طوفان الأقصى العجائبية وقعت كالصاعقة على الرؤوس وفاجأت الجميع بوقائعها وبنتائجها بما فيهم المخططين والمنفذين.
وقع المفاجأة طبيعي فكل الأحداث الكبرى والحروب بما فيها العالمية أشعلتها أحداث عابرة جاءت مفاجئة وغير متوقعة وتسببت بالحريق الواسع كعقب سيغاره يشعل غابة أو كصاعق يفجر اطنان المتفجرات.
المنطقي أن محور المقاومة وفصائله تحت وقع المفاجأة تعاملوا مع ما أطلقته من حرب بداية على أنها جولة فهو قد اعتاد وركلج عقله على استراتيجية حرب الجولات وترصيد النقاط ويحسب أن الزمن واستحقاقاته ومساراته يسير على هواه ورؤياه وحاجاته وتوقيته وبإرادته.
أما وقد تحولت الحرب إلى حرب وجودية كما تخوضها إسرائيل والتزمها قادتها وقال غالانت؛ حرب وجودية إذا هزمنا فيها فلا مكان لنا في المنطقة.
ولأنها وجودية لإسرائيل نجد نتنياهو يخوضها بلا هوادة وبلا حسابات ويدير ظهره للضغوط والتصريحات ولحاجات بايدن الانتخابية ولحلفاء إسرائيل في النظام الرسمي العربي والاسلامي والعالمي.
وفي الوقائع الميدانية وتأكيدا لكونها أصبحت حرب وجودية فقد طالت لثمانية أشهر ودخلت التاسع وليس من جولة قبل اتخذت هذه المدة وتسببت بتدمير غزة وبنيانها وبنيتها التحتية وقتلت وجرحت وأخفت قرابة ١٠% من سكانها أي ما يوازي ٣٥ مليون أمريكي أو ١٥٠ مليون صيني أو هندي.
وأدت إلى وحدة الجبهات بعد أن وحدت الساحات الفلسطينية وتسببت بحرب البحار والمضائق واشتبكت ايران مع امريكا والاطلسي واسرائيل وحلفائها.
فهل يعقل أن توصف حرب بهذه الشدة والمدة والكلفة واتساع المسارح وتعدد الجبهات والدول والاطراف المشاركة فيها بأنها جولة؟! وهل يعقل ان محور المقاومة وفصائله يستمرون بتوصيفها والتعامل معها على أنها جولة؟
إذن؛ ما الحرب وكيف تفهم وما هو توصيفها؟ وما الفرق بين جولة في حرب/ معركة وحرب فاصلة إسرائيل تخوضها كحرب فاصلة لا مكان لها إذا هزمت فيها.
السيد حسن نصرالله القائد الاستثنائي الشامل والاستراتيجي أعلنها في إطلالته الأخيرة؛ حرب وجود وزاد أنها حرب مصير.
حرب وجود ومصير يا سادة ليست جولة ومساراتها ونواتجها تجب وتختصر ما سبق من جولات لترتقي بنتائجها إلى مستويات الحروب الكبرى بل المصيرية والوجودية وتقرر جديد ينهي القديم ويلقيه في سلة الذكريات بما في ذلك الجولات.
حقا وبحسب كل المدارس والمذاهب العسكرية وعلوم الجيوش والحروب هذه حرب كبرى بمسارحها و أسلحتها وجيوشها ومساراتها والقوى والدول المنخرطة فيها وكذلك ستكون في نواتجها.
أما الذين تستهويهم حالة التكرار واجترار المقولات دون تحديثها لتطابق الجاري وما سيكون فلينتظروا على الرصيف وليتفاجؤوا ثانية وثالثة …
الحرب الجارية بحسب السيد حسن نصرالله وجودية ومصيرية وكذا بحسب نتنياهو وغالانت والقائلون بانها حرب وجودية على الضفتين هم قادتها والمقررين بمساراتها ونتائجها.
والحروب الكبرى والإقليمية على حافة العالمية كما يصفها إيمانويل طود بالحرب العالمية ويربط دوغين بين مسرح أوروبا/ أوكرانيا وغزة/ الشرق الأوسط والحرب الاقتصادية والحشود في بحر الصين ليستنتج أن حربا عالمية جارية بمسارح وجغرافية ممتدة وواسعة
فالمنطقي توصيف حرب غزة بانها نوعية وتاريخية ومؤسسة بما سيكون من ولادة عالم جديد موسوم ببصمات غزة وأرواح أطفالها ونسائها وشيوخها.
الحق أن المقاومة في لبنان استعدت وتخوضها بحساب انها حرب مصير ووجود كغزة ومقاومتها وكما يبلي فيها اليمن بلاء فائق الاهمية والتأثير.
حرب وجودية ومصيرية وبنتيجتها سيتقرر مصير العرب واقليمهم والعالم كما يتقرر مصير ومستقبل إسرائيل والعالم والنظام الانجلو ساكسوني.
إنها حرب كبرى وليست بأي حال مجرد جولة وترصيد نقاط فيها فنتيجتها ستقلب القائم رأسا على عقب وستكون في صالح المنتصر وتمكينه لقرون وليس لعقود فقط.
فحرب الجولات أصبحت خلفنا وقد أسست للحرب الفاصلة الوجودية والمصيرية الجارية تحت ناظرينا.
والميدان يتحدث عنها وله القرار والتوصيف.
اما سوى ذلك فتكرار لما كان وما كان ماض وانقضى.
ميخائيل عوض
بيروت : 12 / 6 / 2024م