يوم الخميس الماضى ذهبت لزيارة الصديق والشاعر جمال عطا مدير البنك الأهلى بالقوصية، وجمال عطا لأنه شاعر وفنان، فكانت تلكالتركيبة جعلت منه قيادة مصرفية مميزة فى تعامله مع العملاء، حتى إنه قد أثر فى العاملين فى البنك بما يؤكد أن شخصية القائد فى أىموقع لها تأثيرها المباشر على العاملين معه.
ولما كان يوم الخميس هو أول يوم فى إصدار الشهادات ذات العائد ٢٥٪، فشاهدت ذلك التجمع غير العادى من مودعين يحملون النقود فىأجولة محمولة على الأكتاف. بما يعنى أن النظام المصرفى والنقدى وما يسمى بالشمول المالى لم يحقق ماهو مرجو حتى الآن. كما أن فائدةبهذا القدر جعلت الجميع يتسابق للإيداع على اعتبار أن هذه الفائدة قد تخطت نسب أرباح أى مشروع. فهل هذا هو الحل؟ أم أن الأمر أولًاوأخيرًا لا حل له غير الإنتاج ثم الإنتاج؟ وأنا فى هذا الحوار اتصل بى نيافة الأنبا توماس مطران القوصية، طالبًا منى الحضور لاستقبالعصام سعد محافظ أسيوط لحضوره للمعايدة بمناسبة عيد الميلاد المجيد.
وكان طقس حضور المحافظ للمعايدة على إيبارشيات أسيوط قد دشنه زكى بدر عندما كان محافظا لأسيوط، حتى أصبح هذا يتم علىمستوى الجمهورية. وعصام سعد جاء لأسيوط قبل كورونا فلم يتم لى التعامل معه خاصة أن إلامكانات المالية للإدارة المحلية قد أصبحتالآن فى خبر كان، ولذا وجدنا على مستوى الجمهورية أن المحليات من القرية إلى المحافظة لاحول لهم، ولا حل نراه فى كثير من القضاياخاصة التكاتك والنظافة وإشغال الطرق والشوارع فى ظل فوضى عامة تتحكم فى الشارع.
فلذا لم تكن لى علاقة به على غير عادتى مع كل المحافظين. كان المحافظ يأتى للمعايدة ومعه مدير الأمن وأمين الحزب الوطنى ومدير الأمنومباحث أمن الدولة والمخابرات ووكلاء الوزارات. فى موكب يوقف الحركة ويهز الأركان. ولكن وجدت عصام سعد يستقل السيارة فى المقعدالأمامى بجوار السائق. فلا موكب ولا هز للأركان غير عدد من العاملين معه فى المحافظة. فوجدت أن هذا سلوك جديد وجميل. نعم حضرالمحافظ بعد الميعاد وهذا يجب أن يراعى. ولكن كانت الجلسة قد تحولت إلى شبه برلمان يطرح مشاكل القوصية التى هى مشاكل كل مراكزمصر. فى وجود المحافظ ورئيس المركز. وبصراحة وجدت المحافظ يدير حوارًا مجتمعيًا جيدًا حول كل المشاكل محاسبًا رئيس المركز علىبعض الملاحظات التى شاهدها بنفسه.
ولما تطرقنا لمشكلة النظافة «الزبالة تحديدًا» هنا وجدنا الأنبا توماس مطران القوصية يشارك فى الحديث طارحًا حلولًا عملية تتمثل فى قيامجمعيات العمل الأهلى مسيحية وإسلامية بالمساهمة العملية فى حل لهذه المشكلة المتفاقمة.
شارك الحضور وكان حوارًا مجتمعيا نطالب به طوال الوقت حتى يكون هناك علاقة مباشرة بين المواطن والمسئول، الشىء الذى يوجد شراكةمجتمعية وسياسية، خاصة فى ظل غياب المجالس المحلية، وتقاعس البرلمان فى كثير من القضايا المجتمعية الحاكمة. فطلبت من المحافظ أنيقوم بمثل هذا الحوار فى كل مكان فى المحافظة حتى تكون هنا مشاركة شعبية تسهم فى أيجاد ثقافة جديدة، تعنى أن يقتنع المواطن بدورهفى حل المشاكل. أو على أقل تقدير ألا يسهم فى تفاقم المشكلة.
أحكى هذا كنموذج مطلوب سواء فى اختيار القيادات المناسبة للمكان المناسب وإدارة الحوارات المجتمعية مع الشارع حتى نتخطى المشاكلقبل حدوثها. على العموم قد تغيرت نظرتى لعصام سعد آملين أن نراه وكل المحافظين تاركين مكاتبهم متجولين فى الشارع مرتبطين بالمواطنبعيدًا عن المنظرة. فالشعب يحتاج إلى أن يبذل كل مسئول فى موقعه المزيد والمزيد من الجهد والعرق لمواجهة تلك التحديات المحيطة بنا. ومنالطبيعى أن يعلم أى مسئول أنه خادم لهذا الشعب فالشعب هو المعلم. كل سنة والجميع بخير وحمى الله مصر وشعبها العظيم.
جمال أسعد