يحكى أنه في حاضر العصر والأوان، أن سعيدان ود حميدان ود خليفان، يمتلك دكان مبناي من قديم الزمان، وهو آيل عليه كإرث من والده حميدان، الذي قد يكون ورثه من جده خليفان، قبل أن تُعرف الإباحة وخرائط البنيان..
وكان سعيدان رغم فقره الشديد يؤجره بأبخس الأثمان، وهو قانع وفرحان، بقسمة الله الواحد الرضوان، وكان ملتزم بتجديد عقد إيجار الدكان، ودفع ضريبة الإيجار بدون نقصان..
ولما جاء موعد تجديد العقد لهذا العام وحان، أخذه أحد أهل المعروف والإحسان، إلى مكتب البلدية وهو تعبان، فقد بلغ به الكبر وظهر وبان..
وبعفويته ناول الموظف العقد وليس في الخاطر شان، طالباً منه التجديد بوجه السرعة قدر الإمكان ..
فرد عليه الموظف بأن ذلك كان في قديم الزمان ، أما الآن فتبدأ رحلتك من مكتب سندان، ثم تتابع الإجراءات من مكان إلى مكان، إلى أن تصل إلى بر الأمان..
فقصد المسكين ذلك المكان، وهو يسحب رجلاه المتثاقلتان، ومن مكتب سند انتقل إلى مكتب استشارات البنيان، الذي طلب منه دفع خمسون ريالاً حسان، لكي يصدر له بيان، بأن العقار قائماً إلى الآن، وأنه غير متصدع الجدران، فحاول جاهداً تخفيض المبلغ ولم يجد القبول والاستحسان، فدفعها مضحياً بنصف سنة من قيمة أيجار الدكان، وخرج من هناك مهموماً وزعلان ..
وإلى حين صدور البيان، يتوجب على سعيدان التريث والتهيوء لدفع مزيداً من الرسوم السمان..
وكان بالإمكان أحسن مما كان، كأن تعفى المباني القديمة من هذا البيان، وإن كان لابد تُطبَّق على ما هو جديد الآن ..
فرفقاً بسعيدان، وسائر أهل عمان من تعقيدات هذا الزمان، ويسروا ولا تعسروا قدر الإمكان، يرحمنا وإياكم الخالق الرحمن.
ناصر بن مسهر العلوي
الأربعاء ٥ شوال ١٤٤٤ للهجرة
الموافق ٢٦ إبريل ٢٠٢٣