يدخل مجلس الشورى اليوم الخميس 9 نوفمبر 2023 مرحلة جديدة تكمل مرحلة الانتخابات التي تكللت بالنجاح بانتخاب 90 عضوا يمثلون ولايات سلطنة عمان ، وذلك بانتخاب رئيس المجلس ونائبية في تنافس نزيه بين المترشحين لمنصب الرئاسة ، حيث يسعى كل المترشحين الستة لإدارة الفترة العاشرة لمجلس الشورى التي نتطلع ان تكون منعطفا مهما في مسيرة المجلس عبر المزيد من تباشير العمل الوطني الهادف إلى المشاركة في صنع القرار السياسي ، والعمل على النهوض بالعمل البرلماني إلى ما نتطلع ونصبو اليه ، والإسهام الفاعل في دفع عجلة التنمية في البلاد إلى الأمام ، الأمر الذي يتطلب من الأعضاء الحرص على إختيار الأفضل من المترشحين .
بلاشك ان اختيار الرئيس مسألة بالغة الحساسية والاهمية إذ ينعقد على الفائز فيها شرف تمثيل البلاد في المحافل المحلية والإقليمية والدولية ، على ذلك فان قادة المجلس الجدد ينبغي عليهم إمتلاك مواصفات قيادية إستثنائية تؤهلهم لقيادة المجلس بكفاءة وحنكة وإقتدار في الفترة الدقيقة القادمة .
ومن هذه المنطلقات التي لا تقبل انصاف الحلول تات اهمية الدقة والتمحيص وإعمال البصر لا النظر وصولا لدقة الإختيار ، اشارة الى حقيقة أن اي خطأ لاقدر الله في هذا الامر ستترتب عليه عواقب وخيمة تنعكس سلبا على سمعة ومكانه المجلس داخليا وخارجيا ، وباعتباره يمثل قمة سنام الهرم التشريعي والبرلماني بالبلاد ، على ذلك فان ماسيحدث اليوم داخل قبة المجلس (يجب) أن يناى وبنحو كاف وشاهق عن المجاملات التي تمليها الصداقات والمناطقيات والقبليات ، فالحصة في مجملها (وطن) وفي الوطن وشان الوطن تسقط كل الانتماءات إلا الإنتماء لتراب وسماء وهواء الوطن والولاء لسلطان الوطن وما دون ذلك لامكان له من الإعراب ، فالحدث في معناه ومغزاه وفحواه يمكننا وصفه بالمؤثر عوضا عن كلمة (خطير) .
ذلك أن المجلس تلقى الأوامر السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – القاضية بعقد الجلسة الإستثنائية لإنتخاب رئيس ونائبين للرئيس للفترة العاشرة (2023-2027) اليوم الخميس ، وذلك عملاً بأحكام المادة (17) من قانون مجلس عٌمان (7/2021) التي نصت على الآتي :
(يجتمع مجلس الشورى بدعوة من السلطان في جلسة إستثنائية تسبق دور الإنعقاد لإنتخاب رئيس له ونائبين للرئيس ، وذلك بالإقتراع السري المباشر وبالأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس ، ويتولى رئاسة هذه الجلسة أكبر الأعضاء سنا ، فإذا لم يحصل أي من المترشحين على منصب الرئيس أو على منصبي نائب الرئيس على الأغلبية المطلوبة في الجولة الأولى ، تجرى جولة ثانية يكون الإختيار فيها بالأغلبية النسبية) .
هذه الآليات لاختيار الرئيس تضمن إختيار الرئيس الملائم لقيادة المجلس ممن تتوفر فيه الخصال والسمات الشخصية الفذة لقيادة المجلس ووفق العديد من المحددات الواجب توفرها في المترشحين للتنافس على منصب الرئيس ، وبالتالي تعطي مساحة أوسع للأعضاء للتدقيق واجب الإتباع إزاء من سينال شرف الرئاسة .
في الواقع وهذه نقطة مضيئة قادرة على إزاحة اي ظلام كان ، فالمجلس يستكمل مسيرة الفترة العاشرة بدعم سخي وإهتمام كبير من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – وذلك بناءً على ما حدده النظام الأساسي للدولة ، وقانون مجلس عمان من صلاحيات واضحة تتوافق مع رؤية عمان 2040 ، ومع التوجهات الوطنية لسلطنة عُمان ، اضافة لرصيد الخبرات المتراكمة للعمل التشريعي عبر مسيرة وتاريخ المجلس الحافلة بالحراك البرلماني الايجابي .
هذا الإرث البرلماني الناصع يتطلب ويستحق قيادة فاعلة وقادرة على بلورة المتطلبات الشعبية وبما يتواكب والمستجدات والمتغيرات الوطنية .
إن قيادة مجلس الشورى في الفترة العاشرة تأت وسط مستجدات وطنية مهمة لعل من أهمها التنفيذ الأوسع لرؤيتها المستقبلية عمان 2040 ، واستكمال خطتها الخمسية العاشرة ، كما ترسم مسار وملامح وسحنات الخطة الخمسية الحادية عشر ، التي سيعمل المجلس على المشاركة فيها في نطاق اختصاصاته وأدواره ، وبما يسهم في تعزيز العمل الوطني المشترك وتفعيل تكاملية الأدوار بينه وبين الحكومة .
ذلك يتطلب أن تكون الإدارة على إطلاع واسع بهذه التطورات وبلورة ما يسهم في إضفاء ما يتطلبه المواطنين من الرؤية والخطط الخمسية ومقاربتها مع الواقع بشكل أفضل مما سبق للعديد من المتغيرات الوطنية الواعية والقارئة للواقع بتمهل وإدراك .
بالطبع لكل عضو الحق في الترشح والدخول لحلبة المنافسة الوطنية الشريفة ، ولكن يجب أن نعي جيدا أن الأمانة والمسؤولية في إختيار أفضل الأعضاء من كافة الجوانب يعد أمرا ذا أهمية كما اوضحنا .
نأمل أن تكلل عملية إختيار رئيس المجلس ونائبية بالنجاح والتوفيق ولما فيه خدمة المجلس كما ينبغي ، وعبر تجرد وشفافية كالماء لالون لها ولا رائحة وصولا لمصافحة الرئيس المنتخب ونائبية وبقدر يصفق له الزمان والمكان طويلا ، وعندها يمكننا القول بثقة تامة ان قادة المجلس الجدد هم الأفضل من بين المترشحين ، مع إقرارنا بحقيقة أن الكمال لله وحده ..
علي بن راشد المطاعني