منذ الأزل والحياة تعزف لحن الوجود في سيمفونيّة رائعة على أوتار الأمل من أجل الخلود الأزلي ، ستفتح كل أبواب الخلود وسيكون لتلك الأرواح الطاهرة في السماء مكان بل أماكن لا تدركها العقول فهي فوق إدراك كل مخلوق .
لم يعد لمفهوم الموت صدىً عندي يؤلمني أبداً ، فأنا مخلوق من أجل الوصول إلى ذلك الخلود الذي أبحث عنه في خفايا وجداني ، فالموت مجرد نفق يبعدني من وعن عذابات الوجود فلن يكون هناك ألم يختزل في داخل أنفاسي بل سمو يعُانق رحمات الله .
لن يكون شعوري سوى ارتياح بدفن جثتي التي حملت كل إعاقات الوجود ، واختزلته في إحساس المشاعر الذي يختفي تارة ويظهر للعلن تارة أخرى من شدته مهما حاولت كتمانه في داخل تلك الأنفاس المرهقة من عذاباته المتتالية التي تعصف بكل شيء في الوجود من حولي .
قالها ثم اختفى فجأة! … لم أعد أكترث للموت بعد رحيل أمي التي أرضعتني ذلك ال وجود من حنانها ، وعلمتني كيف أخطو خطوتي الأولى على هذه الحياة الفانية ، التي لم أدرك معنى فنائها في حينه، بل كنت فرحاً باللهو فيها مع من حولي ممن كانوا في نفس عمري ، وفي أحضان وعلى أكتاف الذين تلقوا لطمات متتالية من قسوة الأيام ومرارتها ، ولكني لم أكن فعلاً أعي شيء من ذلك ، بل كنت أنظر لكل شيء بأنه موجود من أجلي أنا فقط ، حتى السماء بنجومها وأحجامها فقط أنتظر متى سأكبر لكي ألمسها وأمتلك إحداها لتكون لي أنا وحدي .
لم أكترث لشيء في هذه الحياة فكل همي منصّب للحصول على تلك النجمة التي اختزل أوصافها في مخ يّلتي، وأنتظرها كل ليلة لكي أقول لها ولقدري حينها بأنك محجوزة لي ،ولا أريد أحد يسبقني اليك ويأخذك مني، لذا تركت لهم كل هذه الأرض، واكتفيت بحيزّ بسيط يأويني ورأيته بأنه أكثر مما أتمنى وفوق كل امنياتي، فبكيت عشقاً في رب الوجود والخلود الذي أعطاني أكثر مما استحق وأفضل مما أتمنى .
ضحكت يوماً حتى ظنوا بأن الثمالة قد لعبت بعقلي، ولم أعد أميزّ بين الأشياء أو بالأحرى لم أعد أكترث لأمر شيء لربما سيقلقني أو يسبب لي حرجاً، لم أكترث لحظتها من أحدهم، ولم يخطر ببالي أن أهتم لأمرهم، فهم يعيشون في عالمهم الوجودي الذي ارتأوه لأنفسهم، ولم يفهموا بأن هناك نجمة في السماء أصبحت ملكاً لي دون علمهم …. هم يبحثون عن أرض الوجود وما فيها، وأنا أنظر إلى نجمة الخلود التي أبتغي الوصول إليها وهم لا يشعرون، حتى ظنوا بأن مسّاً من الجن قد أصابني أو شيء من جنون.
لا بأس أيها الثمل المجنون اضحك ح تى ترتسم عروقك على وجهك …. ولكن كيف لثمل أن يكون ساجداً لربه وتستجاب دعوته ويرتل القرآن في نومه ويهيم بصلاته جالساً من نومه ويردد آية الكرسي وهو يغط في نومه؟!!! … “هم كانوا يسألون أنفسهم عن الذي قالوا يوماً أنه ثمل”.
حمدان بن هاشل بن علي العدوي