تَولِّي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم في الحادي عشر من يناير من عام 2020 مقاليد الحكم في البلاد، فياستحقاق مشهود بوصية المغفور له بإذن الله تعالى مولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ واضعا النهجالسَّامي لسُلطان عُمان الراحل طريق البناء ومسار التوجُّه لنهضة عُمان المتجددة، حيث شكَّل خطاب جلالة السُّلطان المُعظَّم في الثالثوالعشرين من فبراير لعام 2020 خطوطا عريضة ممتدَّة بالأولويات والمرتكزات التي يتجه إليها العمل الوطني، في مرحلة انتقالية تخطو نحوالمستقبل بخطوات وثابة، ومنهجيات حكيمة، واضعة الإرث العُماني التأريخي والحضاري الخالد طريق القوة وركيزة البناء. ورغم الظروفالاقتصادية التي تزامنت مع تولِّي جلالة السُّلطان المُعظَّم مقاليد الحكم، الناتجة عن الانخفاض القياسي لأسعار النفط وجائحة كورونا(كوفيد19)، إلا أن الإرادة السامية والرؤية الحكيمة لجلالة السُّلطان والصورة التي رسمها للعمل الوطني في مواجهة التحدِّيات المالية والحدِّمن تأثيرها على الموازنة العامة والمشروعات التنموية والاستثمارات، ممثلة في جملة القوانين والإجراءات الاقتصادية التي عكست حسنالتدبير وحس المسؤولية، وتعزيز مفهوم اقتصاد الأزمات، كانت كفيلة بإعادة مسار التوازنات الاقتصادية في المشهد العُماني والمحافظة علىالمرتكزات والثوابت الاقتصادي في مسارها الصحيح، الأمر الذي حفظ للاقتصاد العُماني موقعه وحضوره في السياسات والشراكاتالاقتصادية الاستراتيجية للسلطنة بما لا يؤثر على موقعها الحضاري ـ الذي وجهته في سبيل خلق سلاسل أوسع وخيارات افضل للتوريدالمباشر وربط موانئ سلطنة عُمان بأكثر من 80 ميناء حول العالم، للحدِّ من الاختلالات المرتبطة بتحدِّيات سلاسل التوريد وعمليات الإغلاقالتي تمت في اثناء جائحة كورونا للمنافذ الجوية والبرية ـ وفي إطار جهودها الساعية إلى تعزيز بنية اقتصادية متوازنة تتسم بالتنوعوالاستدامة والكفاءة والمهنية وتستقطب المستثمرين العالميين وشركات الاستثمار في مختلف القطاعات، ومع افتتاح ميناء الدقم وتعزيز مسارالتسويق للمنطقة الاقتصادية بالدقم والفرص التي أوجدتها، كان ذلك إيذانا لمزيد من التحولات الإيجابية في الفرص الاقتصاديةوالاستثمارية والتي جادت بافتتاح عدد من المنشآت النفطية ومنشآت الغاز، بالإضافة إلى بعض منشآت الصناعات التحويلية وانتهاء بسعيالسلطنة نحو تحقيق الحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050 وعبر جملة المبادرات الوطنية الرامية لتحقيق التوازن بين التنمية المستدامةوبناء اقتصاد المعرفة والاستفادة من التكنولوجيا النظيفة.
لقد كان للإرادة الحكيمة الواعية والقيادة الفذة الواعدة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم طريق القوة في صناعةالتغيير في منظومة الاقتصاد وخلق روح المسؤولية في أبناء هذا الوطن الغالي بالوقوف صفا واحد في مواجه هذه التحدِّيات وتغليب المصلحةالعامة على المصالح الشخصية، وتفهم المواطن نفسه لمعطيات المرحلة وما تتطلبه منه من عمل مخلص، وجهد مضنٍ وعطاء مستمر، وسعيٍجادٍّ، كان له أثره الإيجابي في تحقيق انجازات اقتصادية مشرّفة، كان من بينها قدرة السلطنة على سداد أكثر من 3.5 مليار ريال عُمانيضمن استراتيجيتها في إدارة الدَّين العام، ونمو الاقتصاد العُماني بنسبة 4.4% ليتجاوز متوسط نمو اقتصادات العالم في عام 2022،وحصول سلطنة عُمان على تصنيف ائتماني جيد مع نظرة مستقبلية مستقرة للمرة الثانية خلال عام 2022 من BB- إلىBB مع نظرةمستقبلية مستقرة، تحمل في دلالاتها حكمة جلالة السُّلطان المُعظَّم في إدارة الواقع الاقتصادي، والإجراءات المالية التي اتخذتها الحكومةفي إطار الخطة المالية متوسطة المدى، وأسهمت في تحسُّن الأداء المالي للدولة، وفق مسارات تتسم بالتنظيم المعزز بالإدارة الكفؤة، الأمرالذي سينعكس إيجابا على حياة المواطن وقناعاته وإيمانه بالثوابت والمرتكزات الوطنية، وما أصَّلته فيه من حس الوطن وروح المواطنة وأنموذجالولاء والعرفان لجلالة السُّلطان، وهي جهود بدت تضع المواطن ـ الشريك الأساسي في بناء الدولة ـ أمام مسؤولياته التاريخية والوطنيةوالأخلاقية في أن يمارس دوره الحضاري ومسؤولياته القادمة في إطار من الوعي والكفاءة والبصيرة والمهنية.
وعليه، فقد أسهمت النُهُج التي التزمتها الحكومة في بناء منظومة اقتصادية واعدة، والسياسات الاقتصادية التي اتجهت إليها وفق إجراءاتضبطية فاعلة للأداء المالي، ومبادرات تنموية وتحفيزية جادة في إطار الخطة المالية متوسطة المدى، والتحسّن الذي شهدته المؤشراتالاقتصادية والمالية العامة للدولة، تمثل هذه المعطيات الإيجابية حول اقتصاد سلطنة عُمان وتوقعات نموه في ظل الخطط متوسطة المدىوالخطط التحفيزية التي انتهجتها، محطة نوعية في مسيرة البناء، سيكون لها أثرها الإيجابي في قدرة سلطنة عُمان على تجاوز التحدِّياتالمالية وتوجيه الفائض من ارتفاع أسعار النفط والغاز في سداد الدَّين العام ورفع مستوى الحوافز الاقتصادية التي تستهدف جذبالاستثمارات وتحقيق بيئة أعمال قادرة على التكيف مع معطيات الواقع، مع تعزيز فرص التنويع الاقتصادي والاستفادة منها في تنفيذشراكات استراتيجية في تعزيز الاقتصاديات الواعدة وتعزيز دور الطاقة المتجددة واللوجستيات والمناطق الاقتصادية الحرة بصلالة وصحار،والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، والتسهيلات والحوافز التي تستهدف رفع كفاءة أداء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتوجيه الجهودنحو الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، مستفيدة من الموقع الجغرافي للسلطنة، والحضور الجيوسياسي الذييشكِّل دعامة وطنية اقتصادية مهمة في خلق الشركات واستقطاب الشركاء وصناعة وإنتاج الفرص الاقتصادية بما يمكن أن تشكِّله علىالمدى البعيد من تعزيز اقتصاد السلطنة وجعلها مركز تجاري إنتاجي متكامل في ظل الشركات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع الاشقاءوالأصدقاء في دول المنطقة والعالم والتي جاءت تتويجا للزيارات التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان المُعظَّم إلى المملكة العربيةالسعودية ودولة قطر والمملكة المتحدة وألمانيا، بالإضافة إلى البيانات المشتركة لزيارات أصحاب الفخامة والسُّمو قادة الدول الشقيقةوالصديقة إلى سلطنة عُمان، ولقاءات جلالة السُّلطان بكلٍّ من ولي العهد بالمملكة العربية السعودية، وجلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية،ورئيس جمهورية مصر العربية، ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وصاحب السُّمو رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ورئيسة تنزانيا،ورئيس زنجبار، وغيرهم والتي كان لها أبلغ الأثر في تعزيز التكامل الاقتصادي وتبنِّي مشاريع مشتركة سيكون لها أثرها على اقتصادالسلطنة.
لقد انطلقت مسيرة نهضة عُمان المتجددة شاقة طريقها، للوصول بعُمان إلى المكانة التي أرادها لها سلطانها الراحل والصورة الجديدة التييرجوها أبناء عُمان لبلادهم بقيادة مجدد النهضة جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم، فمع استمرار نهج التوازن والحكمة والشراكةوالتعاون الدولي خارجيا، وشكَّلت رؤية العمل في الداخل نموذجا جسَّد هذا التكامل في الرؤى والمنهجية في التوجه، للقناعة بأن بناء الدولةوترسيخ معالمها وتأصيل مبادئها وتعزيز موقعها إنما يأتي عبر التناغم بين المنظومات المجتمعية المختلفة الاقتصادية والاجتماعي والسياسيةوالفكرية والتعليمية والأمنية، في إطار من التوازن الفكري والنفسي والمعرفي والذي يلقي على منظومة الجهاز الإداري للدولة مزيدا منالمسؤولية في تحقيق مستهدفات رؤية عُمان 2040، فإن حالة الاستقرار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد صورة نموذجية معبرة عن سلامةالنهج وإخلاص العمل وروح التغيير التي أراد جلالته أن تكون حاضرة في مسيرة البناء الوطني، للوصول إلى مرحلة اتفاق يعبر فيهاالمواطن بكل أريحية واقتناع وثقة عن حبه لعُمان وإخلاصه للوطن وولائه لجلالة السُّلطان، فإن ما شهدته سلطنة عُمان حراك وطني نوعي عبرالتقنيات الحديثة في انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة في الخامس والعشرين من أغسطس لعام 2022، يؤسس لهذه الشراكةالفعلية التي ينتظرها الوطن وتبني عليها مسيرة التنمية وتتحقق منه خلالها فرص الإنجازات، ولتعطي صورة الوعي الاجتماعي في قدرتهعلى إذابة كل المعكرات والمنغصات بما يضع المواطن في أولويات الاهتمام. فلقد كان خلف هذه الصورة النموذجية التي رسمها جلالةالسُّلطان المُعظَّم لعُمان، إرادة طموحة ساعية نحو التغيير وصناعة الفارق، ويبقى الحادي عشر من يناير، يوم تولِّي جلالة السُّلطان المُعظَّممقاليد الحكم في البلاد، ميلادا جديدا لنهضة عُمان المتجددة، ومحطة تاريخية في مسيرة البناء والتطوير، تحكي فصلا جديدا في مسيرةبناء عُمان الدولة والإنسان، وقصة نجاح يسرد تفاصيلها أبناء عُمان لتنضم في حلقاتها إلى قصص النجاح الخالدة، وتعطي دروسا للعالمأجمع في التنمية والسلام والأمن والاستقرار والتوازن وبناء الإنسان.
د. رجب بن علي العويسي