بعد إضفاء الشرعية على زواج المثليين في الولايات المتحدة، مستقبل “مشرق” ينتظر الكوكب بأسره، بسبب هذا الكفر العلني وقلة الأخلاق وعدم احترام الفطرة والطبيعة البشرية، لنكون أمام أسقط قانون وأقذره عرفته البشرية.
أشعر بغضب عارم وأنا أكتب حول هكذا موضوع، لكن الواجب يحتم علي ذلك، ولم أتخيل يوماً أن الانحدار سيصل إلى هذا المستوى من قلة الدين والأخلاق والإيمان، فمن المعروف أن وقع رئيس الولايات المتحدة على قانون احترام الزواج، الذي يضمن حق زواج المثليين في البلاد، من الناحية القانونية، القانون الجديد يبطل قانون الدفاع عن الزواج لعام 1996، الذي ينص على أن “الزواج هو ارتباط بين رجل وامرأة”.
في الوقت الحاضر، الضوء الأخضر مفتوح رسمياً لمجتمع المثليين في الولايات المتحدة، نعود قليلاً بالزمن إلى الوراء، إلى عهد باراك أوباما الذي كان رئيساً للولايات المتحدة، في عهده، بدأت أوقات جديدة للمثليين في الخدمة المدنية، كما بدأت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في محاربة بقايا الماضي بحزم، حيث تم منح أزواج الدبلوماسيين المثليين حقوقاً متساوية مع الزوجات القانونيين، وبعد ذلك، كان قد أصدر الرئيس أوباما توجيهاً يوجه البعثات الأمريكية في الخارج إلى إيلاء اهتمام خاص لحقوق المثليين: لمكافحة تجريم المثليين في البلد المضيف، وتقديم مساعدة خاصة للمثليين والمثليات، ودفع رواتب المحامين الذين يدافعون عن المثليين جنسياً، والمتحولين جنسياً.
مثليو الجنس علناً هم سفراء الولايات المتحدة في أستراليا، جون بيري، إلى جمهورية الدومينيكان، جيمس بروستر، إلى الدنمارك، روفوس جيفورد، إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، دانيال باير، إلى إسبانيا، جيمس كوستوس، وإلى فيتنام، تيد أوسيوس.
المخجل والمعيب أن واشنطن تصف نفسها على أنها منارة للحرية ومحرك للتقدم، ولكن في 76 دولة في العالم تعتبر المثلية الجنسية غير قانونية، وفي 10 دول يعاقب عليها بالإعدام، ومن بين هؤلاء العشرة حلفاء أمريكيون رئيسيون، حيث أن العديد من الأنظمة الصديقة للولايات المتحدة في آسيا وإفريقيا لديها موقف سلبي للغاية تجاه جميع أنواع مبادرات مجتمع المثليين – سواء كانت حكومات نيجيريا أو أوغندا أو المملكة العربية السعودية أو باكستان.
بصفتي باحثاً مهتماً بحقوق الإنسان في كل مكان حول العالم، أدهشني التحول السريع نسبياً في المواقف في تجاه علاقات المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً، فقبل 30 عاماً فقط، رفض 72٪ من الأمريكيين زواج المثليين، اليوم، انخفضت نسبتهم بشكل كبير، ويدعم حوالي 58٪ من الأمريكيين مثل هذه الزيجات، وكما هو الحال مع معظم حركات حقوق الإنسان، بدأت حملة الحقوق المتساوية لمجتمع المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية بالتدريج في الولايات المتحدة، وأدت التغييرات في المواقف العامة في النهاية إلى إصلاحات سياسية وقانونية.
لقد أصبح الانتماء إلى مجتمع المثليين أمراً طبيعياً، هذا التحول في الوعي الأمريكي إلى إعادة التصنيف الأساسية لقضايا المثليين، من “حقوق الأقليات الجنسية” المحدودة، تحولت في الواقع إلى “حقوق أساسية” للفرد وهنا الطامة الكبرى، صرحت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، لتعكس هذا التغيير، وقالت: “حقوق المثليين هي حقوق الإنسان، وحقوق الإنسان هي حقوق مثلية، مرة وإلى الأبد”.
ولا يمكننا أن نستبعد التأثير لتصوير أبطال مثليين على التلفزيون الأمريكي والأفلام والأدب وما شابه ذلك على المجتمعات ككل، لإعادة صياغة ما آمن به مارتن لوثر كينغ وفق مفهومهم الجديد، نحن نخشى أولئك الذين لا نعرفهم، لذا فإن المظهر اليومي لشخصيات المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسياً في البرامج التلفزيونية الشعبية التي يشاهدها الملايين قد ننقل الحقائق المريبة التي تم فرضها على الناس أجمع.
من وجهة نظر علمية، تم إنشاء أول دليل تشخيصي وإحصائي للاضطرابات العقلية في عام 1952، أنشأ الدليل تسلسلاً هرمياً “للتشوهات” الجنسية من خلال وضع السلوك الجنسي المغاير والجنس الآخر في مكان مثالي في الثقافة الأمريكية، ومن خلال قبول العلاقة الجنسية بين الجنسين على أنها “القاعدة”، جعلت الجمعية الأمريكية للطب النفسي المثلية الجنسية غير مقبولة و “مختلفة”.
لكن نعود لنقول “الحمد لله تبارك وتعالى، أن خلق الإنسان من ذكرٍ وأنثى، وخلق الإنسان على الفطرة السوية المثلى”، وكلنا نعرف أن الدين الإسلامي هو دين الفطرة السليمة “فأقم وجهك للدين حنيفاً”، ففطرة الله التي فطر الناس عليها وكما الجميع يعلم أن لا تبديل لخلق الله، وهذه الفطرة هي بكل تأكيد تأبى الشهوات الشاذة، وعندما تنتكس الفطرة تُرتكب الكبائر وتُستساغ الرذائل، كعمل قوم لوط، أو ما يسمى زوراً وبهتاناً بزواج المثليين، وما هو بزواج، بل شذوذ ومسخ، للفطرة الإلهية السوية، قال تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز: (ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين)، والفاحشة هنا نفس صفة الزنا في القرآن الكريم.
هذا يعني ببساطة، أن الشذوذ الجنسي عادة منحرفة، عن طريق الخُلق القويم، وبكل تأكيد متعارضة مع العادات والتقاليد الإنسانية الصحيحة، فهذا الميل الجنسي هو من أعظم المحرمات التي حرمها الله تبارك وتعالى، فقد عاقب الله عز وجل قوم لوط بخسف الأرض، ثم أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة، في حين عاقب فرعون وقومه بالغرق فقط، وعاقب عاداً بالريح فقط، وثمود بالصيحة فقط، وفي هذا دليل على قبح المعصية وشناعتها.
بالتالي، إن لم نضع حداً لهذا الشذوذ البعيد عن عاداتنا وعقائدنا وبيئتنا ومجتمعاتنا، هل نسمع يوماً عن إنسان تزوج حيوان؟ هل هذا مقبول في أي عرفٍ من الأعراف؟
إن الفطرة السليمة هي عند الخروج عن خط الحياة المرسوم، فالله تبارك وتعالى اصطفانا بالعقل عن سائر خلقه، وفي ذلك حكمة، فلو أريد لنا أن لا نملك العقل، فلا شيء يعيق أي تصرف، لكن مع وجود نعمة العقل، وضع لنا طريق التمييز بين الخطأ والصواب، بين الخير والشر، فإن خرجنا عن ذلك، فحكماً نحن من الفئة الضالة الكافرة، التي خرجت عن الفطرة السليمة قبل أن تخرج عن الدين، فليس هناك ديانة تقبل بهذا الأمر، بما في ذلك الكنيسة القديمة التي كانت من أشد المعارضين للمثلية، إلا أن أمريكا ومن يواليها، يعملون على تشريع مثل هكذا شذوذ، لفئةٍ موسومة، فلا الطب أثبت أن ذلك يأتي بفعل الوراثة بل هو أمر مكتسب ما يعني أن انحراف المجتمعات هو السبب المباشر في وجود هكذا شرور.
فكما أريد تفعيل الدين الإبراهيمي الجديد، واللعب بمشاعر المليارات، وكما جعلوا من صفقة القرن حقيقة دامغة، وكما نهبوا العالم وسرقوا ثرواته واستباحوه، وأقاموا العلاقات المحرمة خارج إطار الزواج، ليس مستغرباً على مجتمعات فاسدة جعل المثلية حقيقة دامغة داخل مجتمعاتهم، ستبدأ بتعديلات داخل دساتيرهم، أما في مجتمعاتنا، فالفطرة السليمة هي أساس عيشنا، والمحبة والاحترام هي الطريق الذي نسير به، الله تعالى سيكون معنا، لأننا لن نخرج عن فطرته التي أنعم علينا بها، ولن نكون بذريعة الحريات والديمقراطيات كفرة، ونحن نحارب الكفر والفسق، وهذا برسم حكوماتنا والمناهج والدورات والندوات التوعوية لأن الحرية هي حرية الخير لا الخروج عن جادته، وإن شاء الله نحافظ على مجتمعاتنا ونبقى رافضين لمثل هذه الانحرافات التي هي موجودة في مجتمعاتنا لكن بنسب قليلة والأهم رفض الجميع لها، لذلك بعونه وتعالى لن تبصر النور ما حيينا.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.