العدوان الصهيوني البربري الذي أكمل (222) يومًا بما حمل من دلالات عميقة أكدت فشل الصهاينة في النَّيل من إرادة الشَّعب الفلسطيني الذي يناضل من أجْلِ تحقيق مشروعه بالتحرير وتقرير المصير عَبْرَ قوائم من الشهداء قدَّمتها الملحمة الفلسطينية طوال فترة الاستعمار الصهيوني، ومن قَبله الانتداب البريطاني.. وكُلُّ الثورات والانتفاضات والمعارك البطولية والعمليات الفدائية تؤكِّد أنَّ هذا الشَّعب العظيم ماضٍ في سبيل تحقيق التحرير والانتصار على الاحتلال الصهيوني. فهذا التاريخ المليء بالملاحم البطولية المرصَّع بالدماء والتضحيات الجسام لا شك أنَّه يتوازى ويتناغم مع حركة التاريخ وسنن الكون بالتبديل، وأنَّ العدالة الإلهيَّة ستُحقُّ الحقَّ وتُبطل الباطل ولو كَرِه المُجرِمون.
نعم هناك حقائق وبراهين تتجلَّى للمراقبِ والمتأملِ في تاريخ الصراع مع العدوِّ الصهيوني وتاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية والنضال المقدس؛ لأنَّ قراءة الأحداث والمشهد يبرز حقيقة الفشل الصهيوني في كُلِّ الاجتياحات السابقة، ورغم كُلِّ ما اقترفه من جرائم ضدَّ أبناء الشَّعب الفلسطيني، ورغم آلةِ البطْشِ الصهيونيَّةِ لم يزدْ هذا الشَّعب المناضل إلَّا مزيدًا من الكبرياء والعنفوان والصمود والإيمان بالقضية المقدَّسة، والإيمان العميق بوعد الله الذي لا يخلف وعده وينصر عباده المؤمنين الصادقين، ويُمكِّن لهم في الأرض. قال تعالى: «وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ» والبراهين التي برزت مع معركة طوفان الأقصى بيَّنت فشل وهزيمة العدوان الصهيوني في أشرف وأقدس وأعظم معركة بين الحقِّ والباطل، أساءت وَجْه الصهيونية، كما قال سبحانه «ليسوؤوا وجوهكم». وستتواصل عجلة التحرير في معركة تحرير الأقصى، كما سيدخل المؤمنون المسجد الأقصى كما دخلوه أوَّل مرَّة وسيتبرون ما علَوا تتبيرًا.. هكذا هو وعْد الله الذي يؤمن به المؤمنون ويدركه الحكماء والمفكرون، وهذا الوعد الإلهي بزوال الصهاينة المُجرِمين الذين عاثوا في الأرض الفساد، وارتكبوا كُلَّ الآثام والجرائم من قتلٍ للأطفال والنِّساء، وتدمير كُلِّ شيء في قِطاع غزَّة خلال هذا العدوان، إلَّا أنَّهم لم يتمكنوا من تحقيق هدف واحد من أهداف العدوان، بل أوقع الهزيمة النكراء بالعدوان وداعميه من قوى الاستعمار التي تظنُّ أنَّ هذا الدَّعم والمسانَدة للعدوانِ في قتلِ الأطفال والنِّساء سوف يمدُّ الكيان بقبلات الحياة، ويؤدي إلى إطالة أمَدِ البقاء لهذا الكيان اللقيط، لكنَّهم تناسوا إرادة الله الرَّاسخة، ووعدَه الذي يقترب بزوال الباطل وتحقيق النصر على بني صهيون، ولن تنفعَ كيان العدوِّ هذه الجسور الجوِّيَّة والدَّعم السياسي والعسكري من قوى الشيطان الذي لم يدَّخرْ جهدًا حتى هذه اللحظة في دعم ومساندة العدوان أمام ثلَّة من الأبطال عاشوا طوال (222) يومًا تحت الأرض يلقِّنون العدوَّ الدروس، فالله أكبر ولله العزَّة ولرسولِه وللمؤمنينَ. ولكن تحالف العدوان لا يعلمون هذه الحقائق الكبرى التي تتجلى اليوم أكثر من أيِّ وقتٍ مضى بعد معركة طوفان الأقصى العظيمة، وبعد فشل قوَّات الاحتلال وداعميه الذين عجزوا عن تحقيق شيء من الأهداف؛ لأنَّهم أمام قدرة الله القاهرة ونصره لأولئك المؤمنين الصادقين الذين طبَّقوا شرع الله ونفَّذوا أوامره.. قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم». وها هو انتصار المقاومة حتى هذه اللحظة تدكُّ معاقل الصهيونية وحِلْف الشيطان بنصرة الله «ولينصرن الله مَن ينصره إنَّ الله لقويٌّ عزيز» وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
خميس بن عبيد القطيطي