منذ أكثر من 90 يوماً ويواصل الكيان الصهيوني ممارسة أبشع أنواع القتل والتنكيل بأهلنا في قطاع غزة، ولم يوفر صغيراً أو كبيراً، في أعنف هجمة شهدتها الإنسانية، ولطالما قلنا إن هذا النظام مجرم، والآن تأكد بالأدلة القاطعة أن ما يقوم به فاق كل توقع، وفاق حجم وقدرة الضمير الإنساني على التحمل.
إخواني في كل أنحاء العالم، لو كان باليد حيلة لتوجهنا جحافل ضخمة نحو غزة لنصرتها، ولكن بشق الأنفس حتى استطاع البعض القليل من العبور للعلاج، والأفضلية لمزدوجي الجنسية وهذا ليس سرّاً، فلم تستفق غزة بعد من حصارها السابق لتجد نفسها أسيرة الصواريخ والقصف والقنص المستمرين عليها منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى يومنا هذا، وكما يناضل الكثير من مسؤولينا خلال مرحلة الانتخابات، برلمانية كانت أو رئاسية ويبذلون في سبيل حملاتهم الملايين لتحقيق النجاح، لا نريد منكم دفع الأموال بنصرة غزة إن لم يكن ذلك نابعاً من ضميركم، لكن أوجه ندائي إلى علماء أمتي في العالمين العربي والإسلامي، لجعل غزة شعلهم الشاغل، فالكملة دائماً ما كانت أشد وقعاً من الرصاصة، واليوم الحرب مفتوحة، وبالمقابل إن الفضاء المعلوماتي الذي اخترعه الغرب للنيل منا، سنحوله إلى مكان للنيل منهم، الأدوات اليوم كثيرة.
لو سخّر كل عالم خطبته إن كان في صلاة الجمعة أو بعد صلاة العشاء أو في أي وقت يروه مناسباً لشحذ الهمم وتوعية الشعوب وحثهم على الخروج في مظاهرات منددة بجرائم الاحتلال الصهيوني، أؤكد لكم أننا سننجح، بالحد الأدنى سنقلب الطاولة على الحكومات الغربية التي هي على موعد في غالبيتها العظمى مع دورة انتخابات جديدة، اكشفوا لشعوبهم حجم الزيف والرياء الذي يمارسونه وكيف ينصرون الظالم على المظلوم، دون رادعٍ أخلاقي، ولا خوض لنا هنا في الرادع الديني، لأنه كما تثبت التجربة أن الدين وهم (أي المسؤولين في الغرب عموماً) طريقان لا يلتقيان أبداً.
بالتالي، يندرج قطاع غزة ضمن الأراضي الفلسطينية، وتشكل هذه المنطقة جزءاً من التحديات السياسية والقانونية المعقدة في المنطقة، وبالنسبة للوضع القانوني لقطاع غزة:
الحكومة والإدارة:
• قطاع غزة يخضع لسيطرة حركة حماس منذ عام 2007 بعد انقسامها مع السلطة الوطنية الفلسطينية؛
• السلطة الوطنية الفلسطينية معترف بها دولياً كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، لكنها لا تمارس السلطة في غزة.
الحصار:
• يفرض الكيان الصهيوني، حصاراً على قطاع غزة منذ عام 2007، مما أثر على الحياة اليومية للسكان وقيد حركة البضائع والأفراد؛
• الحصار قد أثار قضايا حول القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.
القانون الدولي:
• الأمم المتحدة والمجتمع الدولي يشددون على أن قطاع غزة هو جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة ويجب أن يكون مستقلاً وقابلاً للتنمية.
الأوضاع الإنسانية:
• يعيش سكان قطاع غزة تحت ظروف إنسانية صعبة بسبب الحصار والتدهور الاقتصادي والاجتماعي؛
• الوضع الإنساني يشكل تحديات كبيرة لتوفير الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.
المسائل القانونية الخاصة:
• تتضمن المسائل القانونية الخاصة قضايا الملكية والملكية الفكرية والقانون الجنائي، ويتم التعامل مع هذه المسائل وفقاً للأنظمة القانونية المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية.
وبالنظر إلى ذلك، ومع التطورات الجديدة، يجب مراعاة أن الوضع السياسي والقانوني في قطاع غزة يمكن أن يتغير بشكل سريع، خاصة في ظل القصف المستمر على القطاع.
بالتالي، يشكل قطاع غزة، الذي يعيش تحت وطأة التحديات والحصار، إحدى القضايا الإنسانية العاجلة التي تستدعي التضامن العالمي، يبرز في هذا السياق دور العلماء المسلمين الذين يسعون لدعم وتقديم العون لسكان غزة المحاصرين، إذ يجب أن ينظر العلماء المسلمون إلى الدعم الإنساني لسكان غزة كجزء من مسؤوليتهم الإسلامية، حيث يُعَد تقديم المساعدة ودعم الفقراء والمحتاجين أحد القيم الأساسية في التعاليم الإسلامية، كما يجب أن يعزز العلماء قيم الإنسانية والتعاطف من خلال التوعية حول معاناة سكان غزة ودعوة المسلمين والمجتمع الدولي إلى التحرك الفوري للمساعدة.
وفي هذا الصدد، تلعب المؤسسات الدينية دوراً حيوياً في توجيه الدعم نحو الفئات الأكثر احتياجاً، وذلك من خلال تنظيم حملات تبرع وتقديم الخدمات الاجتماعية والطبية، كما يجب أن يسهم العلماء المسلمين في نشر الوعي حول قضية غزة من خلال محاضرات وندوات توعية، مما يساهم في تشكيل رؤية إيجابية وتحفيز المجتمع للمشاركة الفعّالة في دعم السكان.
التحديات والحلول
رغم الجهود المبذولة، تواجه هذه الجهود تحديات، منها التحديات الإنسانية والاقتصادية، يلعب العلماء دوراً في تحفيز المجتمع الدولي والمؤسسات الإنسانية لتقديم دعم مستمر، ويظهر دور العلماء المسلمين في دعم سكان غزة كمثال بارز على الوحدة الإنسانية والتضامن، إذ يتعين علينا جميعاً الاستفادة من تلك الدروس لتعزيز التعاون الدولي، وتقديم الدعم المستدام لمناطق النزاع والمحن الإنسانية.
وكوني محامي، لن أتوانى عن تقديم المساعدة لأهلنا في قطاع غزة، وأعلن عن تطوعي لتقديم المساعدة القانونية في القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بالتحديات القانونية التي يواجهها سكان غزة نتيجة للقصف الإرهابي من قبل الكيان الصهيوني، وأعلن عن استعدادي للتعاون مع أي جهة كانت، والعمل على إنشاء ورش عمل لتوجيه الناس حول حقوقهم القانونية، بما في ذلك الانخراط في القانون الدولي للدفاع عن قضايا تتعلق بحقوق الإنسان وتأثر النزاعات على السكان المدنيين، وتقديم التوعية القانونية التي قد تسهم في توعية الناس حول حقوقهم والإجراءات القانونية ذات الصلة، لتحقيق العدالة المفقودة، وتجريم الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني الأعزل.
وفي رسالة الأمل والتضامن في زمن الحروب، وفي ظل الحرب الدائرة والتحديات الهائلة التي يواجهها سكان قطاع غزة، يبرز دور علماء المسلمين كشعلة من الأمل والتضامن، حيث تظهر قدرة العلماء على توجيه النور في أوقات الظلام، وتقديم الدعم والرعاية للمحتاجين في وقت الأزمات، وفي مواجهة الحروب والصراعات، يشكل التضامن الإنساني ركيزة أساسية للمساهمة في تخفيف معاناة الأفراد وتقديم الدعم اللازم، إذ يقوم علماء المسلمين ببناء جسور التواصل والتفاهم، مساهمين في خلق جو من التعاون العالمي، وتظهر قوة الدعم الروحي والنفسي الذي يقدمه علماء المسلمين في إلهام الآمال وتعزيز الصمود لدى السكان، فقد تحول الكلمات المعبرة عن التضامن إلى رافد قوي يقوي إرادة البقاء والتغلب على الصعوبات.
وكما نعلم، يلعب علماء المسلمين دوراً حيوياً في تقديم التوجيه الديني، محثين المجتمع على الالتزام بالقيم الإنسانية والأخلاقية في وجه التحديات، حيث يكون التأكيد على العدالة والسلام جزءاً من استراتيجيتهم للنهوض بالمجتمعات، كما تعزز جهود علماء المسلمين الوعي الدولي حول القضايا الإنسانية في قطاع غزة، من خلال التشديد على الحقوق الإنسانية والضرورة الدائمة للتحرك العالمي لوضع حد للمعاناة وتحقيق السلام.
وفي ظل هذا السياق الصعب، تنبعث شعلة الأمل من دور علماء المسلمين، حيث يعملون جاهدين على بناء مستقبل أفضل، يكملون مسيرتهم بثبات وعزيمة، مؤمنين بأن العدالة والسلام هما الأساس الذي ينبني عليه المستقبل، بالتالي، إن قدرة علماء المسلمين على تقديم الدعم الروحي والقانوني في زمن الحرب تعزز التضامن والأمل في قلوب الناس، فهم يظلون رمزاً للسلام والعدالة، وسط الصراعات التي تتسارع حولهم، ليبنوا جسراً نحو مستقبل أفضل.
وفي الختام يجب القتال في سبيل نصرة المستضعفين بالسلاح وبالقلم وبالكلمة وبكل الوسائل الممكنة، عملاً بقول الله عز وجل في محكم كتابه العزيز: “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا“.
عبدالعزيز بن بدر القطان/ كاتب ومفكر – الكويت.