دعني أحدثك عن بلاد سمحت ببيع الخمور واغمضت عينيها عن حفلات الغناء والرقص والفسق واشتدت حيلتها على مساجد الله ..!
إن ما جاء في القرار اعتداء صريح في حق الامة الاسلامية وانتهاك لا يُغفر !
السؤال ها هنا كيف نريد العزة ونحن نغرق انفسنا بالذل !
بهذا القرار يتضح أننا عرفنا الله في الشدة ونسيناه في الرخاء وإنّه لذنب عظيم لو كانوا يعلمون .!
أنستطيع القول حقًا بأننا نخجل من ذكر الله ونراعي مصالح أناسٍ لا يخافون في الله لومة لائم ..!
بسم الله و الحمد لله حسبنا الرحمٰن جلّ عُلاه ناصر المظلومين ومُغيث المستضعفين ورجاء السائلين غافِر الذنب ورحمٰن السمٰوات والأراضين.
هكذا عزيزي القارئ أُعزي نفسي وإياك وأعزي الأمة الإسلامية في شتى ربوعها وأقطارها ومختلف بقاعها على ما جاء من قرارات تعسفية حول منع استخدام مكبرات الصوت لغير الأذان في المساجد وأن يقتصر استخدامها للأذان فقط .
أعزي نفسي وإياكم أولاً بحالنا اليوم وأين وصل بنا الحال وأقدم أسفي واعتذراي أمام الله جل علاه باسمي وباسم كل من على هذه الأرض الطاهرة . سبحانك يالله خوفًاً من عذابك وسخطك ورهبةً من غضبك وتحوّل عافيتك فإنه لا حول ولا قوة لنا الا بك ، فقد ظهر الباطل و اشتعلت الفتنة وها قد بدأت شرارة الاعتداء على حرمات المساجد ودين الله ولذلك فلتعفو عنا يالله ولتغفر لنا إسرافنا وتقصيرنا إنك ربي سميع للدعاء مجيب .
لك أن تتخيل عزيزي القارئ انه في الوقت الذي تتنافس في الدول بمختلف أديانها ومعتقداتها في مشارق الارض ومغاربها في الاعتزاز بهويتها وكيانها بل وتتنافس الدول المسلمة فيما بينها في نقل شعائر الله جل علاه بكل الطرق الممكنة ونشر الدين الإسلامي بكل ما لديها منقوة خاصة في هذا الشهر الفضيل الا أنه من الجانب الآخر نرى بأن بلادنا السلام تقوم بمنع إعلاء صوت الحق وتحجب مكبرات الأذان والخطبة والندوات بل وتخالف الأئمة وتعرضهم للمسائلة القانونية إن خرج صوتهم عن حرم المسجد ..!
لقد رأينا ما رأيناه في مواقع التواصل الاجتماعي في الفترات السابقة حول وقوف معظم الدول جنبًا الى جنب مع المسلمين وشعائرهم بل ولاتخفى عليكم تلك الأرقام التي بشرتنا بدخول الكثيرين للاسلام جرّاء تأثرهم بآية قرءانية أو كلمات دينية لامست قلوبهم الميتة فأحيتها بل وازداد ذلك في الدول الغربية قبل العربية في حين بلادنا المسلمة التي أثنى عليها رسول الله الكريم تقوم بمنع صوت الحق وتسن القوانين الصارمة في حق المساجد والقائمين عليها .!
فلنتذكر تلك الدول التي تحدت العالم في اقوى المواقف والمحافل العالمية ولنقتدي بموقفها النبيل عندما أوقفت أقوى فعالياتها وانشطتها لحظة الأذان تقديرًا واعتزازاً للدين الإسلامي وهذا ليس إلاّ فخرًا واعتزاز بهذا الدين الشريف دون اعتبار لأي اعتقادات وأديان أخرى بل وقفت هذه الدول شامخة امام مايزيد عن ثلاثة ملايين شخص دون النظر لأي اعتبارات اجتماعية او سياسية او اقصتادية بل سخّرت ذلك الوقت لتعلي اذان الله وصوت القرءان وكلام الحق .
المحزن بالأمر أيضاً أننا نرى وباستمرار دول غربية عُرفت باختلاف أديانها ومعتقداتها ولكنها قامت بالكثير من المواقف النبيلة التي تحسب بحقها بل وأنها لم تعتدي على كيان الدين الاسلامي وشعائره مع أن بها من الاختلاف ما بها . ولذلك رأينا أصوات القرءان والأذان نقلت في شوارع تلك البلدان الأجنبية بل ووصل الأمر إلى إقامة الصلاة بالشوارع اضافة الى الإفطار الجماعي للمسلمين في هذا الشعر الفضيل دون أدنى تضييق وبكل اعتزاز وحرية بل واستمرت باحترام معتقدات المسلمين ومعتقداتهم وعدم المساس بها .
اذا السؤال ها هنا كيف نريد العزة ونحن نغرق انفسنا بالذل !
قل إن العزة لله جميعا وويلكم من غضب الله وعذابه في تلك الاجراءات الشاذة ولعلنا نذكّر بأن هذا الإنتهاك على حرمات المساجد وشعائرها ليست قضية اليوم بس أنها بدأت في سابق الوقت حين مُنعت خطبة الجمعة لأن تكون مسموعة خارج المسجد وذلك بصريح العبارة مراعاة لمن لا دين ولا إيمان لهم . لم يتم النظر في ذلك الوقت لمن لا يستطيعون الذهاب للمساجد ولم يتم اخذ الاعتبار بالنساء في بيوتهن ونسوا جميعا ان في ذلك أجر عظيم ولكن للاسف تم منع ذلك رغمًا عن الجميع ، ويأتي الان الدور على الأذان ومكبرات الصوت اذا ماذا بقى لبيوت الله !
ولعلي اعلم بأن هناك اعتبارات متعددة وجريئة تقودكم الى مثل هذه القرارات إلاّ أن الخضوع المباشر والمفاجئ لم يكن الحل أبدًا وأمر لم نتوقعه بتاتاً.
وهنا نذكركم بقول الله تعالى : ” فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ” .
وقال تعالى : ” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّاخَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ” صدق الله العظيم
وهنا وعيد وتحذير صريح من الله جلّ عُلاه ورسالة بالغة في وجه المنافقين والمعتدين على حرمات المساجد ، ولذلك نقول حاشا لله ان نعصي الله مولانا القدير ولكن ما يتضح لي أننا اليوم أصبحنا نخاف ونخجل من ديننا والعياذ بالله وهذا أمرٌ لا نرضاه ولا نقبله لشعبنا وبلادنا الطيبة .
ان ما جاء في القرار اعتداء صريح في حق الامة الاسلامية وانتهاك لا يُغفر بل وما يحزن القلب أن شهر رمضان شهر المغفرة والخير والتقرب من الله وهو الوقت المناسب لبعث الطمأنينة في قلوب الامة وتكثيف كل الجهود الدينية لعلها تصل لقلب فاسد فتصلحه او ضال فتهديه وليس باتخاذ قرارات تعسفية دون الرجوع والشورى ودون ادنى علم أساسًا لاهل الاختصاص والمعرفة .
وهنا عزيزي القارئ دعني أحدثك عن بلاد سمحت ببيع الخمور واغمضت عينيها عن حفلات الغناء والرقص والفسق واشتدت حيلتها على مساجد الله ..!
وهذا ما لا نستطيع أن نخفيه خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي فترى الرجال متشبهين بالنساء ويرقصون ويتنافسون في الفحشاء والمنكر وبأعلى صوت من المعزوفات والطرب وامام الجميع دون أي تدخل من الجهات المعنية في حين أتى الالتزام والتضييق على مكبرات الأذان وكلام الله سبحان الله ومالكم كيف تحكمون !
إن بيوت الله جلّ عُلاه تستحق منا الاهتمام والرعاية فبدلاً من إصدار هذه القوانين كنا نتمنى أن ينظر في حال المساجد وتقديم الرعاية والصيانة لها الى جانب الدعم لها فهي أولى وأحق بالإهتمام والنظر بحالها ضرورة ملحة ولكن للأسف فإن المسؤولين الآن أعميت أعينهم عن ذلك واتجهوا الى مسار آخر لا يرضي الله ولا رسوله الكريم .
وأما الذين لا يعرفون ربهم إلا عند الشدائد وينسونه حال النعمة والعافية فقد نعى الله عليهم، وذمهم كثيرا في كتابه. قال تعالى: ” وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ” صدق الله العظيم
وهنا تذكروا حينما عصفت بكم جائحة كورونا كوفيد _١٩ لقد كنتم أشد الناس إيمانًا وتقرباً لله تعالى بل وأنكم قمتم بتوجيه الأئمة الخطباء والمؤذنين الى الدعاء والتضرع لله سبحانه ليكشف عنكم البلاء ويرفع الوباء ولبث السكينة والطمأنينة في المجتمع وحينها كانت المساجدومكبرات الصوت الخارجية هي مفتاح النجاة وأداة الرسالة وكانت الأدعية والتلاوات القرآنية لا تتوقف من أقصى البلاد الى مغاربها وبفضل الله تجاوزنا تلك المرحلة الخطيرة وأصبحنا في بر الأمان ولكن للأسف لم نقدر هذه النعمة والفضل من الله سبحانه وقمنا الآن بالتضييق والمنع على المساجد وأصواتها .
و في وصية النبي الجامعة لابن عباس رضي الله عنه وللمسلمين من بعده، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” تعرف إلى الله في الرخاءيعرفك في الشدة ”
وهي وصية غالية من أشرف خلق الله إلا أننا لم نطبقها وقمنا بعكس الوصية ومخالفتها فبهذا القرار يتضح أننا عرفنا الله في الشدة نسيناه في الرخاء وإنّه لذنب عظيم لو كانوا يعلمون .!
والسؤال هنا أهذه وصية نبينا محمد عليه الصلاة والسلام أم أن هذا ما نصّ عليه ديننا الحنيف ..!
أنستطيع القول حقًا بأننا نخجل من ذكر الله ونراعي مصالح أناسٍ لا يخافون في الله لومة لائم ..!
وختامًا فإن حروفي المتواضعة أراها لا تسعفني في وصف هذا القرار وأرى بأن الحديث حول هذه القضية وإن إنتهى في محكمة الدنيا فإن محكمة الآخرة لا تظلم احدًا. فلذلك اتمنى من الجهات المعنية مراجعة هذا القرار وإعادة النظر به ولنتذكر جميعا بأننا إذا أردنا أن يحفظنا الله في الشدائد والمحن، ويدفع عنك ما نكره من الرزايا والنقم، فعلينا معرفته في الرخاء ، فإن العبد إذا اتقى الله في حال رخائه، وحفظ حدوده وراعى حقوقه، وأطاعه في أوامره ونواهيه، صارت له بالله معرفةٌ خاصة، ومحبةٌ ومودة تقتضي أن يحفظه الله في حال شدته”.
هزاع البلوشي