حاولت البحث عن اقتباسات أو شيء منها يمكنه أن يترجم ما بداخلي فلم أجد ، من الواضح بأنني لم أعد ذلك الشخص العاشق للوحدة ، لقد اكتظت تلك البراويز بالصور المعلقة على جدران الزمن، وامتلأت تلك الأزقة والطرقات الضيّقة بشموع خافته وقناديل شبه فارغة لا تضيء إلا بقدر موضع قدم ، لم أعد قادراً للبحث عن ضوء لقراءة ما بين سطور رسوماتي المبعثرة ، فكل شيء خفت وهجه حتى عدسات نظّارتي امتلأت بسطور حكاياتي بين جدران علق فيها الرماد ودخان مراجل عزاء الراحلين.
سأكون يوماً راحلاً عن هذا الوجود ولن أبقى على رفوف الزمن، ولن أحمل معي غضباً على أحد، أنا أثق بربي الذي لم يخذلني يوماً … تلك الجروح ستختفي فأقداري تمر واحدة تلو الأخرى دون أن تؤذيني.
هوت قناعاتي في لحود تلك القبور وذابت في قيظ الكلمات ، ظل لكل وجه حكاية تختفي خلف ملامحه ، وهناك حكايات أرواح ينتظر أصحابها اسدال ستار الوقت المتبقي لهم عنها خلق الزمن المكتوب.
منذ الأزل والحياة تعزف لحن الوجود في سيمفونية رائعة على أوتار الأمل من أجل الخلود الأبدي ، ستفتح كل أبواب الخلود وسيكون لتيلك الأرواح الطاهرة في السماء مكان بل أماكن لا تدركها العقول فيه فوق إدراك كل العقول … لم يعد لمفهوم الموت صدىً عندي ليؤلمني أبداً ، فأنا مخلوق من أجل الصول إلى الخلود الذي أشعر به في خفايا وجداني ، فالموت مجرد نفق يخرجني من عذابات هذا الوجود.
لن تُرهقني حكاياتهم عني بعد الرحيل ، ولن أصدق دموعهم التي يتظاهرون بها اليوم ، فأنا أعرفهم جيداً وسأكون حاضراً في مجلس العزاء وسأسمع قهقهت ضحكاتهم فيه ، لن يكون حينها هناك ألم يُختزل فسأكون رحلت من عالم الوجود الذي دُفنت فيه جثتي “المعاقة” التي تحمل أمراض الوجود ورحلت إلى نور عالم الخلود.
حمدان العدوي