مشكلة ليست بالسهلة يتعرض لها جزء من المجتمع الكويتي المتجانس بين مكوناته، مشكلة تتعارض مع القانون لناحيتها الشرعية، هي مسألة الطلاق في المذهب الجعفري، فكيف يتم التوفيق بين الجانبين الشرعي والقانوني لضمان حقوق الطرفين؟
بالتالي يتبادر سؤال مهم جداً، وهو هل من الجائز طلاق المرأة الجعفرية من قبل المحكمة شرعاً وقانوناً؟
من المعروف وبعد طرح الأسباب المحكمة من الناحية القانونية قد تمنح الطلاق على سبيل المثال إذا تقدمت به الزوجة وشرحت الأسباب الملزمة لحدوث الطلاق، حينها يكون التفريق أمر واقع، بالتالي، حينها من الممكن للزوجة أن تبدأ حياة جديدة وتتزوج وتنجب مرة أخرى، لنخرج بسؤال مهم آخر، هل يُعتبر طلاقها بحسب المرجعية الجعفرية جائزاً؟
إن منحت المحكمة من الناحية القانونية الطلاق، ولم يصدر عن الحاكم الشرعي للمذهب “الشيعي” حينها وفق شرع المذهب يُعتبر هذا الطلاق غير شرعياً، لأن المذهب الجعفري لا يتيح لقاضي الأسرة في التفريق ما بين الزوجين، لتحقيق ذلك، لا بد أن يتم هذا التفريق من قبل المرجع.
بالتالي هل تُعتبر حالة الزوجة المطلقة قانوناً وغير مطلقة شرعاً وفق المرجعية الجعفرية، في حالة زواجها مرة أخرى بحكم “الزانية”؟
لحل هذه المشكلة في هذا السياق، يجب على الزوج مرافقة زوجته إلى القاضي الشرعي ويقوم بالطلاق أمامه حتى تثبت شرعية التفريق، وفي هذه الحالة فقط تُعتبر السيدة مطلقة شرعاً وفق هذا المذهب، فإن كان التفريق بالتراضي، تم الأمر، لكن إن تعنّت الزوج قد تقع الزوجة ضحية مساومة دنيئة من قبل الزوج، تبدأ من مسألة حضانة الأولاد إلى الأمور المالية وغير ذلك.
بعد شرح ما تقدم من هذا الوضع، سنرى كيف يكون حكم القانون في هذه المسألة، ولنبدأ من مسألة وضع قانون الأحوال الشخصية الجعفري، من المعروف أن من وضع نصوص هذا القانون وتثبيته هم أصلاً من ذات المذهب، وهنا سنأخذ الأمر على المحمل الحَسَن لأنهم أثناء وضعهم لهذه القوانين لم ينتبهوا لهذه النقطة، والتي أوقعت الكثير من العائلات في إشكالات كبيرة، بالتالي، وفق هذا المبدأ، لا يقع الطلاق قانوناً حتى لو حكم به القاضي القانوني، في حال لم يبت به القاضي الشرعي أو وكيله.
بالتالي، نجد أن القانون الكويتي فيه إشكالية كبيرة، كما يعاني الفقه المالكي في الأحوال الشخصية “السني” الذي يحتاج إلى تجديد والمثال ما ورد أعلاه، المسألة تتعلق بالناحية الشرعية، وغالباً بموجب مئات القضايا التي تردنا يومياً، تبقى المرأة هي الحلقة الأضعف في هذا الخصوص، وهذه إشكالية كبرى.
وكمتخصص في القانون، وبكل شجاعة أقول، لا بد للفقيه “الشيعي” أن يتحرر من الأسلوب التقليدي القديم، ويطور في هذه المواد، إنصافاً للإنسان، قال تبارك وتعالى: (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون)، فأساس القانون والتشريع هو العدل.
وهذا يعني أنه لحل هذه المشكلة من بين مشكلات كثيرة، تحتاج إلى فقهاء قانونيين، وفقهاء شرعيين، وأن يجدد البيت الشيعي المسائل الشرعية وينظر بعين الرحمة لحالة من حالات كثيرة والتي ذكرناها أعلاه، والتي هي للأسف متفشية في المجتمع كالنار في الهشيم، الإسلامي منها ولا سيما المجتمع الخليجي، فالكويت على سبيل المثال فيها قضايا كبيرة جداً وأنا شخصياً لدي عشرات الملفات التي أعالجها في مكتبي، فالمرأة مطلقة قانوناً ومتزوجة شرعاً، وهنا الظلم كبير على المرأة، والجميع يريد العدل والإنصاف وأن تعم تعاليم الإسلام السمحة، لأن ذلك خلاف مقاصد الشريعة والتشريع الإسلامي ومقاصد روح الإسلام ككل.
بالنتيجة، لا بد على الفقيه الشيعي اليوم أن يعبّي هذا الفراغ الواقع في قانون الأحوال الشخصية من خلال التجديد الذي هو بيد المراجع الشيعية، خاصة وأن قاضي الأسرة هو مكلف من قبل دولة ذات سيادة ويجب احترام هذه الدولة وعدم انتقاص قرار قضاتها لأي سببٍ من الأسباب لذلك يجب إحقاق الحق وتثبيت العدل، فالمرأة الشيعية إنسان له الحق في الحياة.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ مستشار قانوني – الكويت.