بتكليفٍ من المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ قام معالي الدكتور عبد الله بن ناصر الحراصي رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون مساء امس بتكريم الفائزين بجائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب في دورتها الثامنة المخصصة في التنافس لعموم العرب، وذلك في احتفال أقيم بنادي الواحات بالعذيبة.
وقد فاز بالجائزة في مجال الطرب العربي عن فرع الفنون المطرب المصري علي الحجار، بينما فاز في مجال أدب الرحلات عن فرع الآداب الأديب العراقي باسم فرات، في حين تم حجب جائزة مجال دراسات علم الاجتماع عن فرع الثقافة لعدم استيفاء المتقدمين كافة الشروط والضوابط المقررة في هذا المجال.
وأعلن معالي الدكتور رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون في كلمة ألقاها في ختام الحفل عن مجالات الدورة التاسعة لعام 2020م التي سيكون التنافس فيها للعمانيين فقط، حيث أوضح أن تلك المجالات الثلاثة ستشمل تحقيق التراث العماني عن فرع الثقافة الفرق المسرحية عن فرع الفنون والمقالة عن فرع الآداب.
وأكد سعادة حبيب بن محمد الريامي الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم في كلمة ألقاها بالاحتفال أنه ” تم حجب جائزة مجال دراسات علم الاجتماع عن فرع الثقافة بالرغم من غزارة الأعمال المقدمة ولكن ارتؤي أن ما تم التقدم به لم يكن يتوافق وما وضع من اشتراطات للرقي بالجهد الإنساني إذ أن الجائزة في أساسها وجدت لتمنح ولكنها لم توجد لتمنح كحق مكتسب لكل متقدم وإنما لكل من يحقق اشتراطات معينة تؤطر لمسيرة أخرى ولجهد آخر جديد في مجال ذلك التنافس، مشيرا إلى أنه بعد تلقي كم معين من تلكم الأعمال في مجالي فرع الفنون وأدب الرحلات خلصت لجان التحكيم بعد أن انجزت لجان الفرز الأولية أعمالها إلى فوز رجل جاء من بيئة ينضح في جنباتها نهر النيل وكذلك تستقي خيراتها من البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر فكان ذلك فوز الاستاذ علي إبراهيم الحجار بجائزة الطرب العربي” .
وأضاف سعادته أنه “في مجال أدب الرحلات فجاء من بلاد الرافدين كما عهدت منذ الأزل ولادة بكل قادم وآت جديد ففاز رجل حمل على عاتقه الترحال من بيئة إلى أخرى ومن محطة إلى أخرى لا يكاد يقيم على أرض حتى يشد رحاله إلى غاية أخرى في شتى بقاع الأرض حتى قطع نهارها بأكثر من خمس إصدارات ليفوز في النهاية الاستاذ الكاتب والأديب الشاعر باسل محمد فرات بجائزة السلطان قابوس التقديرية للثقافة والفنون والآداب في مجال أدب الرحلات عن فرع الآداب.
وقال إن “الاستاذ باسل فرات وصفت أعماله بأنها تتسم بالشاعرية في كثير من جوانبها وبالتالي يجد الإنسان امتاعا راقيا يرقى به ويرتقي به أيضا في سلم العطاء الإنساني وهذا هو أساس هذه الجائزة عندما أطر لها قبل ما يقرب من عشر سنوات لتكون دفعا غزيرا للعطاء الإنساني في مجالات الفكر والثقافة والفنون والأدب إينما كان وإينما وجد”.
وأوضح “أنه من حسن الطالع وليس المصادفة أن بؤطر لهذه الجائزة في أرض وفي بلد لها من التاريخ العريق ما يحصى بآلاف السنين ليفوز أديب وفنان من أرض مصر بتاريخها العظيم المتنامي الراقي وكذلك في الجانب الآخر ليفوز أحد أبناء أرض الرافدين من العراق العزيز، فهكذا هي حضارات الأمم وبناء الدول والمجتمعات يؤطر لها بثوابتها وليس بحادثاتها ، وبالتالي عندما يؤطر لجائزة مثل هذه بفكر ثاقب مستنير فكر حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ، حفظه الله ورعاه ، الذي نضرع إلى الله سبحانه وتعالى في هذه الليلة الخيرة أن يكلؤه بعين الرعاية والحفظ وأن يلبسه ثياب الصحة والعافية وأن يمن عليه بالعمر المديد والنصر والتأييد ليبقى يحمل مشعل الفكر والسلام والأمن والاطمئنان ليس على أرض عمان فحسب ولكن لبني البشرية إينما وجدوا طالما كان هذا الفكر فكرا بناء نيرا ينشد الرقي والحرص على بني الإنسانية أن يسيروا كروافد خير وبركة مجتمعة متحدة تنشد شطآن الرقي والمجد والسؤدد”.
ودعا “العمانيين المشتغلين على جوانب الثقافة والفنون والأدب حيث ستكون مجالات الدورة القادمة مخصصة لهم فقط أن يشمروا عن سواعد الجد وأن يسبروا أغوار مجالات الجائزة في دورتها التاسعة وأن يكون طرحهم في تلك المجالات بإخلاص وبتفان يؤطر أيضا لنهضة ثقافية وفنية وأدبية في هذه الأرض المعطاءة “.
واشتمل الحفل الذي حضره عدد من أصحاب المعالي والمكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة والمسؤولين والمهتمين بمجالات الجائزة عرض فيلم عن مسارات الجائزة في دورتها الثامنة والتعريف بها، كما عزفت فرقة موسيقى مركز عمان للموسيقى التقليدية التابع لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني عددا من المقطوعات الغنائية. كما قدم سعادة الأمين العام لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم لراعي اللاحتفال هدية تذكارية.
وتأتي جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب انطلاقا من الاهتمام السامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بالإنجاز الفكري والمعرفي وتأكيدًا على الدور التاريخي لسلطنة عُمان في ترسيخ الوعي الثقافي باعتباره الحلقة الأهم في سلم الرقي الحضاري للبشرية، ودعمًا من جلالته -أعزّه الله – للمثقفين والفنّانين والأدباء المجيدين، حيث أصدر جلالته في 27 من فبراير 2011م المرسوم السُّلطاني السامي رقم (18 /2011) القاضي بإنشاء جائزة السُّلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب.
وتهدف الجائزة إلى دعم المجالات الثقافية والفنية والأدبية باعتبارها سبيلاً لتعزيز التقدم الحضاري الإنساني والإسهام في حركة التطور العلمي والإثراء الفكري، وترسيخ عملية التراكم المعرفي، وكذلك غرس قيم الأصالة والتجديد لدى الأجيال الصاعدة، من خلال توفير بيئة خصبة قائمة على التنافس المعرفي والفكري، وفتح أبواب التنافس في مجالات العلوم والمعرفة القائم على البحث والتجديد، إضافة إلى تكريم المثقفين والفنانين والأدباء على إسهاماتهم الحضارية في تجديد الفكر والارتقاء بالوجدان الإنساني، وتأكيد المساهمة العمانية ماضيًا وحاضرًا ومستقبلا، في رفد الحضارة الإنسانية بالمنجزات المادية والفكرية والمعرفية.
وضمت لجان التحكيم عددا من الأكاديميين والأدباء والنقاد والفنانين، ممن لهم خبرة طويلة في المجالات المطروحة، والجدير بالذكر أن جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب جائزة سنوية، يتم منحها بالتناوب دورياً كل سنتين؛ بحيث تكون محلية في عام يتنافس فيها العمانيون فقط، وتقديرية في عام آخر يتنافس فيها العرب عموماً.
ويعد الأديب العراقي باسم فرات الفائز بالجائزة في مجال الطرب العربي عن فرع الفنون شاعرا ورحالة ومصورا فوتوغرافيا ، زار بلدانا كثيرة متنقلا بالترحال، عابرا للحدود والتضاريس، ليبحث في ثقافات الشعوب، وحضاراتهم، وواقع حياتهم، بالإضافة إلى التعرف على كل جديد للكتابة عنه وتوثيقه واكتشافه، وهو من مواليد كربلاء عام 1967، عاش حتى الآن في سبعة بلدان وهي الأردن، نيوزلندا، أستراليا، اليابان، لاوس، الإكوادور والسودان، إلا أن موطنه الأصلي العراق يبقى دائما محل الإقامة الأول. بدأ كتابة الشعر في سن مبكرة وعاش حياته مخلصًا له، وقد تناول شعره أكثر من مائتي ناقد وشاعر وكاتب، باللغتين العربية والإنجليزية، وتُرجمت أعماله الشعرية إلى مجموعة من اللغات منها الإنجليزية التي صدرت له بها ثلاث مجموعات شعرية، والإسبانية التي صدرت له بها مجموعة شعرية واحدة، فضلًا عن لغات عديدة مثل الألمانية والرومانية والفارسية والصينية واليابانية، ودخلت تجربته الشعرية وكتبه في أدب الرحلات في الدرس الأكاديمي وكان من ضمن عدد كبير من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه. أما البداية الأولى فكانت بكتابة الشعر وهو في الابتدائية، وكان قارئا نهما وكان يحلم أن يزور الأماكن التي ترعرع فيها الشعراء والفلاسفة والكتاب أو زاروها، لكن صراع التفرد انتصر لديه، بعيدا عن التقليد في الكتابة والقراءة والسلوك.
كما بدأ مع شغف السفر والكتابة لاكتشاف حياة الشعوب والبلدان، وسجل خمسة كتب في «أدب الرحلات» صدر حديثا بعنوان «لؤلؤة واحدة وألف تل.. رحلات بلاد أعالي النيل» 2019، سبقته أربعة كتب هي على التوالي «مسافر مقيم.. عامان في أعماق الإكوادور»، و«الحلم البوليفاري.. رحلة كولومبيا الكبرى»، و«لا عشبة عند ماهوتا.. من منائر بابل إلى جنوب الجنوب» 2017، و«طواف بوذا.. رحلاتي إلى جنوب شرق آسيا» 2019.
والاستاذ علي ابراهيم الحجار الفائز بجائزة الطرب العربي هو من عائلة آل الحجار المشهورة بأصواتهم الجميلة من محافظة بني سويف، انتقلت عائلته إلى القاهرة في بدايات القرن العشرين، عمل والده في الإذاعة المصرية، ثم التحق بفرقة الموسيقى العربية، ثم تم تعيينه كمدرس حر بمعهد الموسيقى لتدريب الطلبة على فن الغناء وتحفيظ الأدوار والموشحات القديمة. لم يشجع إبراهيم الحجار ابنه على تعلم الموسيقى نظرا لصعوبة العمل في الجانب الفني،ولكن علي الحجار ومع شغفه بالفن والغناء، التحق أثناء دراسته هو وأخوه أحمد بفرقة التخت العربي لإحياء التراث وكانا يتقاضيان مرتبا شهريا أعانهما على بعض متطلبات الحياة، ثم وضعه قدره في طريق الموسيقار العبقري الراحل (بليغ حمدي) الذي شاهده يغني في حلقة من حلقات برنامج الموسيقى العربية الذي تقدمه الدكتورة «رتيبة الحفني» ليبعث في طلبه ثم ظل يتدرب معه حوالي سنتين حتى اختار له ( بليغ حمدى ) كلمات الشاعر الغنائي الكبير (عبد الرحيم منصور) أغنية (على قد ما حبينا) لتكون البداية التي قدمه بها للجمهور في حـــفل ليلة رأس السنة عام 1977 ثم كان الألبوم الأول الذي تضمن أربع أغنيات كتب عبد الرحيم منصور ثلاثا منها وكتب بليغ حمدي بنفسه أغنية رابعة بعنوان «قـــــــالت» تحت اسمه المستعار كشاعر وهو (ابن النـــيل).
كان حلم (علي الحجار) منذ طفولته أن يغني رباعيات الشاعر والرسام والممثل والكاتب الراحل (صلاح جاهين)، وبعد جهد كبير بذله هذا الأخير في إقناع الموسيقار الراحل (سيد مكاوي) ملحن الرباعيات وأول من غناها أقنعه بإمكانيات (علي الحجار)، ووافـــــق سيد مكاوي على غناء (الحجار) الذي نجح في أدائها بطريقة أكسبته المزيد من الانتشار، وجعلته واحداً من أهم المطربين في جيل الوسط.
العمانية
#عاشق_عمان