الكثير من تحدث ويتحدث ، وكثير من كتب ويكتب ، وكثير ما كتب وما سوف يكتب عن ظاهرة لم يوجد لها الحلول حتى اللحظة ، ظاهرة تنتشر في المجتمع كانتشار النار في الهشيم ، ظاهرة أصبحت تتطور في كل يوم ، حتى أصبحت تأخذ القدر الكافي من التفنن والتميز ، أنها ظاهرة التسول التي تخرج لنا في كل لحظة بوجه أخر وأسلوب جديد ويستخدمها المتسولون في التعامل مع الناس باحترافية وبحرفنة وذكاء للحصول على المال ، فأصبحت مع الوقت نوعًا من أنواع ( الفنون ) ولا أبالغ في ذلك، فكل المتسولون يمتلكون المهارات والسبل لسحب البساط وجذب تعاطف وطيبة الناس، حتى أنهم يحاولون تسخير وتذليل الظروف المحيطة بهم لمساعدتهم على ذلك ، نعم لا أبالغ فقد أصبح التسول يتحول من ظاهرة إلى ( فن ) حيث يبدأ المتسول به هاويًا منذ الطفولة حتى يصبح محترفًا وبارعًا ومتمكنًا من كل الأساليب التي تساعده وتهيئ له البيئة المحيطة به للحصول على ما يحب ويهوى ويريد .. كتبوا وتحدثوا وسألوا مرارًا وتكرارًا إلى متى سيظل التسول هو من إحدى المنغصات والهموم التي يحملها المجتمع على عاتقه؟ إن فن (التسول) كما يحلُ لي أن أسميه والذي أصبح يُعمل به باتقان كبير بدأ بالانتشار الخطير وبشكل ملحوظ، فأصبح المتسولون لا يتركون أسلوبًا للتحايل على الناس حتى لو اضطروا للقيام بأي خداع أو تصرفات كانت للحصول على مزيد من الريالات ، وهناك الكثير من الأمثلة التي نشاهدها بشكل يومي في مجتمعنا، وأذكر منها ذلك الكلام الحزين والبكاء والأنين في المساجد وخصوصًا يوم الجمعة ، وعند المحلات التجارية ومحطات تعبئة الوقود ، وأحيانًا تشاهدهم أمام البيوت ، حتى صرنا نشاهد فن ( التسول ) على محاذاة الشوارع والطرقات والخطة الذكية كأنهم يبيعون قنينات المياه وبعض المقتنيات على المارة في مشهد مخزي وغير حضاري ، ألم أقل أن التسول أصبح ( فن ) وليس ظاهرة فقط ، فالسؤال الآن من هم هؤلاء المتسولون ، ومن أي البقاع والجنسيات هم ؟ وهل مقصدهم جمع المال فقط ، أم لهم مآرب أخرى لا يعلمها إلا الله ؟ الأمر بحاجة إلى متابعة ووقفة جادة من الجهات المعنية لاستئصال هذه الظاهرة التي ارتقت درجتها إلى ( فن ) يجذب وبقوة تعاطف الناس .
خليفة البلوشي