مع هول الجريمة واستمرار المجازر الصهيونيَّة المروِّعة بحقِّ أهْلِنا في قِطاع غزَّة وبفلسطين عامَّة تجسيدًا للغطرسة والطغيان العالَمي وموقف غربي مساند بقوَّة لاستمرار الجريمة والحصار والقصف الممنهج لتوسيع دائرة الضحايا من المَدنيِّين الأبرياء العُزَّل أمام صَمْتٍ عالَمي مغلَّف ببعض الخِطابات والإدانات لَمْ تحقِّق سوى مزيد من الهمجيَّة الصهيونيَّة المتجرِّدة من كُلِّ الأعراف والقِيَم الإنسانيَّة في جريمتها الَّتي بلغت حتَّى اليوم ما يناهز (9000) شهيد جلُّهم من الأطفال والنِّساء وأكثر من (2000) مفقود تحت الركام لَمْ يجدوا الحياة والإنقاذ بسبب ضعف الإمكانات المتاحة، ولا يجدوا الموت مرَّة واحدة. فهل بعد هذا الصَّلف والطغيان يستطيع العالَم الحُرُّ أن يرفعَ رأسه ويتبنَّى موقفًا للتاريخ والأخلاق والإنسانيَّة ويقول للكيان الصهيوني المُجرِم وشركائه في الجريمة (كفى) لتكريس موقف عالَمي متذرِّع بالإرادة الدوليَّة والقِيَم الإنسانيَّة والمُثل الأخلاقيَّة لمنْعِ استمرار هذه الجريمة الَّتي لَمْ يُشهد لها مثيل في التاريخ؟!
الولايات المُتَّحدة وحكومات أوروبا الدَّاعمة للكيان العنصري الإرهابي المُجرِم لا يملكون أدنى معايير الجدارة لتولِّي القيادة العالَميَّة والمنظَّمة الدوليَّة الَّتي تقف على رأسها الولايات المُتَّحدة والعالَم الغربي، لا تمتلك الأهليَّة الشرعيَّة الدوليَّة الَّتي كفلت في دستورها حقَّ النِّضال والكفاح للشعوب من أجْلِ تقرير المصير، ولكن ـ للأسف الشديد ـ هذا الطاغوت العالَمي وحلفاؤه الأوروبيون يساوون بَيْنَ المحتلِّ وصاحب الأرض؟! وهنا يتوجب على دوَل العالَم الحُرِّ أن تأخذَ زمام المبادرة للوقوف أمام هذا الظلم والإجرام الصهيوني المدعوم من قِبَل أميركا والدوَل الأوروبيَّة، بالمقابل هناك من دوَل العالَم الحُرِّ المناهضة لقوى الاستكبار والاستعمار القادرة على تشكيل تكتُّل عالَمي من خلال تبنِّي مؤتمر دولي يضمُّ كُلَّ الدوَل الدَّاعمة للحقِّ والسِّلم والأمن العالَمي لإحداث فرز عالَمي، وتبنِّي إرادة عالَميَّة لتصويب مسار المؤسَّسة الدوليَّة، ووضع العالَم أمام قِيَم العدالة والأمن والسِّلم الدوليَّيْنِ، ووقف مسلسل الجريمة المتفاقمة في كُلِّ لحظة وعدم الاصطفاف إلى جانب هؤلاء المُجرِمين الَّذين يرفضون وقف الجريمة الممنهجة في قِطاع غزَّة. ومن هنا يطلق الضمير الإنساني العالَمي نداءه الأخير، وبشكلٍ عاجل، مخاطِبًا ما تبقَّى من قِيَم الإنسانيَّة والعدالة في دوَل العالَم الحُرِّ. ومن هذا المنبر نناشد هذه الدوَل بتبنِّي مؤتمر دولي عاجل يُشكِّل تكتُّلًا عالَميًّا للوقوف أمام الظلم العالَمي، ومنْعِ استمرار الجريمة، واستعادة قِيَم العدالة الدوليَّة. أمَّا الاستمرار في مراقبة الجريمة بصَمْتٍ وعجزٍ قاتلٍ فلَنْ تقفَ تأثيراته على حدود قِطاع غزَّة، بل ستطول الجميع إن لَمْ تتمكَّنْ دوَل العالَم الحُرِّ من وقف هذه الجريمة المروِّعة حماية للأطفال والشعوب، وإلجام سطوة الظلم الَّذي لَمْ تأبَهْ شهيَّته الوحشيَّة إلى ارتكاب المزيد من الدَّمار والإمعان في الجريمة الممنهجة.
الكيان الصهيوني اليوم يُعبِّر عن حالة فشل وجُبن وخيبة أمل وهو أوهن من بيت العنكبوت، حيث فشل في مواجهة المقاومة العظيمة الباحثة عن استعادة حقوقها وتحرير أرضها، فلَمْ يتمكَّن منذ 7 أكتوبر وحتَّى كتابة هذه السطور (1 نوفمبر) من الإقدام على مواجهة بَرِّيَّة، وكُلُّ محاولاته في تنفيذ هجوم بَرِّي باءت بالفشل الذَّريع، وتعرَّض لخسائر مضاعفة من القتلى والأسرى والمصابين وتدمير قدراته العسكريَّة الَّتي يفاخر بها. ولا شكَّ أنَّ هذه الشعوب الحيَّة الَّتي تناضل من أجْلِ كرامتها واسترداد حقوقها وتمارس حقَّها المشروع بالنِّضال المُسلَّح هي شعوب موعودة بالنصر؛ والشَّعب الفلسطيني اليوم وهو يقدِّم أعظم ملحمة في التاريخ يؤكِّد أنَّه باتَ على مقربة من تحقيق ذلك الوعد الإلهي. وهذا العلو والظلم والطغيان الصهيوني الَّذي نشاهده اليوم يؤكِّد أنَّ وعد الله يقترب، وأنَّ هذه الجرائم بحقِّ الأطفال والنِّساء والولوغ في دماء الأبرياء، وهذه القوافل من الشهداء الَّتي تتزايد بشكلٍ رهيب ـ رغم جسامتها وعِظَم هولها ـ هي الدِّماء والأرواح الَّتي تبشِّر بالنصر العظيم، فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.
خميس بن عبيد القطيطي