مع قدوم حكومة التطرف والفاشية اليهودية، وسعيها لحسم ملفات الصراع الأساسية مع شعبنا بالقوة، القدس واللاجئين والمياه والإستيطان والحدود، وجدنا أن القدس تقع في قلب هذا الإستهداف لدولة الكيان ومتطرفيها من اليمين والفاشية اليهودية، حيث يجمعون بأنها العاصمة الأبدية لما يعرف بدولة الكيان، والتي يجب ان تبقى موحدة وغير مقسمة وبأغلبية يهودية، تتكفل سياسيات الطرد والتهجير والإقتلاع التطهير العرقي و”مجازر” الحجر والإستيطان والضم بتحقيق ذلك.
الإحتلال وسع من دائرة حربه على المقدسيين، وعلى مختلف الصعد، وفي كل المجالات والميادين، موظفاً لتحقيق هذه الرؤيا والإستراتيجية، كل أجهزته الأمنية والمدنية من مخابرات وشرطة وجيش ووحدات مستعربين، وبلدية ودائرة معارف ومراكز جماهيرية وشرطة جماهيرية وخدمةمدنية ولجان عشائر مرتبطة بشرطة الكيان، وجهاز قضائي وغيرها ،يضاف لهم الجمعيات الإستيطانية التلمودية والتوراتية من “العاد” و”عطريت كوهنيم” وغيرهما من الجمعيات الإستيطانية.
فمع تسلم هذه الحكومة لمهامها ونيلها الثقة وتعيين المتطرفين من أمثال بن غفير وسموتريتش وتسفيكا فوغل وآفي ماعوز في مواقع حكوميةسيادية ،حيث بن غفير عين وزيراً لما يعرف بالأمن القومي، وشكل له جيش خاص من حرس الحدود في الضفة وما يعرف بالحرس الوطني، والمسؤولية عن جهاز الشرطة، وسموتريتش مسؤول عن الإستيطان وتنسيق اعمال دولة الكيان في الضفة الغربية، عدا انه وزير للمالية ووزير في وزارة الأمن.
في القدس دائرة الحرب تستعر، فهناك حرب اقتصادية شاملة تشن على الأسرى وذويهم، من قبل شرطة ومخابرات الكيان، يتربص ونبسيارات ودراجات أسرى محررين وذويهم في الشوارع ويصادرونها، ناهيك عن اقتحام بيوتهم وممارسة كل أشكال التخريب التدمير ومصادرة كل ما يقع تحت ايديهم من مال ومصاغ ذهبي وحلي وحتى حلق الأذنين والأغراض الخاصة، والسطو على حساباتهم في البنوك ومصادرة اموالهم، ومن ثم إغلاق تلك الحسابات، وفوق هذا وذاك،سحب الإقامة المؤقتة ” الهوية الزرقاء”، من الأسرى الذين ينفذون عمليات فد ائ ي ة بحق جنود ومستوطني دولة الكيان،وهذا تم :قوننته” عبر قانون صادقت عليه الكنيست الصهيونية.
أما في إستهداف العملية التعليمية والمنهاج الفلسطيني في القدس، ومن بعد الهجمة التي طالت مدرستي الإبراهيمية والإيمان فروعها الخمسة،ومنحها تراخيص مؤقتة لمدة عام، لكي تتراجع عن تدريس المنهاج الفلسطيني، نشهد استمرار الهجمة من خلال غارات ما يعرف بمفتشي بلدية الكيان ووزارة معارفها على العديد من مدارس القدس، بحجة البحث عن المنهاج الفلسطيني، حيث جرى مؤخراُ إقتحام مدرسةاليتيم العربي الصناعية، والحجة التفتيش على الكتب التي يجري تدريسها، وتصوير البطاقات الشخصية للمدرسين، والهدف واضح ليس أسرلة المنهاج هنا فقط، بل المدرسة والمنشأت والأرض المقامة عليها ومساحتها التي تصل الى حوالي 50 دونما، هي محط اطماع دولةالكيان، لموقعها الإستراتيجي،ولكونها قريبة جداً من المشروع الإستيطاني الضخم المنوي إقامته على ارض مطار القدس (9000 ) وحدة استيطانية،وفوق كل ذلك إضراب المعلمين العاملين في مدارس السلطة الفلسطينية، ألقى بظلاله على تلك المدارس، حيث عدم الإستجابةلمطالب المعلمين، أدى إلى هجرة واستنزاف من تلك المدارس المستنزفة أصلاً، طلبة ومدرسين، والتي تعاني من تراجع في أعداد الطلبة فيها.
وكذلك نشهد هجمة أخرى على المدارس الفلسطينية في البلدة القديمة، تحت ذريعة الدمج للطلبة في تلك المدارس، مدارس المالية و العمرية ، واغلاق مدرسة القادسية، والهدف هنا تفريغ البلدة القديمة من المدارس ، لكون الطلبة يشكلون كم بشري في مقاومة أي مشاريع تستهدف تهويد المسجد الأقصى، وأيضاً السيطرة على المباني التاريخية لتلك المدارس، وتحويلها إلى مدارس دينية تلمودية توراتية.
وعلى صعيد هدم المنازل والإخطارات بالهدم مستمرة وبلا توقف، بل تصاعدت بشكل غير مسبوق، وشهدنا حالة عصيان مدني مبادرات تدعو الى عدم هدم المقدسيين لمنازلهم بأيدهم، تركزت في جبل المكبر ومخيم شعفاط والعيسوية، مبادرات يبنى عليها ك”بروفات” نحو عصيان أوسع وأشمل، وتحتاج الى حاضنة وقرار سياسي، وليس استكانة وإرتجاف سياسي ، رغم أن المقدسيين خاطبوا صناع القرار في السلطة والمنظمة بضرورة، أن يكون هناك بيان واضح يدعم قرار المقدسيين بعدم بيوتهم بأيديهم، وتحمل ما يترتب على ذلك القرار من تداعيات وتبعيات، ورغم ما عرف بتفاهمات حسين الشيخ – تساحي هنغبي، وما تبع ذلك من عقد لقمة العقبة، ولكن الوعود بعدم هدم المنازل المقدسية، بقيت حبر على ورق، وكما قال المتطرف بن غفير” ما جرى في الأردن يبقى في الأردن”
في حين مع اقتراب شهر رمضان الفضيل وتقاطعه مع ما يعرف بعيد الفصح اليهودي في اسبوعه الثالث، نشهد تحريضا غير مسبوق مندولة الكيان على الشهر الفضيل ووسمه بأنه شهر العنف، وتداعت دولة الكيان وأمريكا والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن، لعقد قمة “العقبة”، وفي صلب أهداف القمة منع ما يعرف بالتصعيد وتفجر الأوضاع ومرور آمن لشهر رمضان، وبن غفير وما يعرف بجماعات أمناء الهيكل، يتحضرون للقيام بأوسع عمليات إقتحام للأقصى فيما يعرف بعيد الفصح اليهودي ، والسعي لإدخال قرابين الهيكل الحيوانية إلى ساحاته وذبحها فيه، والتي قد تدفع نحو تفجر شامل للأوضاع من بوابة الأٌقصى، يطال أبعد من حدود الجغرافيا الفلسطينية، وفي ظلال تحضيرات الجارية من قبل الفاشية اليهودية وجماعات الهيكل وبن غفير وغيره من المتطرفين لشهر رمضان، يعمل بن غفير على تشكيل وحدة خاصة من المستعربين، هدفها العمل بين المصلين ومراقبة الشبان والمصلين من أجل منع القيام بأي عمل م ق ا و م ضد جيش الكيان وشرطته ومستوطنيه، وفرض قيود مشددة على المصلين.
هذا غيض من فيض من إستهداف دولة الكيان ومتطرفيها للمدينة القدس، تلك المدينة التي يصمد سكانها ويدافعون عن وجودهم وأرضهم وبيوتهم ومقدساتهم وفي المقدمة منها المسجد الأقصى معتمدين على إرادتهم ووحدتهم، ولا ينتظرون دعماُ ولا إسناداً من دول نظام رسم يعربي منهار ومتعفن، لا يمتلك لا إرادته ولا قراره السياسي، بحيث لم يعد قادراً على اصدار حتى بيانات الشجب والإستنكار الخجولة ، ولادعماً من عرب ومسلمين، فمن لم يجرؤ على اغاثة سوريا في محنة وكارثة الزلزال، لا يمكن له ان يغيث ويدعم القدس، والجامعة العربية التي عقدت مؤتمرها في الثاني عشر من شهر شباط/ 2023 لدعم القدس “صمود وتنمية” في القاهرة على حساب الفلسطينيين، لن يكون مؤتمرها سوى أكثر من “هوبرة” وتظاهرة اعلامية ، فنحن تلك المؤتمرات خبرناها جيداً، لا تخرج سوى بإنشاء مكرر ، وبيانات لا تساوي قيم الحبر الذي تكتب به.
راسم عبيدات
فلسطين – القدس المحتلة