قال الله تعالى: (.. وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى..) (الأحزاب ـ 33)، فالقرآن الكريم والسِّيرة النبويَّة هما منار الحياة العصريَّة النموذجيَّة التي نقتدي بهما في كُلِّ الأوقات.
إنَّ من المعيب والمخجل جدًّا أن نجد المرأة العربيَّة ـ البعض منهن ـ تركض وتقلِّد صيحات الغرب من ناحية الملابس ووضع المكياج والهندام الخارجي، بالإضافة إلى طبيعة لغة الجسد بعيدة كُلَّ البُعد عن معاني دِيننا الإسلامي الحنيف ومُجتمعنا العربي الراقي بأخلاقه وعاداته الأصيلة.
ورُبَّ سائلٍ يسأل: ما علاقة الدبلوماسيَّة بإتيكيت المرأة؟ وهل تُعدُّ من الأعمدة الرئيسة أثناء المفاوضات الثنائيَّة؟ وهل يؤخذ بعَيْنِ الاعتبار بمقابلات الباحثين عن العمل أو ترقية لمنصب أعلى؟ وهل يوضع بميزان العقلانيَّة والاتِّزان للدبلوماسيَّات اللاتي لهنَّ كاريزما مميزة؟ والجواب بكُلِّ بساطة: نعم، تُعدُّ هذه الجزئيَّة مُهمَّة للغاية؛ لأنَّها تعكس كاريزما المرأة ومدى ثقافتها وتربيتها واقتباسها لِما هو جديد ومعقول. ونحن كدبلوماسيين نُركِّز كثيرًا على هذه المفردات؛ كونها تعكس صورة المرأة الخارجيَّة، وبالتالي فإنَّ ذوق اختيار الملابس وألوانها، بالإضافة إلى استخدام المكياج هي المرآة الداخليَّة لسلوكها الخارجي، بالإضافة إلى أنَّه يعطي لنا طبيعة وثقافة وذوق المرأة واحتماليَّة كبيرة كيفيَّة التفاوض معها في حالة وجودها على طاولة المفاوضات في موضوعٍ ما.
نلاحظ هذه الأيام كثيرًا من النساء يضعنَ المكياج الصارخ وغير المنسَّق وهنَّ في الدوائر الحكوميَّة، الأسواق، الاجتماعات الرسميَّة، وانتقلت عدوى المكياج المُبالغ فيه والملابس ذات الطرازات (الموديلات) الغربيَّة إلى بناتنا في الجامعات والكلِّيات.
نتكلم اليوم بصورة مختصرة عن إتيكيت فنون واستخدام المكياج، حيث تركِّز المدارس البريطانيَّة والفرنسيَّة المتخصِّصة في هذا المجال على ما يلي: لون البشرة، شكل الوجْه وفيه تسعة أنواع: (الشكل البيضوي، الدائري، المثلث.. وغيرها)، شكل وحجم العينين، شكل وحجم الخدود، شكل وحجم الذقن، شكل وحجم الجبهة، شكل وحجم الشفاه، شكل الحواجب، هذه تفاصيل تخصُّ الوجْه، وبعد ذلك علينا الاهتمام بالنقاط التالية وكيفيَّة ومتى وضع المكياج استنادًا إلى الأنشطة، ومنها: الدوام الرَّسمي طبيعة العمل اليومي (حكومي، مختلط، خاص)، حفلات الشاي النهاريَّة، حفلات الشاي الليليَّة، مآدب الغداء، مآدب العشاء، المقابلات الرسميَّة، مقابلات الباحثين عن العمل، مراسم الاستقبال والتوديع، زيارة المرضى بالمستشفيات أو بالمنزل، التسوق بالمولات، حفلات التخرج الجامعيَّة، حضور مراسم الزواج وحفلات الخطوبة، حضور المؤتمرات المحليَّة والدوليَّة.. وغيرها من المفردات اليوميَّة التي تمارسها المرأة العربيَّة. ولذلك فإنّ كُلَّ مفردة لها إتيكيت واستخدام معيَّن، وليس وضع مكياج صارخ ومبالغ فيه لجميع المناسبات الشخصيَّة والرسميَّة. كما تؤكد المدارس المتخصِّصة على ضرورة استخدام العلامات (الماركات) الرصينة ولفترات ليست طويلة للحفاظ على نضارة الوجْه وصحَّة البشرة، عكس ما نراه اليوم حيث المبالغة في وضع المكياج في المولات وأثناء التسوُّق، وهو ما يثير اشمئزاز الكثير؛ كونه مكانًا عامًّا، وكذلك بعض الموظفات اللاتي يبالغنَ كثيرًا في استخدامه ممَّا يعكس كاريزما الموظفة الركيك. أمَّا إتيكيت اختيار الملابس وألوانها فهو يعكس ملامح شخصيَّة المرأة وثقافتها وتربيتها داخل المنزل أو خارجه، وعلى المرأة معرفة المناسبة والوقت والحضور والأعمار، والالتزام الكامل بالتعاليم الإسلاميَّة السَّمحة والعادات والتقاليد العربيَّة الأصيلة، التي هي من أهمِّ مفردات كاريزما المرأة العربيَّة المثاليَّة. فلا يجوز إطلاقًا أن نلبس ألوانًا شعاعيَّة أو برَّاقة مِثل اللون الأحمر أو الأصفر أو ألوان تجذب النظر بصوَرِ غير معقولة أثناء النهار وفي المناسبات الرسميَّة.
نتطرق اليوم لبعض المفردات المهمَّة بما يخصُّ إتيكيت اختيار ملابس المرأة العربيَّة وألوانها، حيث نبتعد قليلًا ولا نتكلم عن طبيعة الجسم (المتينة، النحيفة، الرشيقة، الطويلة، القصيرة). فنسرد بعض المُقوِّمات التي يجب أن تعتمد عليها المرأة العربيَّة في اختيار الملابس وألوانها والظهور بهيبة وجَمال وحشمة ورُقي، وعليها الانتباه إلى (لون البشرة، شكل وطبيعة الوجْه، ولون الشعر، طبيعة الجسم، الطول، العمر، الحالة الاجتماعيَّة) ثمَّ يتمُّ اختيار نوع القماش ولونه ونوع التصميم، كما أنَّ لغة الجسد تعطي أيضًا قِيمة وهيبة للمرأة والملابس التي يتمُّ ارتداؤها أيضًا. وتركِّز المعاهد الدبلوماسيَّة وعالم الموضة كثيرًا على لغة الجسد ونوع ولون الفستان وشكله (Design) وطبيعة المكياج لغرض المشاركة في المؤتمرات الرسميَّة أو الحفلات النسائيَّة الخاصَّة أو الفعاليَّات الاجتماعيَّة الذي يعكس ما في داخلها، بالإضافة إلى أنَّه يعكس الطبيعة الاجتماعيَّة والدينيَّة لها.
د. سعدون بن حسين الحمداني-
الرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت