من الشهيد المجاهد الشيخ عز الدين القسام.. إلى الشهيد المجاهد الرنتيسي، إلى الشهيد المناضل أبو علي مصطفى .. إلى الشهيدالرئيس ياسر عرفات.. مرورًا بكوكبة طويلة من القادة الشهداء وصولًا إلى الشهيد النابلسي ثم الشهيد تامر الكيلاني ورفاقه الذين تماغتيالهم فجر الثلاثاء 2022/8/9 يكاد لا يمر يوم أو حدث في المشهد الفلسطيني، إلا وتقوم وحدات الاحتلال الخاصة الاغتيالية باغتيالقائد أو نشيط فلسطيني، ولا يكاد يمر يوم إلا وتنطلق أصوات صهيونية، تطالب بالعودة إلى سياسة الاغتيالات والتصفيات النوعية ضدالقيادات الفلسطينية من الوزن الثقيل من وجهة نظرهم، أي تلك القيادات العسكرية أولًا التي تعمل في قلب الميدان: تنظيمًا وتدريبًا وتوجيهًا،وتلك القيادات المرشدة الموجهة التي تحمل عقيدة ولها تأثير جماهيري واسع.
ويعود تاريخ سياسة الاغتيالات الصهيونية إلى بدايات القرن الماضي، حيث نظر وخطط وأدلى وسوغ كبار المفكرين والمنظرين الصهاينةللاغتيالات المفتوحة وللإرهاب الدموي والتدميري ضد الشعب الفلسطيني، ما ترتب عليه لاحقًا سلسلة لا حصر لها من جرائم الحربالصهيونية ضد أهل فلسطين.
ففي 20/نوفمبر/1935 استشهد الشيخ عز الدين القسام… وبعدها بأيام في 2/ديسمبر/ 1935، عقد بن غوريون اجتماعًا طارئًا للقيادةالصهيونية في حزب مباي لبحث قضية واحدة: كيف ظهر بين الفلسطينيين والعرب قائد مجاهد محارب شعبي كبير كالقسام، الذي قادالمقاومة وشكل تهديدًا حقيقيًا لمشروعهم..
قال بن غوريون “أنه لأمر خطير جداً، أنها المرة الأولى منذ أن تفجر الصراع بيننا وبين العرب أن يبرز زعيم عربي يحمل فكرة ومبدأويضحي بنفسه في سبيلهما، أن هذا التطور ستكون له أبعاد عميقة، وذلك لأن كل الزعماء الذين واجهناهم حتى الآن لا يحظون باحترامجماهيرهم. إن هؤلاء الزعماء يبيعون شعوبهم من أجل مصالحهم الخاصة”.
ومنذ ذلك الوقت تبنت الحركة الصهيونية سياسة تصفية القيادات الفلسطينية والعربية التي تشكل تهديدا لمشروعها؛ فقد حظيت عملياتالاغتيال ضد القيادات السياسية والعسكرية والفكرية والثقافية والفنية والدينية الفلسطينية بمباركة صناع القرار الإسرائيلي على أعلىالمستويات، كما حظيت بمباركة القضاء العسكري لدولة الاحتلال، إذ “بارك كافة رؤساء الحكومات الإسرائيلية عدة مرات عمليات الاغتيالوحيوا منفذيها معتبرين ًإياها تندرج في إطار سياسة الدولة في مكافحة الإرهاب”، وكذلك كان بلدوزرهم في الإرهاب شارون قد اعتبر “أنسياسة الاغتيالات التي ينتهجها في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية هي الأفضل التي تلبي احتياجات إسرائيل الأمنية”، ولتواصل حكوماتإسرائيل تبنيها العلني الصريح لسياسة الاغتيالات مؤكدة: “أن سياسة الاغتيالات المحددة الأهداف التي تتبعها إسرائيل ستسمر”، لنصبحبالتالي أمام مشهد إرهابي صهيوني واضح المعالم والخطوط والأهداف، وأمام سياسة اغتيالات صهيونية رسمية ومشرعة من قبل أعلىالمستويات السياسية والقضائية والأمنية الصهيونية، ولتتبلور سياسة “إطلاق الرصاص باتجاه عناوين محددة”، ولتغدو “النخب والقياداتالفلسطينية كلها عدوًا في دائرة التصويب والقنص”، لنتوقف في الخلاصة المكثفة المفيدة؛ أننا عمليًا أمام دولة اغتيالات: تقوم باغتيالالفلسطينيين بشكل منهجي ومبرمج وبدون محاكمة وبدون سماع شهود وبدون شهود دفاع.. هذه هي حقيقة الوجه الصهيوني وحقيقة “دولةإسرائيل” لمن يصر على التهرب من مواجهة الواقع وطبيعة الصراع، فالحرب الصهيونية مستمرة ببالغ الإصرار الإجرامي على المقاومةالفلسطينية.. وعلى القيادات والرموز النضالية الوطنية الفلسطينية..
والهدف الكبير: التصفية الجسدية لكبار وقادة وأبطال النضال والكفاح الفلسطيني.. والهزيمة المعنوية والإرادية للشعب الفلسطيني وتركيعهوفرض الشروط والاشتراطات السياسية والأمنية الصهيونية عليه..
والهدف الأكبر والأبعد: اغتيال فلسطين وتهويدها بالكامل من المية للمية، على حساب اغتيال المشروع الوطني الاستقلالي الفلسطيني.
غير أن حسابات الحقل لا تأتي على قدر حسابات البيدر لديهم، فرغم جرائم الاغتيالات المفتوحة من القسام إلى بهاء أبو العطا، مرورًابمئات الشهداء الذي سقطوا اغتيالًا، وصولًا إلى الشهيد إبراهيم النابلسي ثم تامر الكيلاني، فإن الشعب الفلسطيني، يغدو دائمًا أقوىوأشد صمودًا وإصرارًا، ويؤكد أن حالة الاشتباك مع هذا المشروع والكيان الصهيوني الإجرامي؛ اشتباك مفتوح عابر للأجيال والأزمان،حتى هزيمة ذلك المشروع والكيان وتحرير فلسطين كاملة من براثنهم.
نواف الزرو