صباحكم/مساءكم :


نكهة الحلم ولون الورد وطعم السكر.



أيها العابرون من هنا بخطى يثقلها ماء المطر ،،كم أشتهي أن تطووا مظلاتكم وتركنوها جانبا ،وتشاركوني الهطول حد الفيضان،الرقص حد الإغماء،أن نلهو معا بطين الأرض المبلل ،نشمه كرضيع يبحث فيه عن عطر أمه،ونتعرف على روائح جميع من بعثروا بقاياهم فيه،نفند فيه رفات الجثث ونعزل غبار طلع الأزهار ،ونفصل رماد الحرائق ... نتوحد مع كل ذلك ونبني منه قصورا بقامة الحلم وعمق الفرح.


هنا يا أصدقائي –من قرروا الاستغناء عن مظلاتهم فقط –سنراقب سلمى ،،، دعوني أخبركم عن سلمى...سلمى فتاة مراهقة ،صغيرة كبيرة ، عاقلة مجنونة،بسيطة معقدة ،ولن نختلف أبدا بأنها كالكثير من مثيلاتها في السن ،مراهقة ساذجة ،هشاشتها العاطفية تتعدى حدود الحرص والتردد.


هنا ،سأحدثكم كثيرا عن سلمى ،وستتحدث هي عن نفسها أكثر ، سنتلصص معا على مذكراتها ،سنسرق خواطرها،أسرارها ،أفكارها ولن نسرق أحلامها فهي لها وحدها،ولكننا سنشاركها الحلم فقط ،الحلم في علبة ضيقة كسجن و واسعة كأفق.


أما أنا فلست سوى وسيط بينكم وبين سلمى ،سأقوم بدور الجدة –سأسرد القصة-وأشك أني سأؤدي الدور بمهارة الجدات ولكن دعوني أحاول ،وقبل ذلك أريد أن أطلب من صديقاتي اللاتي سيتطفلن على هذه الصفحة،،،رجاءا لا ترمقنني بتلك النظرة الخبيثة ،هذه قصة سلمى وليست قصتي.


أؤكد لكم أن ذلك لن يرضي سلمى أبدا فهي كما ستلاحظون لاحقا ،جداَ متفردة .


أنا هنا لأراقبها ،أسخر منها،أناقضها،أتفق معها،ولا أنكر أبدا أنني أشاركها أحيانا السذاجة و قد أفوقها فيها .


دعونا من كل هذا الآن ،،،ولنبدأ رحلتنا مع سلمى.



- لم تكن الحرية أكثر من حقها في أن تحلم-



بدأت قصة سلمى في سن الإرهاق ،،، أرادت سلمى أن تحب –عفوا- لم ترغب في أن تحب ،ولكن أن تكون طاعنة في الحب ، أن تحب بكلها ،أن تجرب قلبها بكل خلاياه ،أن تملأها خلية خلية ،أن تجرب صوتها أمام من ستحب ،تجرب دموعها،تجرب صمتها...أن تنتفض لرائحته، أن تضيع في حضوره، كانت لا تريد أن تصنع قصة حب ،ولكن أسطورة حب،تصل بها لحدود الخرافة .


كانت أحلامها جدا شاهقة ، بهكذا رغبة ولدت قصة سلمى مع الحب ،كانت تختلي أحيانا بدفترها لتكتب مواصفات من ستحب ، وتعدلها باستمرار، وما أجمل أن نمتلئ بالأحلام وما أقسى أن نفرغ منها ، لا شيء أروع من أن يستعمرك حلم مهما ظنه الآخرون سطحيا وساذجا،ولا خسارة أعظم من أن نكف عن الحلم.


هنا بعض ما كتبت سلمى :


*أريده رجلا وليس ذكرا ،رجلا تتغير له و به ومعه الأقدار ،لا تتجرأ سخرية القدر أو لعنة العوائق على التنفس في هيبة حضوره.


*يجب أن يكون بقامة طويلة –أطول مني على الأقل-.


*أريده رساما ،ينقل لي على الورق ذاكرته،تاريخه ،أحلامه،وجعه ،صمته ،صخبه ،أن تنطق لوحاته بما لا تبوح به لغة ولا يسعه صمت ، وعلى يده أتعلم الغناء بلون رمادي،والحزن بلون وردي، والحب بلون لم يخلق إلا بفرشاته.


*أفضله أسمرا –كزوربا مثلا-


*أن يدمن المطر والسفر –مثلي تماما-أن يعشق الأرض ولا ينظر إليها ،تغريه السماء ولا يرفع رأسه نحوها إلا حين تمطر.


*أن لا تكون أصابعه قصيرة ، وأن لا يكون إبهامه عريضا ،يستحيل أن أحب مخلوقا بإبهام عريض.


*أن يكون طفلا وأكون أمه ،وعلى يدي و بشقائه بي يتحول إلى رجل معجزة ،لا تستطيع إمراة بعدي ترويضه،ويعصى على أي مخلوق عداي امتطاء صهوته.


*أن يشبهني حد التطابق ،،،أن يختلف عني حد التناقض ،،،كيف؟!!! لاأدري ، فقط أريده هكذا،يجمع الأضداد بتناغم .


*لا مانع عندي في أن يكون مدخنا،ولكن ليس مدخن جبان ،أن لا يدخن هربا من لعنة الحياة ،ولكن يدخن لعنة بالحياة ،ينفذ الدخان بكبرياء في وجهها ،وينفث معه كل السواد ، كل الوجع،كل الآهات ،ولا يبقى في جوفه إلا البياض،حتى وإن كان بياض قاتل ،بلفافة التبغ تلك ،سينفث الجميع-حتى نفسه-وأبقى وحدي عالقة في صدره ولا يخرجني منه تبغ العالم أجمع.


*أريده مجنونا ،لا يملك من العقل إلا شبهة إدعائه،منتشيا بكل شيء،لا يهاب شيئا إلا المطر بدوني ،لا أريده شرقيا غبيا مثلهم ،يرضع التناقضات منذ زمن المهد ،أريده ثائرا على أرضهم المشحونة بالقيود والسخافات.


*أن يكون رجلا بلا تاريخ حقيقي ،وأكون أول من ترتقي قمة جبله،وأضع هناك راية تحمل اسمي وتاريخ ميلاده،ميلاده بي وبعدي،وألغي كل تاريخ قبله.


*أن لا يمكن إغراءه بشيء أكثر من كتاب أو أغنية لفيروز.



وتطول قائمة أحلام سلمى ولا تقصر ،هذا بعض ما سطوت عليه والباقي ...،،، صفوها بما شئتم ، أما أنا فلا أملك إلا أن أحسدها لأنها على الأقل من أثرياء الحلم .



-من أكبر السخافات التي قد نرتكبها هي أن نضع للحلم حدود-


سأجتهد أن يتبع ...