بينما تعيش مصر اليوم حالة من الاضطراب والخوف والغضب الشديد من الازمة الاقتصادية الطاحنة، فان الولاياتالمتحدة على العكس وكالعادة، تراها فرصة سعيدة ومناسبة للتدخل وزيادة النفوذ.
ففيما يلى نموذج مكرر يكشف كيف يرحب الامريكان دائما بأزماتنا ويسارعون لاستغلالها. فعلوها معنا مئات المرات منذأن قررت الادارات المصرية المتعاقبة، الانضواء تحت النفوذ الامريكي بعد حرب 1973. يصنعون ازماتنا، فيغرقونا فىالقروض والديون والمعونات، ثم يوظفونها لممارسة مزيد من الضغوط والهيمنة.
كتب* “بن فيشمان” على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى وثيق الصلة باللوبى الصهيونى فى الولاياتالمتحدة، مقالا حث فيه الادارة الامريكية على الاستفادة من الازمة الاقتصادية المصرية الطاحنة وتوظيفها لمزيد من الضغطعلى مصر لتغيير سياساتها تجاه روسيا والصين وليبيا وحقوق الانسان. فلا بدّ لأحدٍ أن ينكسر على حد قوله.
وبعد أن قدم عرضا تفصيليا للأزمة الاقتصادية، خاطب الادارة الامريكية مؤكدا:
· أن مصر مهمة لأمن اسرائيل ولكن هذا لا يكفى:
لطالما ركّزت العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر على أهمية القاهرة لأمن المنطقة، ولا سيما على دورها في الوساطة معحركة “حماس” وفي الحفاظ على علاقاتٍ أمنيةٍ إيجابيةٍ مع إسرائيل. وتشير التقارير المصرية إلى أن هذه الأولوياتتعزّزت عندما قام مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” وليام بيرنز بزيارة السيسي في 23 يناير.
· ولكن يتعين على واشنطن في المرحلة المقبلة وضع استراتيجيةٍ أكثر شموليةً تجاه مصر تشمل:
1) تقديم مساعداتٍ اقتصاديةٍ أكبر،
2) وتسهيل الاستثمار من خلال ضمانات القروض،
3) ودراسة خيارات الإعفاء من القروض،
4) والاستفادة من نفوذ الولايات المتحدة على “صندوق النقد الدولي”
5) والطلب من الشركاء الخليجيين النظر في طرق للحد من اعتماد مصر على المساعدات.
وفي المقابل انه يتوجب على القاهرة أن تتقبل إحداث تغييرٍ كبيرٍ في سياساتها بشأن روسيا والصين وحقوق الإنسانوليبيا.
أولا ـ روسيا:
الضغط لإبعاد مصر عن روسيا ودفعها إلى قطع خط التجارة والمبيعات العسكرية والسياحة. فهى تتخذ حتى الآن موقفٍاحياديا بشأن الحرب في أوكرانيا لتفادي استفزاز موسكو، وتقوم إحدى الشركات الروسية ببناء محطةٍ لتوليد الطاقةالنووية بقيمة 30 مليار دولار في مصر بتمويلٍ كبير من موسكو، بينما وضعت شركات روسية أخرى قدمها في المنطقةالصناعية في السويس، وحاولت موسكو تسهيل التجارة ودعم الجنيه المصري بربطه بالروبل.
ثانيا ـ الصين:
وقف التقرب المصرى الى الصين للحصول على الدعم. وتحذيرها من أن الاستثمارات الأجنبية الصينية غير موثوقةومشروطة باستيراد العمال الصينيين في غالب الأحيان، ولن يساعد ذلك السيسي في معالجة معدلات البطالة المرتفعة فيمصر. علاوةً على ذلك، قد تؤدي شروط القروض الصينية إلى إغراق القاهرة في المزيد من الديون.
ثالثا ـ حقوق الإنسان
تعدّ حكومة السيسي من أكثر الحكومات انتهاكاً لحقوق الإنسان في العالم، ولكن يتوجب التوقف عن الضغط عليها فىهذا الشأن عبر تعليق أجزاء من المعونة العسكرية الامريكية السنوية، فلقد ثبت فشل هذا الاسلوب فى تحسين سجلّحقوق الإنسان. واللجوء بدلا من ذلك الى تسهيل الاستثمار في البلاد حالما يتحسن وضع الحريات المدنية فيها بشكلٍملموس.
رابعا ـ ليبيا: لا تزال مصر تشكّل عائقاً كبيراً أمام إرساء الاستقرار في ليبيا. فقلد دعمت خليفة حفتر في مغامراتهالعسكرية الضارة ضد طرابلس، وهو ما يستوجب الضغط عليها من أجل:
· الاعتراف بـ “حكومة الوحدة الوطنية”
· والانضمام إلى الاتفاقات الدولية التي تحدد الخطوات المستقبلية في هذا الصدد.
· مع لفت انتباهها إلى الفوائد الاقتصادية التي تنجم عن تعزيز بناء دولةٍ مجاورةٍ مستقرة لا تعاني من صراعٍ دائم.
انتهى عرض ملخص ما ورد فى مقال “فيشمان”، ليؤكد مجددا ومجددا أن خيار التبعية والتطبيع والارتباط بالاقتصادالراسمالى العالمى والخضوع لتعليمات صندوق النقد الدولى وتوريط البلاد فى مستنقعات القروض والديون، وتصفيةالمصانع والصناعات الوطنية لصالح الاستثمارات الاجنبية ومنتجاتها ووكلائها فى الداخل .. الخ ليس سوى دائرةجهنمية لا فكاك منها أوردت مصر موارد الهلاك على ايدى من خضعنا لهم وتحالفنا معهم وأسلمناهم مقاليد الأمور او99% من أوراق اللعبة كما قالها السادات الأب المؤسس لما نعيش فيه حتى اليوم.
وأنه لا أمل ولا مخرج سوى اعادة النظر والتراجع عن أسس وطبيعة وانحيازات وسياسات النظام الذى تأسس ليحكممصر منذ 1974 الى يومنا هذا، والذى اسميته فى عشرات الكتابات “بالكتالوج الأمريكى لحكم مصر”.
محمد سيف الدولة