ليس التأميم اجراءً تتخذه الدول والانظمة فى مواجهة الأغنياء فقط، على غرار قرارات التأميم التى تصدرها الانظمةالاشتراكية او تلك التى اصدرها جمال عبد الناصر فى يوليو ١٩٦١.
وإنما هناك انواع أخرى من التأميم أشد قسوة من ذلك بملايين المرات، مثل تأميم الدولة لدخول ومدخرات عامة الشعب منالفقراء والطبقات المتوسطة.
وهو ما حدث فى مصر فى السنوات الماضية، تحت عنوان الإصلاحات الاقتصادية حين تم بتعويم الجنيه ورفع الدعمورفع الاسعار تنفيذا لتعليمات صندوق النقد الدولى.
ففى حالة تأميم الأغنياء، يتم استيلاء الدولة على ثرواتهم سواء كانت شركات أو مصانع او مزارع أو أراضى او عقارات اوارصدة مالية فى البنوك او اسهم فى البورصة .. الخ.
اما فى حالة الطبقات الفقيرة والمتوسطة فلقد تم فى الفترة من 2016 حتى اليوم 27 اكتوبر 2022 تأميم من يقرب اويزيد عن ثلثى دخولهم ومدخراتهم ان وجدت.
فسياسات التعويم المتعددة والمتكررة على امتداد الست سنوات الماضية، قد أدت الى خفض قيمة الجنيه امام الدولار من(8) عام 2016 الى (23) اليوم، بما يعنى ان الألف جنيها القديمة قد صارت قوتها الشرائية تعادل 348 جنيها فقط، وذلكبدون حساب الزيادات الكبيرة التى حدثت فى الأسعار.
فاذا أضفنا الزيادة فى الأسعار، فان الوضع يزداد سوءا وسوادا؛ حيث بلغت نسبة الارتفاع فى بعض السلع الرئيسية والاستراتيجية 265%، كما هو الحال بالنسبة لبنزين 92 على سبيل المثال الذى ارتفع من 3.25 جنيه عام 2016 الى9.25 جنيه اليوم، وهكذا.
اى ان الجانب الأكبر من دخول وأجور ومدخرات المصريين قد انتقلت من ذممهم المالية الى خزائن الدولة (بالغاء الدعمورفع الاسعار)، او الى خزائن الاقتصاد العالمى ممثلا فى شركات متعددة الجنسية (بتعويم الجنيه امام الدولار).
فماذا يمكن ان نسمى ذلك سوى انه عملية تأميم بامتياز.
لقد جرى العرف ان يرحب أنصار الفقراء من المؤمنين بالاشتراكية او بالعدالة الاجتماعية بتأميم ثروات كبار الرأسماليين الذين الذين ينهبون مقدرات البلاد ويستأثرون بثرواتها ويمتصون عرق ودماء غالبية الشعب.
اما تأميم الفقراء على طريقة صندوق النقد الدولى والمؤتمرين بأوامره وتعليماته من سلطات وحكومات، فى مصر أو فىغيرها من البلدان الفقيرة، فانه لا يعدو ان يكون بمثابة عملية اغتيال اقتصادى وطبقى فى وضح النهار.
ولا حول ولا قوة الا بالله
محمد سيف الدولة يكتب