بصرف النّظر عن سنِ الإنسان و عقله و فكره ولكن لكُل واحد منا قصصٌ ما في أماكن مختلفة و متعددة و قد تتراوح هذه القصص بين الحُزن و الفرح، قصصنا مليئة بالمغامرات و الأحداث العميقة التي قد نرويها تارة بين الحين و الآخر و تارة نحتفظ بها مع أنفسنا دون القول لأحد، جميعنا عشنا و مازلنا نعيش مواقف مضحكة مؤلمة و جارحة في آنٍ واحد و منكهة للروح و الجسد مع ذلك تتخللها بعض من البهجة والسرور.
لدي رسالة إلى كُل الذين قبلوا في غير تخصصاتهم و الذين تحطمت أحلامهم و أهدافهم و الذين استسلموا للفشل و الخوف و الذين ما زالوا تائهين ولم يستطيعوا معرفة ماذا يريدوا و الذين يقضون حياتهم في تقليد الآخرين و التشبه بهم من حيث اللبس و الكلام و الأفعال حتى الهوية.
أنا فتاة أدعى غُفران أنهل من العمر ١٩ سنة، محبة للخير و الناس أقرأ في التاريخ و الأدب و اللغة و بعض المقالات في علم النفس، أحاول تعلم كل ما هو مفيدًا لي بحيث يجعلني أتقدم و أطور يومًا بعد يوم، أردت أن أشارككم قصتي فأنا أيضًا مثلكم لدي قصص كثيرة مليئة بالحزن و الفرح عشتها و ما زلت أعيش بعضًا منها، كان لدي حُلم منذ صغري بأن أصبح محامية حتى أتمكن من مُساعدة الناس من خلال الدفاع عنهم و إظهار الحق و رفع الظُلم كان هذا الحلم بالنسبة لي كل شيء حتى أنني كُنت أتدرب و أقف بكل شموخ مقلدةً المحامين عندما يتحدثون في الجلسات، وأيضًا كُنت أبحث عن المهنة و أقرأ عن المدعي و المدعي عليه و عن القانونين و الجلسات و الأحكام القضائية و على ماذا يستند القاضي في حكمه و من هو كاتب العدل كُنت شغوفة جدًا بهذه المهنة و متحمسة كثيرًا لدراسة القانون بكل شجاعة و قوة دون خوف و تردد، كُنت دائمًا أقف أمام المِرآة أتخيل نفسي في جلسة قضائية ما أتحدث فيها أمام القاضي بكل ثقة، يومًا بعد يوم ظل هذا الحُلم يكبر في داخلي يدفعني إلى الأمام بكل قوة كُلما حاولت الاستسلام أو الرجوع للخلف أتذكر ما يجب علي فعله ثم أنهض من جديد دون استسلام و خوف، أصبحت مفعمة بالحيوية و النشاط كُنت دائمًا ادعوا الله أن يوفقني بالوصول إلى ما أتمنى كُل هذه الأحداث و المواقف كانت قبل دخولي للكلية.
حيث أن هذا الحُلم غيرني أنا غُفران شخصيًا و غير الكثير من حياتي جدًا جدًا جعلني أتميز دراسيًا و محبة للعلم و للإطلاع فقد أجتهدت بكل ما لدي من طاقة على أمل أن أصبح محامية جديرة بالثقة، أتى وقت تسجيل الرغبات لم أصدق على نفسي فكُنت سعيدة جدًا لأنني أقتربت من حُلمي الذي كُنت أحلم به دائمًا في كُل ليلة قبل النوم، أبدا التسجيل قمت أنا بالتسجيل وضعت أولًا تخصص أحلامي بكل سعادة و فرح و البسمة لم تفارقني ثم بقية التخصصات و لكن الصدمة بالنسبة لي كانت عندما قُبلت في تخصص ” تنمية موارد بشرية “غير التخصص الذي كُنت أحلم به أحدثكم و بكل صدق تحطمت و حزنت جدًا و استسلمت و ضعفت من ثم اهتزت ثقتي بنفسي أصبحت أرى نفسي فاشلة لا أستطِع فعل شيء دخلت الكلية و أنا لستُ راضية عن نفسي و لا عن تخصصي و لست متقبلة للوضع بتاتًا حاولت أن أغير التخصص و لكن كان غير مسموح لم استطع تحطمت أكثر و كنت أتذمر كثيرًا قائلةً : ” ما هذا التخصص أنا لن أستطِع النجاح فيه و صعبًا جدا و لا أفهم شيئًا فيه ” كُنت أغضب حتى عندما أتحدث عنه.
أما الآن فأنا سعيدة عن نفسي و تخصصي و راضيه رضا تام لأنني تقبلت التخصص بكل حُب و قناعة بعد الإطلاع المكثف عليه و فهم فكرتهُ الأساسية حول ماذا يدور و يتحدث بعد ذلك عزمت على نفسي بأن أجتهد و أجاهد نفسي أولاً متوكله على الله سبحانه وتعالى، ومن ثم تذكرت قولة تعالى ” عسى ان تكرهوا شيئًا وهو خيرًا لكم و عسى ان تحبوا شيئا وهو شرًا لكم ” -صدق الله العظيم- أن الله عندما يضعنا في أماكن عكس الذي نُحلم بها و نتمنى فهذا هو الخير لنا، نحن نعمل و نسعى و نفعل كل ما يجب علينا فعله و لكن تبقى إرادة الله فوق كل شيء فلا تحزنوا أو تيأسوا بسرعة أعملوا من جديد ادرسوا أقروؤا ما زال الوقت باكرًا على الاستسلام و التراجع لا بأس بالفشل و ارتكاب الأخطاء لأنها تعتبر أساس النجاح و القوة و الصمود في تقدم الإنسان و تطوره توقفوا عن لوم أنفسكم بالفشل و النقص و قلة المعرفة، فأنا كُنت مثلكم محطمة من الداخل و خائفة و ليس لدي تلك الثقة القوية بنفسي ظننت بأني فاشلة و لن أستطع فعل شيء سواء البكاء و التذمر على حلم مضى.
تذكروا جيدا اختيارات الله سبحانه و تعالى هي الأصح لنا دائمًا لأن الله يعلم السر و ما يخفى حشاه أن يفرق بين عبد من عباده جميعنا متساوون أمام الله و لكن السعي هو الذي يفرّق بين الناس هناك من يسعى و يأخذ بالأسباب و هناك أيضًا الذي لا يسعى و ينتظر عن يأتيه الرزق دون جد و اجتهاد، لذلك الله ينظر و يعلم من الذي يسعى و يحاول و العكس أيضًا و لا تتوقفوا عن المحاولة إن لم تنجحوا الآن سوف تنجحوا بلا شك عندما تستمروا في المحاولة و التكرار مع التفكير المنطقي و الصحيح نحو ما تريدون فعله، أيضًا للذين يقلدون الآخرين في كل شيء توقفوا عن التقليد و التصنع حتى أنتم أيضًا لديكم قصص و شخصيات مختلفة عن بعض تستطيعوا أن تكونوا أبطال قصصكم من خلال السعي خلف أهدافكم و أحلامكم ليس هناك داعٍ في أن تكونوا مثل فلان و فلان يكفي أن تكونوا كما عليه لأن لديكم قصص تخصكم أنتم فقط.
ترددت كثيرًا في كتابة هذه الخاطرة و لكن لدي رسالة أتمنى أن تصل حقًا لهم و أن يعيدوا النظر و التفكير في حياتهم من جديد و لأننا جميعنا نستحق أن نكون دومًا الأفضل متميزين بقصصنا و أحداثها، و في النهاية أصبحت بطلة لقصتي مفتخرة بنفسي بأنني ما زلت أسعى و أحاول لكي أصنع قصص متميزة و متفردة عن البقية و الكل يستطيع فعل ذلك.
غفران بنت صالح الهدابية