قبل أسبوع أو أكثر من دخول شهر رمضان بدأ الجميع يشاهد ازدحامًا مروريًا في الشوارع واختناق في المحلات بشكل ملفت للنظر ،سلات وعربات متروسة عن أخرها ، وصناديق المحاسبة أمامها طوابير طويلة ، والأصوات مرتفعة ويتردد صداها ليصل إلى أخر ركن من زوايا وأركان المحل ، وأحيًا تقع مشادات قوية بين من حضر للشراء ، وعند السؤال عن السبب يأتي الجواب استعدادًا لشهر رمضان ، شيءعجيب يدعُ للغرابة والاستغراب ، فالذي نعرفه بأن رمضان ( أوله رحمه وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ) وليس للتبذير والإسراف فيشراء الطعام ومستلزمات هي في الأصل موجودة بالمنزل .
مشهد يتكرر سنويًا والنصح والارشاد فيه مرفوض من قبل بعض الناس الذين يستعدون لاستقبال رمضان بالطعام والشراب والتخزين منالسكر والزيت والأرز والطحين والأواني المنزلية ، وتُضيع المرأة وقتها الثمين في رمضان في إعداد الطعام الذي يبدأ من الظُّهر حتى أذانالمغرب، وقبل الأذان تجد المائدة مملوءةً بما لذَّ وطاب، وما زاد عن الحاجة فيكون عُرضةً للإتلاف والرمي، وسبحان الله استهلاك المسلمين يزيدفي شهر رمضان، وأوزانهم تزيد في هذا الشهر ، فنخرج من الصيام وما حققنا معنى الصوم، ولا حصَّلنا الثواب والتقوى .. وبصراحة يحدث كل هذا وملايين المسلمين في بعض الدول جوعى لا يجدون الكفاف وسد الحاجة.
ومن المؤسف أيضًا أن الإسراف في رمضان قد أصبح ظاهرة لا تقتصر على الأغنياء فقط، أو الأسر ميسورة الحال وحسب، بل يقع في ذلك غالبية شرائح المجتمع والأسر من مختلف الطبقات، غنيها وفقيرها.
برنامج وجدول ونمط حياة ينقلب رأسًا على عقب في رمضان .. إسراف وتبذير في الطعام .. لعب ولهو وسهر بالليل ، ونوم بالنهار وضياع عبادة وصلاة . ومن هنا فحري بالصائم أن يمنع ويكبح هوى ورغبات نفسه الغير مفيدة ، ويكفها عن الإسراف والتبذير ، وما أجمل أن يتعلم الصائمون الاقتصاد والاعتدال ، فالغاية هي التقوى على طاعة الله وعبادته ، وليس ملء البطون . قال تعالى ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَالشَّيَاطِينِ ۖ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ) صدق الله العظيم .
خليفة البلوشي