وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً في جامع الفردوس .. توجهنا إلى منزل الفاضل علي بن سالم بن علي السليماني الذي وإن حاول المرض أن يقعده.. إلا أنه بثقته العظمى بالله عز وجل وعزيمته القوية، وابتسامته وبشاشته الدائمة أستطاع أن يكون نعم العبد الصابر المحتسب، فوجدناه كما عهدناه من قبل مبتسماً هاشاً باشاً في وجه ضيوفه الذين نسوا وعثاء السفر بمجرد مصافحته والاستئناس بحديثه اللطيف الممتع وكرمه الوفير..
وكان لشاعرية الأديب الأريب والشاعر الملهم ناصر بن سعيد الرواحي حضوراً في هذا اللقاء رغم وجوده في الجزيرة الخضراء بالجمهورية التنزانية الذي يستحق أن يتوج شيخاً لها بفعل ما يقدمه من خدمات جليلة ومعاصرة من خلال أكاديمية سمائل لعلوم القرآن الكريم والكلية المهنية التي افتتحها مؤخراً هناك مما ساهم وبفاعلية في تأصيل الوجود العماني في ذلك المكان الذي كان جزءاً من الإمبراطورية العمانية.. فقد تعطر اللقاء بإلقاء قصيدتين رائعتين من نظمه ألقى إحداهما الفاضل سعيد بن سليمان العلياني والأخرى ألقاها الطالب النجيب أيوب بن يوسف السليماني أثنى في مضمونهما على ولاية منح وأهلها الكرام، وخص بالتحية الفاضل علي السليماني، وترحم على المغفور له بإذن الله خلف المسروري، وشكر هذا الجمع الوفي على تلبيتهم الدعوة ..
واختتم هذا التجمع بدعاء مؤثر للشيخ ساعد بن عبدالله الخروصي الذي أمتعنا بثلاثة أدعية مباركة تلذذنا بالاستماع إليها بكل خشوع، الأول في جلسة مزرعة الزبادية ترحماً للمغفور له بإذن الله، والثاني في جامع الفردوس عندما أمَّ الجماعة لصلاة العصر، والثالث في منزل الأخ الفاضل/ علي السليماني وكان مسك الختام لهذا اللقاء الذي يستحق أن يسمى بلقاء الوفاء لأهل الكرم والوفاء..
فتحية شكر وتقدير للمستضيفين الكرام، ولكل من أسهم في إنجاح هذا التجمع الرائع، ولكافة المشاركين الذين لبوا دعوة الحضور بنية خالصة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
مسهريات يكتبها ناصر بن مسهر العلوي