التدوير الوظيفي

التدوير الوظيفي

يُعدّ التدوير الوظيفي أحد التقنيات الإدارية الحديثة التي تلجأ المؤسسات في تطبيقه؛ في إطار إحداث نوع من التغيير والتطوير المنظومي؛لما له من مزايا وفوائد تعود على الفرد والمؤسسة بأكملها. ويتم التدوير الوظيفي بنقل الموظف بين مستويين وظيفيين أفقيا أو رأسيا سواء علىمستوى الوحدة الواحدة، أو بين المستويات الوظيفية المختلفة داخل المنظمة، كما يمكن تفعيله في المجالات الإدارية، الإشرفية، والفنية أيضا. إنّ تجربة جامعة نزوى في تطبيق التدوير الوظيفي، أنموذجا يُحتذى به للتطوير التنظيمي، حيث اعتمدت الجامعة آليات العمل به، وفقمعايير محددة لكل مستوى وظيفي؛ حرصا منها على تنظيم وتأطير ممارساتها؛ ولتحقيق التميز والجودة في العمل المؤسسي. ومن خلالالمقالة الحالية، سيتم التطرق إلى أهم المزايا التي يحققها التدوير الوظيفي داخل المؤسسات بصفة عامة، وفقا للآتي: - التطوير والتجديد المؤسسي: تسعى المؤسسات لإحداث التطوير والتجديد في ممارساتها وتحديث أنظمتها؛ استجابة للمستحداثالعالمية في أبعاد ومجالات العمل المؤسسي كافة، بما ينعكس إيجابا على أداء أفرادها، ورفع إنتاجيتها. ويعتمد ذلك بدرجة كبيرة على فسحالمجال للعاملين على التنافس في تقديم مبادراتهم التطويرية من خلال مواقعهم الوظيفية الجديدة؛ للارتقاء بعمل المؤسسة. لذا فإن التدويرالوظيفي يُعدّ عاملًا مساعدًا لتحقيق ذلك التوجه، ووسيلة ناجعة لتحفيز الموظفين على الإبداع في أدائهم لأعمالهم، وتنظيمًا جيدًا للحراكالوظيفي في بيئة العمل التنظيمية. - تحقيق التنمية المستدامة: يشير التوجه العالمي إلى فاعلية النظرة الشمولية والتكاملية لأداء المؤسسات على اختلاف أنشطتها،ومراجعة أدوارها في تحقيق التنمية الشاملة: السياسة، الاقتصادية، والاجتماعية، الأمر الذي يتطلب معه استثمار وتوظيف الموارد البشرية،التي يُعتمد عليها في تحقيق الأهداف التنموية، بما يلبي غايات وتطلعات الأفراد والمجتمع معًا. ويأتي التدوير الوظيفي كاستراتيجية ملائمة؛لتوفير احتياجات المجتمع من الكوادر الوطنية المؤهلة والمدربة، في التخصصات المختلفة، والمهارات المطلوبة كمًا وكيفًا، على أن يكون وفقخطط مدروسة ومتوازنة. - التدريب والتنمية المهنية أثناء الخدمة: في ظل التحديات العالمية التي يفرضها التقدم العلمي والتكنولوجي، تأتي أهمية الاهتمامبالمورد البشري، ورفع كفاءته، بما يمكنه من المساهمة الفاعلة في البحث عن الحلول للقضايا والمشكلات المعاصرة، إذ يوفر التدوير الوظيفيتجربة حقيقية وواقعية لصقل مهارات وتنمية قدرات العاملين في المؤسسة؛ للإلمام بالخبرات والمعارف المرتبطة بأكثر من مجال أو موقع وظيفيداخل المنظمة، كما يتيح لهم فرصة اختبار قدراتهم في التعامل مع التحديات، التي تعترض تحقيق الأهداف الوظيفية. - إبراز المواهب والقدرات الكامنة لدى الموظف: يتيح التدوير الوظيفي مجالًا لأصحاب المواهب، الذين يملكون طاقات خلاقة، وقدراتإبداعية فريدة، فرصة جيدة لإبراز مهاراتهم في أكثر من موقع أو مستوى وظيفي. كما يُعد ذلك وسيلة لاكتشاف تلك الإمكانات، وأداة لشحذالهمم؛ لتقديم أقصى ما لدى الموظف من قدرات، تمثل قيمة مضافة تمتلكها المؤسسة، وتستفيد منها في تبادل المهارات والخبرات بينالموظفين، على اختلاف مواقعهم. - التخطيط التعاقبي: من خلال هذه الميزة التي يحققها التدوير الوظيفي، فإن المؤسسة تضمن وجود الصف الثاني من القادة، ومنالأفراد الممكين في مجالات العمل المختلفة، وامتلاكها من الخبرات الكافية، بما يساعدها على مواجهة أي تغيرات غير متوقعة بين صفوفمنسوبيها. إذ تصبح المؤسسة في جاهزية وتأهب دائم، في حال انتقال بعض الموظفين - ذات الخبرات منهم خاصة- إلى مؤسسات أخرى،أو نتيجة خروج البعض للتقاعد، أو لأسباب أخرى بفعل الإصابات والحالات الطارئة المفاجئة. - سد النقص في بعض المهارات المطلوبة: قد يحدث في حالات ما، توفر كوادر تملك مهارات متعددة في قطاع ما، بما يفوق احتياجذلك القطاع، يقابله نقص في قطاع آخر. لذا تلجأ المؤسسات إلى سد ذلك النقص، بالتدوير الداخلي بين موظفيها؛ لتحقيق التكامل، وسدالعجز في بعض الجوانب المهارية أو التخصصية، دون الحاجة للتوظيف الجديد، أو الاستعانة بعقود العمل الجزئي، أو غيره من الأساليبالتي تلقي بأعباء مالية إضافية على المؤسسة، عملًا بمبدأ الإدارة الحكيمة، والاستغلال الأمثل لموارد المؤسسة المالية. - القضاء على الرتابة والروتين والملل: إن بقاء الفرد في موقع وظيفي واحد لمدة طويلة، بمثابة موت بطئ لذلك الفرد، ودحض للإبداعالفردي، وقتل للدافعية مع مرور السنين؛ نتيجة فقدان عنصر التجديد والتنويع. فالتدوير الوظيفي يقضي على الملل والحياة الرتيبة في بيئةالعمل، كما أنه اسلوب لضخ دماء جديدة في أماكن مختلفة من المؤسسة، وهو محرك للدوافع الداخلية للفرد للاستمرار في التميز، بلومضاعفته في مواقع وظيفية أخرى. وفي هذا المجال، ووفقا لخبرات بعض الدول التي تميزت، في ذلك، فإن (4-5) سنوات كافية لبقاءالموظف في منصب وظيفي معين، خاصة في بعض المناصب الإدارية والقيادية. - تحقيق الرضا الوظيفي: إنّ من العوامل التي تؤثر على استقرار واستغراق الموظفين في أعمالهم: الرضا الوظيفي. وبحسب ما أشارتإليه نتائج العديد من الدراسات بوجود علاقة موجبة طردية بين الرضا الوظيفي والاستغراق الوظيفي، فإن المؤسسات تولي هذا الموضوعاهتمامًا، من خلال مراجعة كافة الأبعاد التي من شأنها أن ترفع من درجة الصحة التنظيمية داخل المؤسسة، وبما يشعر معه الموظفونبالأمان، فيمارسون مهامهم براحة نفسية عالية، وبالتالي يتولد لديهم الولاء تجاه المؤسسة التي يعملون بها، والرغبة للبقاء فيها فترة طويلة،دون الحاجة للتفكير في البحث عن فرص وظيفية أخرى. من هنا يأتي التدوير الوظيفي ليحقق تطلعات الموظفين؛ في التقدم والترقيالوظيفي، ومجالًا خصبًا لإشباع رغبات البعض منهم، في تقلد مناصب إدارية، وإشرافية معينة، فيتولد لديهم مستوى عالٍ من الرضاالوظيفي اتجاه المؤسسة التي ينتمون إليها. - القضاء على البيروقراطية: إنّ بقاء بعض الأفراد في مناصبهم الإدارية أو القيادية فترة طويلة، يولد لديهم إحساسًا بتملك تلكالمناصب، فيسلكون سلوكًا إداريًّا يتسم بالتسلطية والعنجهية، كالتفرد بالرأي، وإصدار الأوامر، والنظرة الفوقية على الموظفين. أو يأتونبأفعالٍ مستميتة لاستقصاء الكوادر المخلصة والمجيدة، التي يظنون أنها تهدد بقائهم، فيختلقون حروبًا؛ للحفاظ على الكرسي الوظيفي الذييستمدون منه سلطتهم على الآخرين.  لذا فإن المنظمات من خلال تطبيق التدوير الوظيفي، تبث رسالة مفادها: أن المناصب ليست ملكًا ولاحكرًا لأحد، وليست دائمة ما دام الفرد باقٍ في المؤسسة، وليست شرطا للترقي في السلم الوظيفي، بل هو تكليف وقتي مُتاح لكل من تنطبقعليه الشروط والمعايير، كما أنها فرصة لإنهاء فترة تقلد أحدهم لتلك المناصب، متى ما أخل بمتطلبات الوظيفة، أو التقصير في واجباته التيترتجيها منه المؤسسة. وفي ضوء ما تقدم، فإنه لا يمكن تجاهل إحتمالية حدوث مقاومة لأي تغيير تحدثه المنظمة في هيكلتها، أو عدم الرضا اتجاه أي قرارات قدتصدرها، فقد تٌقابل تلك الجهود بالرفض أو الاستهجان من قبل بعض الموظفين، إما نتيجة قلة الوعي بفلسفة المنظمة في مجال التغييروالتطوير، أو النقص المعرفي بمبدأ التغيير وغاياته، وفوائده، أو القصور في تهيئة ذوي العلاقة والمستفيدين بالتغيير ذاته. ختامًا: في إطار سعي المؤسسات الحديثة لتطبيق اسلوب التدوير الوظيفي، كأحد الأساليب التي تهدف إلى تطوير الأداء، وزيادة الإنتاجية،فإنها تُشَرّع استراتيجيات تطبيقه، بالدرجة التي تجعله ناجحًا بدرجة كبيرة، وبما يحقق ديمومتها، ويجدد نشاطها. لذا فهي تحرص علىتهيئة موظفيها بالفلسفة التي تسير عليها؛ لضمان دعمهم في تطبيق نهجها الحديث، وتوضيح مبررات تلك المنهجية في قيادتها الإدارية، معتضمين تلك السياسة في وثائقها، وتحديد آلية تنفيذها، والحرص على نشرها، مع تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة؛ للوصول بكفاءة وجدارةإلى رؤيتها الاستراتيجية.  د. رضية بنت سليمان بن ناصر الحبسية/ أستاذ الإدارة التربوية المساعد بقسم التربية والدراسات الإنسانية

الأربعاء المقبل..مجلس الدولة يحتفل بيوم المرأة العمانية

الأربعاء المقبل..مجلس الدولة يحتفل بيوم المرأة العمانية

   يحتفل مجلس الدولة الاربعاء المقبل بيوم المرأة العُمانية، وذلك تحت رعاية المكرمة الدكتورة بدرية بنت إبراهيم الشحيةنائبة رئيس مجلس الدولة، في قاعة البستان بالمجلس، وبحضور عدد من المكرمات عضوات المجلس ، يأتي ذلك في إطاراحتفاء سلطنة عُمان بمختلف مؤسساتها الحكومية والخاصة بهذه المناسبة . وسوف يتناول الحفل مجموعة من الفقرات تتضمن كلمة تلقيها راعية الحفل، وفيلما مرئيا يبرز اهتمام المقام السامي - أعزه الله – بكل ما من شأنه دعم مسيرة المرأة في التنمية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الفقرات الترفيهية للحضور. آمنة المعولية

Page 1885 of 8387 1 1٬884 1٬885 1٬886 8٬387

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

You cannot copy content of this page