بسم الله الرحمن الرحيم
( فَقِيدُ الفَضْلِ والزُّهْدِ )
رِثاء في الشيخِ الزاهدِ الوَرِع الفقيهِ سعيد بن فاضل بن محمد الشُّعَيْليِّ ، الذي وُلِدَ بين عامي 1340ــ 1345هـ ، وتوفِّي يوم الأحد 12 جمادى الأولى 1445هـ ، وهو من بلدة المَعْمُور من أعمال ولاية بُهْلا ، ومن طلّاب الإمام العَدْل الرَّضِيِّ محمّدِ بنِ عبدِالله الخليليِّ رحمَهما الله تعالى .
هُوَ الفَضْلُ مَن يبقى له إنْ تَرَحَّلا
ذَوُوهُ وكُلٌّ بالفَناءِ تَسَرْبَلا
هوَ الفضْلُ مِلْحُ الأرضِ زِينَتُها التي
تَحَلَّى بها يَا نِعْمَ ذَيَّاكُمُ الْحُلا
هوَ الفضْلُ عُنوَانُ الهُدى وطريقُه
وصِبْغَتُه أكْرِمْ به مَن تَجَمَّلا
ألستَ تَرى الشيخَ الشُّعَيْليَّ لابِسًا
لبُرْدتِه بين المَلا مُتَجَمِّلا
وألقى عَصَا التَّرْحالِ في بَطْنِ ” وَذْحَةٍ “
بِخَلْوَتِه لم يَرْتَضِ العيشَ في المَلا
يُجاوِرُ فيها ظَبْيَها وفَلاتَها
وَوِدْيانَها يَبغي مَعَاشًا بهِ اخْتِلا
ومنهُ لِسَانُ الحَالِ رَدَّدَ قائلًا
مِثالًا بهِ كَمْ زاهدٍ قد تَمَثَّلا
خُوَيْمَةُ خُوصٍ أوْ ظُلَيْلةُ رَاكَةٍ
كثيرٌ على حَيٍّ يموتُ فَيُنْـقَلا
وبالليلِ يَرْعَى النَّجمَ صَافٍ ضِياؤُه
وللبدر في مَسْراهُ إنْ هُوَ أقبَلا
يناجي إلهَ العرشِ في خَلَوَاتِه
ويرتَعُ في رَوْضِ التَّجَلّي مَتى اجْتَلى
تَهُبُّ عليه نَسْمَةُ اللطفِ وهوَ في
تَعَلُّقِه بالله يَبغي التَّبَـتُّلا
له من كتابِ اللهِ هَادٍ ومُرْشِدٌ
وسُلْوةُ أحزانٍ له حينَ رَتَّلا
إذا مَرَّ بالآيات وهيَ زواجِرٌ
ترقرقتِ العيْنانِ والدَّمْعُ أُسْبِلا
وإن جاءتِ البُشرى برَوْضٍ ورَوْضةٍ
ثوابًا تَطيرُ النفسُ تَبغي لها اعْتِلا
أيا شيخُ لازمتَ الهدى بين مصحفٍ
وفقهٍ وآدَابٍ تُريكَ التَّجَمُّلا
وقمتَ بتعليمٍ ونُصْحٍ وهِمَّةٍ
وأفعالِ إحسانٍ وكنتَ المُعَوَّلا
ومِن قبلُ لازمتَ الخليلي مُحَمَّدًا
إمامَ التقى والعدلِ مَن كان فيْصَلا
نهلتَ بنزوى من مناهلِ فيضِها
بسعيٍ وتوفيقُ الإله تَكَلَّلا
سلامٌ على نزوى وطُلّابِ حِصْنِها
وأشياخِها كانوا المَناراتِ في المَلا
زَهَتْ بِهمُ الدنيا وكانوا هُدَاتِها
وقد نشَروا فيها المَحَاسِنَ والعُلا
أيا أيُّها الشيخُ الشُّعَيْلي أخَا التُّقَى
تودِّعُ للمَعْمُورِ تَبغي التَّرَحُّلا
قضيتَ بها عَهْدًا طويلًا تَجَمَّلتْ
سِنينُك أسْعِدْ بالتُّقى مَن تَسَرْبَلا
لِـيَهْنَكَ مِن دارِ النعيمِ رِحَابُها
ومن نهرِها الفيّاضِ يَجري تَسَلْسُلا
فأنتَ على دَرْبِ الهدايةِ سَايرٌ
وكنتَ لمنهاجِ التعبُّدِ مُقْبِلا
وما كنتَ تبغي من دُنَا النَّاسِ زُخْرُفًا
ولا نحوَها تَمضي وتَرضَى التذَلُّلا
هنيئًا هنيئًا بالخِفافِ عِيابُهم
ولم يَختلِبْهمْ زَهْوُها لو تَجَمَّلا
هنيئًا هنيئَا للمُجِدِّينَ سَعْيَهمْ
لدارِ نعيمٍ إذْ يَطيبونَ مَنزِلا
أُعَزِّي جميعَ المسلمينَ وأُسْرَةً
له فمُصابُ الفضلِ كانَ مُزَلِـزِلا
وآلَ شُعَيْلٍ مَنْ سَمَوْا بمَكارمٍ
ففاقُوا بها وَهيَ الحَمِيدةُ في المَلا
همُ القومُ إقدَامًا وحُسْنَ استقامةٍ
همُ القومُ إكرَامًا وكَانَ لهم حُلَا
وأسألُ ربِّي الخَتْمَ ألقى الرِّضَا به
منَ الله إحْسَانًا ومنه تَـفَضُّلا
31 بيتًا
عبدالله بن راشد السيابي
الأحد 19 جمادى الأولى 1445هـ .